<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]--><!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman";} </style> <![endif]--><!--<!--

تنوين التنكير وأثره فى إعراب الاسم وبنائه

دراسة فى الفكر النحوى

 

     

 د. أحمد محمد الصغير على

 

 

 

 

 

 

1 : الإطار العام

 1/1-موضوع البحث:

   يناقش هذا البحث فكرة أثر التعريف والتنكير فى إعراب الاسم العربى وبنائه، حيث يسعى الباحث إلى الوقوف على مدى إمكانية صلاحية التعريف والتنكير ليكونا علة من علل الإعراب والبناء:

                      التعريف   ç è     البناء .

                      التنكـير   ç è     الإعراب .

فقد عنى النحويون العرب بمسألة الإعراب والبناء فى أقسام الكلام العربى ، وترجع هذه العناية إلى وجود صلة وثيقة بين نظرية العامل النحوى وحركات الإعراب والبناء ؛ باعتبارها المظهر الأوحد الذى تتجلى من خلاله فكرة التأثير الإعرابى للعوامل فى الدرس النحوى(1) ، كما اهتم النحاة أيضا بتحديد علل إعراب الاسم العربى وبنائه، وأفردوا لهذه المسألة فى مصنفاتهم بابا يحمل مصطلح(المعرب والمبنى ) أو  ( الإعراب والبناء) ، كما تطرقوا إليها أيضا ضمن المصنفات التى تختص بالبحث فى العلل النحوية(2).

وقد حصر النحاة مجموعة العلل التى تؤثر فى بناء الاسم العربى ؛ لأنه من الثابت لديهم أن الإعراب أصل فى الاسم العربى ، وليس هذا الأصل فى حاجة إلىعلل تؤثر فى إعرابه ، ولهذا انصب البحث فى العلية-فيما يختص بالاسم- حول علل البناء وحدها دون علل الإعراب(3) .

وقد تبلورت تلك العلل فى جوهر واحد هو مشابهة الاسم للحرف فى ثبوته البنيوى، ومظاهر هذا الشبه عندهم ما يلى:

أ- الشبه الوضعى بين الاسم والحرف .

    الشبه المعنوى حيث يتضمن الاسم معنى من المعانى التى تدل عليها الحروف.

ج- الشبه الافتقارى: حيث يكون الاسم مفتقرا إلى جملة بعده .      

د- النيابة عن الفعل دون تأثير إعرابى كما هو الحال فى اسم الفعل.(4)

ولم ينص واحد من النحاة -فيما أعلم- على أن التعريف قد يكون علة من علل بناء الاسم ، أو أن التنكير قد يكون علة من علل إعرابه، بل تفهم هذه الفكرة ضمنا من خلال حديثهم حول نوع معين من أنواع التنوين وهو المسمى عندهم (تنوين التنكير)، وقد رصد لنا (سيبويهِ) بعض النماذج التى يكون التنوين فيها دليلا على التنكير، ويكون ترك التنوين فيها دليلا على التعريف نحو:

            - يا فاسقُ الخبيث.              ç      معرفة.

            - هذا عمرويه ، وعمرويهٍ آخر.  ç      معرفة + نكرة.

            - أبدأ بهذا قبلاً.                  ç     نكرة .

            - فداءٍ لك.                       ç      نكرة.(5) 

وقد حدد سيبويهِ معايير التعريف والتنكير فى هذه النماذج على النحو التالى:

 أ- ما يكون من هذه النماذج ونحوها معرفة يترك فيه التنوين؛لأنه لا يكون الاسم المشبه  للأصوات  معرفة إلا إذا ترك فيه التنوين.

ب- ما يكون منها نكرة ينون؛لأنه لا يكون الاسم المشبه للأصوات نكرة إلا لحقه التنوين.(6)

وقد تتبع النحاة فكرة (تنوين التنكير) ، فرصدوا أنماطها فى الأبواب النحوية المختلفة، فوجدوا أنها تنحصر فى الأبواب الآتية:

1-        العلم الأعجمى :مثل ( سيويهِ ).  

2-        العلم الممنوع من الصرف:مثل ( أحمدَ   ، أحمدٍ ).

3-        اسم الفعل :مثل ( صهْ ، صه )ٍ.

4-        اسم الصوت:مثل (غاقِ ، غاقٍ ).

5-        الظرف:مثل (  فينة َ،  فينة ً).(7)

والأمر الذى يصل هذه الأبواب الخمسة معا برحم وثيقة هو( تنوين التنكير) اللاحق للأسماء المبنية فرقا بين معرفتها و نكرتها،  وبهذا يكون هذا الباب مظهرا أساسيا فى الدرس النحوى تتجلى من خلاله فكرة تأثير التعريف والتنكير فى الإعراب والبناء.

