المنهج التاريخي فى البحث العلمى

أ / محمود الفرماوى

1ـ تعريف المنهج التاريخي:

يقصد بالمنهج التاريخي، هو"عبارة عن إعادة للماضي بواسطة جمع الأدلة وتقويمها، ومن ثم تمحيصها وأخيراً تأليفها؛ ليتم عرض الحقائق أولاً عرضاً صحيحاً في مدلولاتها وفي تأليفها، وحتى يتم التوصل حينئذٍإلى استنتاج مجموعة من النتائج ذات البراهين العلمية الواضحة

وهو أيضاً "ذلك البحث الذي يصف ويسجل ما مضى من وقائع وأحداث الماضي ويدرسها ويفسرها ويحللها على أسس علمية منهجية ودقيقة؛ بقصد التوصل إلى حقائق وتعميمات تساعدنا في فهم الحاضر على ضوء الماضي والتنبؤ بالمستقبل

كما يعرف، بأنه ذلك المنهج المعني بوصف الأحداث التي وقعت في الماضي وصفاً كيفياً، يتناول رصد عناصرها وتحليلها ومناقشتها وتفسيرها،والاستناد على ذلك الوصف في استيعاب الواقع الحالي، وتوقع اتجاهاتها المستقبلية القريبة والبعيدة.

2ـ أهمية المنهج التاريخي:

على ضوء التعاريف السابقة للمنهج التاريخي، يمكن إبراز أهمية هذا المنهج :

أ ــ يمكّن استخدام المنهج التاريخي في حل مشكلات معاصرة على ضوء خبرات الماضي.

ب ــ يساعد على إلقاء الضوء على اتجاهات حاضرة ومستقبلية .

جـ ــ يؤكدالأهمية النسبية للتفاعلات المختلفة التي توجد في الأزمنة الماضية وتأثيرها.

دــ يتيح الفرصة لإعادة تقييم البيانات بالنسبة لفروض معينة أو نظريات أو تعميمات ظهرت في الزمن الحاضر دون الماضي.

3 ـ خطوات تطبيق المنهج التاريخي:

يتبع الباحث الذي يريد دراسة ظاهرة حدثت في الماضي بواسطة المنهج التاريخي الخطوات التالية :

أ ــ توضيح ماهية مشكلة البحث:

أي تحديد مشكلة البحث التاريخية : يتطلب توضيح ماهية مشكلة البحث تناول خطوات الأسلوب العلمي في البحث، وهي: التمهيد للموضوع، وتحديده، وصياغة أسئلة له،وفرض الفروض، وأهداف البحث، وأهمية البحث، والإطار النظري للبحث، وحدوده، وجوانب القصور فيه، ومصطلحات البحث و تحديد الظاهرة أو الحادثة التاريخية المراد دراستها

ويتم هذا التحديد وفق نسقين محددين:

البعد المكاني :

للظاهرة كأن نقول الثورة الجزائرية.

المجال الزماني:

كأن نقول الثورة الجزائرية 1954م – 1962م.

ويشترط في مشكلة البحث توافر شروط، من مثل:

أهميتها،ومناسبة المنهج التاريخي لها، وتوافر الإمكانات اللازمة

. وأهمية النتائج التي سيتوصل إليها الباحث.

ب ــ جمع البيانات اللازمة :

أي جمع المادة التاريخية:

وهذه الخطوة تتطلب مراجعة المصادر الأولية والثانوية،واختيار البيانات التي ترتبط بمشكلة بحثه. ومما تجدر الإشارة إليه هنا، أن على الباحث التمييز بين نوعي المصادر. إذ تتمثل المصادر الأولية في السجلات والوثائق،والآثار. وتتمثل المصادر الثانوية في الصحف والمجلات، وشهود العيان، والمذكرات والسير الذاتية، والدراسات السابقة، والكتابات الأدبية، والأعمال الفنية، والقصص،والقصائد، والأمثال، والأعمال والألعاب والرقصات المتوارثة، والتسجيلات الإذاعية،والتلفزيونية، وأشرطة التسجيل، وأشرطة الفيديو، والنشرات، والكتب، والدوريات،والرسومات التوضيحية، والخرائط.