ومع عناية بعض المحدثين المعاصرين بدراسة الظواهر النحوية، وتتبع ما قد ينشأ بينها من علاقات بنيوية وتركيبية، وانطلاقا من فكرة ( تنوين التنكير) التى رصدها النحاة القدماء، فقد حاول بعضهم تعميم تلك الفكرة-أى تأثير التعريف والتنكير فى الإعراب والبناء- على أبواب النحو العربى بشكل عام ، تجاوزوا بها مرحلة تنوين التنكير.

وقد اهتم بهذا الأمر اثنان من المحدثين المعاصرين وهما:الأستاذ الدكتور/أحمد سليمان ياقوت فى كتابه:(فى علم اللغة التقابلى) ، والأستاذ الدكتور/أحمد عفيفى فى كتابه:( التعريف والتنكير فى النحو العربى دراسة فى الوظيفة والتأثير فى الأسماء إعرابا وبناء) . حيث حاولا جعل فكرة تنوين التنكير ظاهرة جديرة بالبحث والدراسة ، تصلح لأن تكون نظرية جديدة فى الدرس النحوى إذا ما تم توسيع إطارها أو الحكم لها بالاطراد فى الأبواب النحوية ، وقد جعلا لذلك التعميم معيارا ثابتا عندهما هو:

أولا : المعارف يطرد فيها البناء ؛ لأنها لما كانت واضحة البيان بذاتها محددة لمدلولها، متفقا على أشكالها ومبانيها ، فناسبها البناء والثبوت الشكلى للمبنى الصرفى ، الذى لا تتغير فيه الأشكال والأبنية مهما تغيرت العوامل أو اختلفت الرتب والمواقع .

ثانيا:النكرات يطرد فيها الإعراب ؛ لأنها لما كانت مبهمة غير معينة لشيوعها فى جنسها ناسبها الإعراب الذى هو مظهر شكلى دال على الإيضاح والتفسير وإزالة الإبهام ، فهو بمثابة المعوض الشكلى عما يعترى الاسم من الشيوع والتنكير على المستوى الدلالى  .

ويحاول هذا البحث إعادة النظر فى هذا الموضوع لتعرف مدى إمكانية صلاحية التعريف والتنكير علة من علل إعراب الاسم وبنائه، ومدى إمكانية تعميم تلك الفكرة والحكم عليها بالاطراد فى الأسماء العربية بكافة صورها وأبنيتها الصرفية.

 

2/1-أهداف البحث:

من خلال ما سبق عرضه ، فإن هذه الدراسة تهدف إلى:

أ- إعادة النظر فى مدى إمكانية تأثير التعريف والتنكير فى إعراب الاسم وبنائه، وذلك من خلال مناقشة فكرة تنوين التنكير فى الدرس النحوى باعتبارها المظهر الأوحد لهذا النوع من التأثير.

ب- مناقشة من تصدى من المحدثين المعاصرين لمحاولة تعميم تلك الفكرة وتوسيع إطارها لتشمل الأبنية الاسمية بشكل عام.

 

3/1- مصادر البحث:

يعتمد البحث فى مادته اللغوية (عينة الدراسة)على نوعين من المصادر:

أ- كتب النحو التى تهتم برصد مظاهر الإعراب والبناء فى الاسم العربى،وكتب العلل النحوية التى تهتم برصد علل (الإعراب والبناء )،وفى مقدمتها: الكتاب لسيبويهِ ، والمقتضب للمبرد ، والأصول فى النحو لابن السراج، والإيضاح فى علل النحو للزجاجى، والكافية لابن الحاجب ، وأسرار العربية لابن الأنبارى ،  وكشف المشكل للحيدرة.

ب- كتابات المحدثين التى عنيت بفكرة التنوين ، والإعراب والبناء ومن أمثلتها:

(فى علم اللغة التقابلى) للدكتور أحمد سليمان ياقوت ، و (التعريف والتنكير فى النحو العربى) للدكتور أحمد عفيفى،و (اسم الفعل فى كلام العرب) ، و( ظاهرة التنوين فى اللغة العربية) للدكتور عوض المرسى. وقد عولجت عينة البحث من هذين المصدرين على ضوء آراء النحاة، ورؤية الباحث الشخصية فى هذا الموضوع.

4/1- منهج البحث :

لما كان هذا البحث معنيا بتتبع العينة العلمية فى الفكر النحوى على ضوء النظرية النحوية العربية، فقد نهج الباحث ما يلى:

أولا: تعرف آراء النحاة من خلال تتبع الفكرة، والوقوف على مدى تطورها عبر العصور النحوية، وتوضيح أبعادها.

ثانيا: تحليل الآراء التى تناولت هذه الفكرة ونقدها للوصول إلى ما يهدف إليه هذا البحث عن طريق رصد العينة، وتوضيح أبعادها، والوقوف على مواطن الاطراد فيها ورصد ما لا يندرج تحتها من الأبنية الاسمية.

 

5/1- خطة البحث :

يتضمن الإطار العام للبحث عرض موضوع البحث ،وتوضيح أبعاد الفكرة،كما يعرض للأهداف الأساسية من وراء فكرة البحث ، ويحدد مصادره الأساسية التى يستقى من خلالها عينة الدراسة،ثم يحدد بعد ذلك المنهج المتبع فى إجراءات البحث، والحدود التى تعالج من خلالها فكرة البحث ،ثم يحاول الباحث دراسة تنوين التنكير على ضوء النظرية النحوية العربية ، و نقد هذه الفكرة وتحليلها فى المنظور النحوى القديم ، وإعادة النظر فى مدى ثبوتها أمام الواقع اللغوى ، وهنا يتجه الباحث إلى مناقشة مشكلة التعليل الجديد لإعراب الاسم وبنائه ، فى ضوء  محاولة  كل من د. أحمد سليمان  ياقوت ، ود.أحمد عفيفى تعميم تلك الفكرة على أبواب النحو ، والحكم باطرادها فى الدرس النحوى ، من خلال آرائهما ، والأسس التى وضعاها لتحقيق اطراد الفكرة فى الأسماء، ويكون نقد محاولة تعميم الفكرة وتحليلها من خلال المصادر النحوية، والأدلة العقلية والشواهد النحوية.

 

2 - تنوين التنكير على ضوء اتجاهات النحويين :

1/2- المنظور القديم :

لم يكن المنظور النحوى القديم يسعى فى المقام الأول إلى رصد العلاقات التركيبية بين الظواهر النحوية فى الدرس النحوى ، بقدر ما كان يسعى إلى تحديد مظاهر التأثير الإعرابى  ، وتأصيل مقولات:( التعريف، التنكير، الإعراب، البناء، التذكير، التأنيث، الاشتقاق ، الجمود ، المُعَرَّب ،الدخيل )، وتوزيعها وفق مقاييس منطقية ولغوية على أقسام الكلام فى الدرس النحوى .فحين بحث النحاة مسألة الأصالة والفرعية فى الاسم العربى ، كانت مقاييسهم فى المقام الأول معيارية معتمدة على التصورات المنطقية العقلية. فهم حين أصلوا للاسم العربى جعلوه مستحقا للأصول التالية:

                   (التنكير ، الإعراب ، التذكير ). (8)

وقد كانت مقاييس هذا التأصيل -فى أغلب الظن - قائمة على الأمور التالية :

أولا - الاعتماد على التصورات العقلية المنطقية - بصرف النظر عن واقعية اللغة – حيث احتكم القدماء إلى أسبقية الوجود على مستوى اللفظ دون أن يحتكموا إلى مبررات التداول والاستعمال اللغوى، فكان الاسم بأسبقية الوجود والأولية اللغوية:( نكرة، معربا ، مذكرا) ، فى مقابل ما يطرأ عليه من طوارئ( التعريف أو التأنيث أو موجبات البناء).   

ثانيا- إثبات القواعد المنطقية الخاصة بتقسيم الموجودات – التقسيم الأفلاطوني - فى وضع أحكام التأصيل اللغوى ، حيث قسموا المعرب والمبنى وفقا لتقسيم المناطقة للموجودات ، فاستحق الاسم الإعراب لأنه مؤثر فى الأحداث ؛ وتقوم من خلالها العلاقات فهى أهم الموجودات ،واستحق الحرف للبناء لأنه أضعف الموجودات وهو الذى يتأثر بالموجودات فى وضعية حروفه ، واستحق الفعل للتراوح بين الإعراب والبناء لأنه وسط بين الموجودات لأنه الحد ث الصادر عن الذوات (الأسماء).(9)

فالنحاة لم يكونوا معنيين فى المقام الأول برصد دلالات الظواهر اللغوية ، بقدر ما كانوا معنيين برصد الظاهرة ذاتها ،غير أن التأصيل اللغوى للأسماء ، كان هو الدافع للنحاة القدماء نحو رصد العلاقات التركيبية المتبادلة بين المظاهر التى تعترى الاسم العربى ، فرصدوا فى بعض الأبواب النحوية تأثيرا دلاليا بين: ( الإعراب والتنكير ، والبناء والتعريف ) ،ومظهر هذا التأثير هو تنوين التنكير  .