ج ــ نقد مصادر البيانات:

وتتطلب هذه الخطوة فحص الباحث للبيانات التي جمعها بواسطة نقدها، والتأكد من مدى فائدتها لبحثه. ويوجد نوعان للنقد، الأول، ويسمى بالنقدالخارجي، والثاني، ويسمى بالنقد الداخلي. ولكل منهما توصيف خاص به على النحوالتالي:

- النقد الخارجي :

ويتمثل في إجابة الباحث عن الأسئلة التالية:

هل كتبت الوثيقة بعدالحادث مباشرة أم بعد مرور فترة زمنية؟

هل هناك ما يشير إلى عدم موضوعية كاتب الوثيقة ؟

هل كان الكاتب في صحة جيدة في أثناء كتابة الوثيقة؟

هل كانت الظروف التي تمت فيها كتابة الوثيقة تسمح بحرية الكتابة؟

هل هناك تناقض في محتويات الوثيقة؟

هل تتفق الوثيقة في معلوماتها مع وثائق أخرى صادقة؟

 النقد الداخلي :

ويتمثل في إجابة الباحث عن الأسئلة التالية:

هل تمت كتابة الوثيقة بخط صاحبها أم بخط شخص آخر؟

هل تتحدث الوثيقة بلغة العصر الذي كتب فيه؟

أم تتحدثبمفاهيم ولغة مختلفة؟

هل كتبت الوثيقة على مواد مرتبطة بالعصر أم على ورق حديث؟

هل هناك تغيير أم شطب أم إضافات فيالوثيقة ؟

هل تتحدث الوثيقة عن أشياء لم تكن معروفة في ذلك العصر؟

هل يعتبر المؤلف مؤهلاً للكتابة فيموضوع الوثيقة؟

د ـ تسجيل نتائج البحث وتفسيرها:

وهذه الخطوة تتطلب من الباحث أن يعرض النتائج التي توصلإليها البحث تبعاً لأهداف أو أسئلة البحث مع مناقشتها وتفسيرها. وغالباً ما يتبع الباحث عند كتابة نتائج بحثه ترتيب زمني أو جغرافي أو موضوعي يتناسب ومشكلة البحث محل الدراسة.

هـ ـ ملخص البحث: وهذه هي الخطوة الأخيرة من خطوات المنهج التاريخي، وتتطلب أن يعرض الباحث ملخصاً لما تم عرضه فيالجزء النظري والميداني في البحث، كما يقدم توصيات البحث التي توصل إليها، ومقترحات لبحوث مستقبلية.

4-أدوات جمع المعلومات في المنهج التاريخي:

-الملاحظة التحليلية الناقدة للمصادر التاريخية.

-تحليل للمادة التاريخية باستخدام الاجهزة والوسائل التكنولوجية للكشف عن صحة أو زيف المادة التاريخية .

-المقابلات الشخصية لشهود العيان والقنوات الناقلة للحوادث والاخبار. -إستطلاعات الرأي والاستبيانات.

صياغة الفروض في المادة التاريخية: يعتمد البحث التاريخي غيره من مناهج البحث على الفرضية أو الفرضيات لتساعده في تحديد مسار وإتجاه البحث وتوجهه الفرضية الى جمع المعلومات الضرورية واللازمة للفرضية وبعد فحصها ونقدها يقوم بتعديل فرضية البحث على ضوئها والبناء عليها وبعد ذلك إستخلاص الحقائق ووضع النتائج، وعادة ما تتعدد الفروض في الدرسات التاريخية على اعتبار أن معظم أحداث التاريخ لا يمكن تضيقها بشكل موضوعي بسبب واحد وهو أن الاحداث التاريخية معقدة ومتداخلة ويصعب ربطها بسبب واحد.

مثلا: ..... كتابة وتركيب البحث التاريخي: إن تقرير البحث التاريخي لا يختلف في مواصفاته عن غيره من تقارير الابحاث الأخرى

فهناك إعتبارات أساسية في كتابة البحث التاريخي منها:

1 . كتابة الحقائق التاريخية على بطاقات أو مذكرات خاصة بشكل حقائق مرتبة على أساس تسلسلي زمني من الماضي إلى الحاضر.

2 . دراسة البيانات التاريخية وتحليلها مع التركيز على إظهار علاقات ..... والنتيجة للحوادث والعوامل المدروسة.

5 . كتابة تقرير البحث يكون على أساس العناصر التالية:

أ‌- المقدمة التمهيدية بما فيها من فرضيات و الاشكال المطروح

ب‌-الدراسات السابقة للبحث.