 

 

1/1/ 2 تنوين التنكير فى الأبواب النحوية :

 تنوين التنكير هو الاسم اللاحق لبعض الأسماء المبنية فرقا بين معرفتها    ونكرتها ، وهو خاص بمجموعة من الأسماء فى النحو العربى وهى :   

أ - العلم المركب المختوم بويهِ: فهو يلحقه تنوين التنكير القياسى ؛  فإذا قيل : سيبويهِ  فهو معرفة مبنى،  وإذا قيل : سيبويهٍ  فهو نكرة منون . فبناء الكلمة دليل على التعريف ، وتنوين الكلمة - وهو دليل مرونة وإعراب - دليل على التنكير . (10)   

ب- العلم الممنوع من الصرف : نحو : ( أحمد - عثمان- إبراهيم ) ، فقد ذكر بعض النحاة أن التنوين اللاحق للعلم غير المنصرف هو تنوين التنكير ، فمتى نون العلم الممنوع من الصرف دل ذلك على إبهامه نحو: (لقيت أحمداً ) أى واحدا ممن يسمون بهذا الاسم (على سبيل الاشتراك) ، ومتى لم ينون ومنع من الصرف دل ذلك على تعريفه نحو: لقيت أحمدَ . (11)

ج - اسم الفعل: ذكر القدماء أن بعض أسماء الأفعال تنطبق عليها فكرة (تنوين التنكير ) نحو : (صه، مه ٍ،  إيهٍ ) فهذه الأسماء متى لحقها التنوين اكتسبت دلالة التنكير ، ومتى لم يلحقها التنوين بنيت ودل ذلك على تعريفها . فعلامة تعريف اسم الفعل هى تجرده من التنوين، وعلامة تنكيره هى استعماله منونا.(12)  

وخشيه انسحاب مدلول التعريف والتنكير على الفعل الذى بمعناه اسم الفعل ، نص المتأخرون من النحاة على أن التعريف أو التنكير فى اسم الفعل ليس المراد منه تعريف الفعل الذى هو بمعناه ، وإنما التعريف والتنكير هنا راجع إلى المصدر الذى هو أصل لذلك الفعل لأن الفعل لا يوسم بتعريف أو تنكير لعدم الضرورة الداعية إلى ذلك .(13)

د - اسم الصوت : جعل النحاة التنوين فى هذا الباب سماعيا أيضا ، ودلالته هى تنكير المدلول . فمتى قيل : ( غاقِ )  فالمراد الصوت المعروف على معنى الصياح  الخاص المحدد ،ومتى قيل:  (غاقٍ )  فهو صياح وحكاية لهذا الصوت على وجهٍ غير  مخصوص.(14)  

هـ- بعض الظروف : جعل النحاة تنوين بعض  الظروف من قبيل تنوين التنكير ، وذلك مثلما الحال فى ( فينةً )  ، فلفظ ( فينةَ ) غير المنون اسم زمان معرفة بعلميته على الحين المحدد ولهذا منع من الصرف .

فإذا قيل : ( رأيته فينة‎َ بعد فينةَ) قصد به الحين بعد الحين على سبيل التعريف ، وإذاقيل :( رأيته فينةً بعد فينةٍ) قصد به التنكير أى حينا بعد حين على سبيل التنكير.(15)  

فهذه المواضع الخمس السابقة هى التى تتضح فيها عمليه تأثير التعريف والتنكير فى إعراب الاسم وبنائه عند النحاة القدماء ، وقد حصروا فكرة هذا النوع من التأثير فى باب محدد هو ( تنوين التنكير ) ، وقد أفهمتنا نصوصهم حول تنوين التنكير ، أنه متى قصد التعريف لزم البناء وامتناع التنوين ، ومتى قصد التنكير لزم التنوين . وهذا أدعى إلى القول بأن : التعريف والتنكير - وهما من مظاهر المعنى حيث يتضحان فى الأسماء من خلال السياق والتركيب - يؤثران فى إعراب الأسماء وبنائها وهما من مظاهر الشكل النحوى ، وهذا الحكم قاصر على المواطن التى يلحقها تنوين التنكير ليس غيرُ  .

 

 

                 *                   *                       *

 

2/1 /2-الدراسة النقدية التحليلية لفكرة تنوين التنكير فى الدرس النحوى القديم :

   فى معرض نقدنا للمنظور النحوى القديم ، ينبغى أن نؤكد على أن الدرس النحوى القديم لم يكن مهتما برصد  العلاقات التركيبية المتبادلة بين الظواهر اللغوية    ( كالإعراب والبناء ، والتعريف والتنكير ) وذلك  راجع فى ظنى إلى أمرين  :

أحدهما :اهتمام النحاة فى المقام الأول بالتأثير الإعرابى والعامل النحوى ، حيث اهتم النحاة بالإعراب ، وعدوه مظهرا من مظاهر ثقافتهم ومهارتهم الكلامية ، وطغت تلك الناحية - فى بعض الأحيان -على الظواهر اللغوية الدلالية من   ( نفى وإثبات ، وتعريف وتنكير، وتعجب واستفهام ) . بل طغت على دراسة النحاة للنظام الخاص للعربية فى الجمل وترابط الأجزاء.(16)

الثاني : عناية النحاة الفائقة بالبحث فيما وراء التقعيد النحوى والنظام اللغوى كالتأصيل اللغوى والبحث فى أصول الوضع العربى ، وإقامة بناء الجملة العربية وتحديد ظواهرها الإعرابية وفق هذا التأصيل ، وقد كانت دراستهم (للتذكير والإعراب والتنكير) دراسة تأصيلية قائمة على تتبع الوضع العربى للكلمات وتطورها  اللغوى، ولم تكن تهدف بحال إلى دراسة دلالات تلك الظواهر ولا تأثيراتها اللغوية المتبادلة .

   وقد عنى النحاة بدراسة هذه الظواهر دراسة مستقلة فى أبواب متفرقة ، وفى أثناء هذه الدراسة عنت لهم بعض الترابطات البنيوية والدلالية التى لم تكن مقصودة لذاتها، فوقفوا فى إطار دراستهم للتنوين بوجه خاص على ما يسمى بـ (تنوين التنكير)، وهو مظهر شكلى جلى لتأثير التنكير فى البناء ، ومظهر عدمى فى حالة تأثير التعريف فى الإعراب ؛ فاهتموا برصد هذه العلاقات وتحديد مواطنها، والوقوف على المقيس منها والمسموع . فتنوين التنكير إذن هو القاسم المشترك الذى يجمع الأبواب الخمسة السابقة فى إطار واحد ، لأنه خلاف التنوين لا يوجد جامع ما يجمع بين هذه الأبنية الخمسة: ( العلم المختوم بويه ،و الممنوع من الصرف ، واسم الفعل ، و اسم الصوت ، والظرف ).

   والملاحظ فى هذا المقام أن كثيرا من هذه الأبنية الصرفية يوسم فى الاستعمال اللغوى القديم بقلة التداول إن لم تكن موسومة بالندرة فى الاستعمال ، ومن مظاهر ذلك قلة تداولها فى النسق الشعرى الفصيح ، بل إن عوامل التطور اللغوى قد حولت تلك الأبنية أو معظمها إلى أبنية مهملة نادرة الوجود فى واقعنا اللغوى الحديث .

   وهذا التصور يجعلنا نأنس إلى أن عملية توسيع دائرة الحكم على أبواب النحو العربى ، قياسا على هذه الأبواب نادرة الاستعمال - فيما أعلم - فيه غمط لحق التعقيد النحوى ، حيث تنقاس هذه العلاقات المتبادلة بين (الإعراب والتنكير) ، و(البناء و التعريف) على ضوء هذه الأبواب المحدودة الانتشار فى الواقع اللغوى .

   وأجدني فى هذا المقام مدفوعا إلى الوقوف متأنيا أمام هذا النوع الموسوم بتنوين التنكير، الذى دفع بعض المحدثين إلى محاولة إيجاد علة جديدة للإعراب والبناء . فهذا النوع من التنوين ليس شائعا فى الأبنية الاسمية ، لقصوره واختصاصه ببعض الأسماء المبنية ، لمجرد الدلالة على تعريفها أو تنكيرها . 