ت‌-أهداف وأسئلة فرضيات البحث. ث‌-منهجية البحث للاجابة عن الاسئلة واختيار الفرضيات بواسطة المنطق أو بالأدوات والوسائل النقدية المناسبة.

ج‌- عرض الحقائق والبراهين والدلائل التاريخية للتحليل والتقدير وإخراج النتائج والتوصيات للمستقبل

6ـ مزايا وعيوب المنهج التاريخي:

أ ـ مزايا المنهج التاريخي:

- يعتمد المنهج التاريخي الأسلوب العلمي في البحث. فالباحث يتبع خطوات الأسلوب العلمي مرتبة، وهي: الشعوربالمشكلة، وتحديدها، وصياغة الفروض المناسبة، ومراجعة الكتابات السابقة، وتحليلالنتائج وتفسيرها وتعميمها.

- اعتماد الباحث على المصادرالأولية والثانوية لجمع البيانات ذات الصلة بمشكلة البحث لا يمثل نقطة ضعف في البحثإذا ما تم القيام بالنقد الداخلي والنقد الخارجي لهذه المصادر.

ب ـ عيوب المنهج التاريخي:

-أن المعرفة التاريخية ليست كاملة، بل تقدم صورة جزئية للماضي؛ نظرا ًلطبيعة هذه المعرفة المتعلقة بالماضي، ولطبيعة المصادر التاريخية وتعرضها للعوامل التي تقلل من درجة الثقة بها، من مثل: التلف والتزوير والتحيز .

- صعوبة تطبيق الأسلوب العلمي في البحث في الظاهرةالتاريخية محل الدراسة؛ نظراً لأن دراستها بواسطة المنهج التاريخي يتطلب أسلوباًمختلفاً وتفسيراً مختلفاً.

- صعوبة تكوين الفروض والتحقق من صحتها؛ وذلك لأن البيانات التاريخية معقدة، إذ يصعب تحديد علاقة السبب بالنتيجةعلى غرار ما يحدث في العلوم الطبيعية.

- صعوبة إخضاع البيانات التاريخية للتجريب، الأمر الذي يجعل الباحث يكتفي بإجراء النقد بنوعية الداخلي والخارجي.

- صعوبة التعميم والتنبؤ؛ وذلك لارتباط الظواهر التاريخية بظروف زمنية ومكانية محددة يصعب تكرارها مرة أخرى من جهة، كما يصعب على المؤرخين توقع المستقبل.

 

 

 

المصدر: المراجع 1) د/ديو بولد ب فان دالين : مناهج البحث في التربية وعلم النفس 1985 م – مكتبة الانجلو المصرية – القاهرة د/ ذوقان عبيدات – د/ عبد الرحمن عدس – د/ كايد عبد الحق : البحث العلمي مفهومه ، أدواته ، قياسه - دار محدولاي للنشر والتوزيع – عمان ل.ر.جاى تعريب د/ جابر عبد الحميد جابر : البحث التربوي 1993 م - دار النهضة العربية - القاهرة د/ صالح بن حمد العساف : المدخل إلى البحث في العلوم السلوكية الطبعة الأولى 1416 هـ / 1995م – مكتبة العبيكان – الرياض د/جابر عبد الحميد جابر،د/أحمد خيري كاظم:مناهج البحث في التربية وعلم النفس -1973م – دار النهضة لعربية – القاهرة 2) د/ فؤاد أبو حطب و د/ آمال صادق : مناهج البحث وطرق التحليل الإحصائي في العلوم النفسية والتربوية والاجتماعية - 1990م – مكتبة الأنجلو المصرية - القاهرة
elfaramawy

محمود الفرماوى

ساحة النقاش

NaserAdam

اريد بحث بعنوان المنهج التاريخي في الدراسات الانثروبولوجية

mahmoud elfaramawy

elfaramawy
أ / محمود الفرماوى 1- بكالوريوس تكنولوجيا التعليم كلية التربية النوعية جامعة عين شمس 2009م 2- ماجستير تكنولوجيا التعليم بكلية التربية جامعة العريش 3- باحث دكتوراة تكنولوجيا التعليم بكلية التربية جامعة العريش »

عدد زيارات الموقع

1,543,466

تسجيل الدخول

ابحث