   وهذا التنوين فى ظنى لا ينبغى أن يوسم بأنه دليل إعراب الكلمة ومرونتها ، وخروجها من حيز البناء إلى مصاف المعربات من الأسماء؛ لأنه لا يكون فى معرفة مطلقا، ولا يكون تابعا لحركات الإعراب مطلقا لثبوت تبعيته لحركات البناء .(17) فهو مجرد دليل أو قرينة لفظية شكلية اجتلبها الواضع فى نسق خاص جدا نادر الوجود للتفريق بين الكلمة المبنية فى حال معلوميتها والكلمة المبنية فى حال مجهوليتها على مستوى التداول اللغوي ، فهو لا يتخذ قرينة لخروج الكلمة عن حيز البناء إلى حيز الإعراب  .

   والذى يجعلنا نطمئن إلى ذلك الحكم هو أن طبائع الأشياء قد تقتضى خروج المعرب عن أصله فيعرض له البناء العارض فى نسق ما ، ثم لا يلبث أن يحكم لذلك المعرب بالإعراب بمجرد زوال عارض البناء نحو :

- رجلٌ  ç     يا رجلُ   ،     لا‎ رجلَ      ç        جاء رجلٌٌ   .

- محمدٌ   ç   يا محمدُ   ،     ×××          ç     جاء محمدٌ   .   

   فهذا التحول عن الأصل إلى الفرع أمر جائز لا خلاف فيه ، غير أن الأمر الأكثر صعوبة هو أن يقال إن المبنى - وهو الفرع عن الأصل فى باب الأسماء - يتحول عن البناء إلى الإعراب العارض؛لأن الإعراب فى الأسماء - فى ظنى - لا ينبغى أن يوسم بسمة العارض الزائل .

   ولو أننا تحدثنا عن  تنوين التنكير بشىء من النقد والتحليل لعنًّ لنا ما يلى:

أ - العلم الأعجمى المركب المختوم بـ ( ويهِ ) :

هذا النوع من الأعلام مبنى على الكسر فى كل حال ، ومتى لحقه تنوين التنكير تحولت دلالته من المعروف إلى المنكور. وقول النحاة بأن هذا العلم يلحقه التنوين دلالة على التنكير ، يعنى لأول وهلة أن الكلمة الواحدة تجتمع لها صفتان بنيويتان شكليتان متضادتان:

أولاهما: المرونة لدخول التنوين وهو دليل إعراب .

الثانية :  الثبات وهو دليل بناء .

   ولو أضفنا إلى هذا التصور السابق قولنا بأن التنوين المحكوم له بالقياسية فى هذا النوع من الأعلام ليس له شاهد تراثى فصيح يؤكد استعماله منونا ، وأن ما جاء منه منونا لم يرد إلا فى نصوص النحاة لأمكننا أن نخلص إلى :

-  أن هذا النوع من التنوين لا يوسم مدخوله مطلقا بصفة الإعراب والمرونة ؛ لأنه أبعد ما يكون عن دلالات الإعراب  ، فهو مجرد قرينة شكلية تفيد أن العلم هنا مجهول غير معلوم على مستوى التداول الاجتماعي .

-  إن القول بدلالة هذا النوع من التنوين على التنكير فكرة واهية لا تثبت أمام الواقع اللغوى مطلقا ؛ لأن  :

سيبويهِ ç   علم  ç  معرفة  ç   معلوم على مستوى التداول الاجتماعى .

سيبويهٍ ç   علم  ç   معرفة   ç  مجهول على مستوى التداول الاجتماعى .                                                      

    والذى يؤكد صدق هذا الزعم لدينا أن( سيبويه ) المعرفه ليس معرفة بالبناء ، وإنما معرفه بوضعه على العلمية لتعين صاحبه تعيينا مطلقا ، وقد دخله البناء على المستوى الشكلى تغليبا لجانب الصوت ( ويه ) على جانب العلمية باعتبارها ضميمة أعجمية واقعة آخر الكلمة فى موقع الإعراب وهذا ليس له أى دلالة على تعريف أو تنكير سابقين بأصل الوضع لهذا العلم .(18)

    إن فائدة التنوين هنا ليست الدلالة على التنكير كما هو ثابت فى الدرس النحوى القديم ، بل الدلالة على المجهولية ، وثمة  فارق كبير ينبغى أن يرصد بين التنكير والمجهولية ؛ فالتنكير هو( الإبهام التام) على معنى عدم التخصيص . و(المجهولية)لا تعنى الإبهام وإنما تعنى أن العلم هنا غير مشهور على المستوى الاجتماعى ، ولا يد حض هذا كونه معلوما لبعض الأشخاص ساعة الحديث  :

سيبويِه ç  بناء على الأصل ç  معرفة بالعلمية ç معلوم   ( نحوى شهير )

سيبويهٍ  ç  تنوين عارض ç   معرفة بالعلمية ç    مجهول ( شخص عادى)

ولهذا يمكننا أن نحكم - فى شىء من الاطمئنان - على هذا التنوين بأنه لا علاقة بينه وبين التنكير؛ لأن مدخوله لا يخرج مطلقا عن حيز التعريف  .

 

ب - اسم الفعل واسم الصوت :

   إن مسألة التعريف  أو التنكير فى أسماء الأفعال والأصوات فكرة مضللة لا ينبغى أن تؤخذ على علاتها ؛ فليس من المعقول أن نقول إن هذه الأسماء تخضع للتعريف أو التنكير .

 والأمر الذى لا ينبغى التجاوز عنه فى نقدنا لهذه الأبواب النحويه ، هو تحديد نظرة النحاة لطبيعة التأثير والتأثر فى هذه الأسماء ؛ فكلام النحاة يوحى بأن التعريف والتنكير هما اللذان يؤثران فى إعراب هذه الأسماء وبنائها. وهذا يعنى أن  هذا التأثير كان فى ذهن الواضع للغة ، مقصودا لذاته وقت الاستعمال والتداول ، وهو أمر يصعب إثباته لأنه يخضع فى مجمله إلى الحدس والانطباع .

كما يعنى من جهة اخرى أن المظاهر المعنوية الدلالية ( التعريف والتنكير ) وهى مظاهر تعلق بالأشكال وتتأكد لها فى ضوء الاستعمال اللغوى، قد أثرت فى( الإعراب والبناء ) ، وهى مظاهر شكلية خالصة تـعـلق بالــمبـنى الصرفى قبل التركيب أو بعده ، وهو أمر يصعب تصديقه ، أو الانسياق خلفه ، فكيف نتصور أن يكون ما هو معنوى طارىء على  الشكل متوقف فى دلالته على التركيب والسياق ،مؤثرا فيما هو شكلى ثابت غير متوقف على السياق والتركيب .

   فالإعراب والبناء ظاهرتان نحويتان ، وهما صفتان ذاتيتان من صفات البناء الشكلى للأسماء بصرف النظر عن وظيفة ذلك الاسم، أو وضعه فى التركيب ، أو تعريفه وتنكيره وتأنيثه ، فهما صفتان كالطول والقصر متى ثبتا للمبنى الصرفى اتصف بهما فى أغلب  صور التغير اللغوى .

   وهذا التصور يفضى بنا إلى القول بأن الدلالات السياقية التى تنبع من السياق ومقتضياته - وتعلق بالمبنى الاسمى بعد انخراطه فى التركيب اللغوى - لا تأثير لها إطلاقا فى عمليتى الإعراب والبناء السابقين على التركيب ، بل إنها لم تكن مطلقا فى ذهن الواضع اللغوى ، ولم يكن يسعى بحال من الأحوال إلى إثبات تلك العلاقات الدلالية .

   والأمر الذى نرتضيه فى توجيهنا لهذه المسألة ، هو أن نرجع الأمر فى المقام الأول إلى المتكلم ؛ فهو المعول عليه فى بناء الكلام ، وهو الذى يقصد إلى عناصر الاختيار اللغوى التى تتاح أمامه ، فيختار منها ما يتوافق مع مقامه اللغوى، فالمقام والحال يتحددان بداية فى ذهن المتكلم  ، ثم تأتى بعد ذلك عملية الاختيار اللغوى ،  حيث يختار ما يتوافق ومقامه اللغوى فالمتكلم إذن يحدد :

   1 - مقام الحديث ومتطلباته ومقتضياته ودلالاته .

   2 – أبنية المقال ورتبة مفرداته .

   فالأمر كما نرى لا يعزى فيه التأثير إلى الشكل أو المدلول ، بل يرجع فيه إلى قصد المتكلم ، حيث يحدد المدلولات فى ذهنه  أولا ، ثم يحدد المقولات على لسانه بعد ذلك لتكون المقولات وسائل للتعبير عن المدلولات  .       

   فالمتكلم إذا أراد أن يحدثنا عن ندائه لشخص ما فهو يقول : أدعو محمدا ، وهذا  القول يحكى بالنسق التالى : يا محمدٌ وهى تساوى قوله :  أدعوك  .

فكلمة ( محمد ) مستحقة للإعراب على كل الأحوال ، غير أنها فى هذا النسق الخاص يعرض لها بناء عارض يقتضى تحولها عن صفة الأصل إلى صفة الفرع ، حيث يحل الاسم هنا محل الضمير  ( كَ )

                      أدعو              =           يـا

                      كَ                 =           محمدُ         

   ومما هو ثابت فى العرف النحوى أن أى آصرة صلة تربط الاسم  بالحرف  توجب له الخروج عن مقتضى الأصل أى البناء ، وهذا لا يقدح فى استحقاق الاسم للإعراب ، لأنه يعود إليه بمجرد زوال سبب البناء.(20)

   إضافة إلى ما سبق عرضه فإنه لاينبغى أن نغفل أن النحاة قد وسعوا دائرة هذا التنوين وجعلوه يطرد فى باب العلم الممنوع من الصرف وبعض الظروف، وهى مسألة لا ينبغى أن تتسع بهذه الصورة ؛ وذلك لأن سيبويه حين عرض لهذا النوع من التنوين  توقف عند حد مجموعة الأسماء التى تشبه الأصوات ، وهذا يصح أن ينطبق على العلم الأعجمى ،واسمى الفعل والصوت، أما العلم غير المنصرف والظروف فإننا لا نستطيع بحال أن نصفها بأنها أسماء تشبه الأصوات وهذا أدعى إلى القول بأن هذه القاعدة لا تطرد فى هذين البابين لعدم وجود علة مشابهة الصوت.

   بعد هذا النقد التحليلى لما يسمى فى الدرس النحوى القديم بـ (تنوين التنكير)، يمكننا أن نخلص إلى أن هذا التنوين لا يؤخذ قرينة على تحول الاسم عن الإعراب إلى البناء ، ولا يصلح لبناء نظرية لغوية جديدة عليه، فليس هذا التنوين دليل مرونة الكلمة، وإنما هو قرينة لفظية لاحقة للمبنيات ، تدل  أن الكلمة المبنية تخرج عن نسقها المعرفى المعلوم إلى نسق آخر مجهول ، فهذا التنوين العارض لا علاقة بينه وبين الإعراب أو البناء .

 

 

*                      *                       *

 

2/2- المنظور الحديث :

عنى  المحدثون فى دراساتهم النحوية بقضايا الإعراب والبناء والعلامة الإعرابية، حيث ركزت بعض الدراسات الحديثة على هذه القضايا المتعلقة بالشكل ، وأفردت لها أبحاثا مستقلة فى الدرس النحوى الحديث .(21)

وفى إطار دراسة بـعض الـمحدثيــن لفكرة ( تنوين التنكير) ووقوفهم على الأبواب النحـوية التى رصد خلالها النحاة فكرة الـتأثير الـمتبـادل بـين ظاهرتى(الإعراب والتنكير ) و (البناء والتعريف ) ، فقد راقت تلك الفكرة  لبعضهم وحاول جاهدا أن يعممها ، ويطورها ويعرضها على جل الأبواب النحوية ليجعل من ظاهرة( التعريف والتنكير ) علة أساسية من علل الإعراب والبناء على ضوء ما قاله النحاة فى مسألة تنوين التنكير .

وقد بدأت تلك المحاولات  فى صورة إشارة عارضة للأستاذ الدكتور / أحمد سليمان ياقوت فى كتابه ( فى علم اللغة التقابلى) حيث يقول :[ وفى الأبوب النحوية التى تشترك فيها المعرفة والنكرة ويتحدد دور الإعراب والبناء تبعا للتعريف والتنكـير نلاحظ شيئا  يستحق التسجيل : وذلك أن الإعراب قد جاء لبيان شىء وتعيينه وتحديده، أو لإزالة اللبس والغموض عنه ، والبناء عكس ذلك أى يكون للكلمات التى لا تستدعى جلاء أو إظهارا وليس فيها غموض يراد إزالته ، فإذا كان الاسم معرفة والمعرفة واضحة لا لبس فيها  ولا غموض كان البناء أولى ، أما النكرة فيستقيم فيها الإعراب لكى نزيل ما بها من إبهام وغموض 0 0 0  ] (22)  .    

فمسألة التأثير الدلالى المتبادل بين المقولات النحوية بدأت إشارة ذكية ولمحة عارضة عنت لصاحبها فلم يشأ أن يفلتها ، فحاول فى سطور أن يسجل تلك الفكرة ، ويوطد أر كانها مشيرا إلى ما يؤيدها أو يخالفها فى أبواب النحو العربى .

وقد فطن إلى تلك الفكرة الأستاذ الدكتور/ أحمد عفيفى ، حيث  وصف النص السابق بأنه لمحة ذكية سريعة يمكنها أن تصنع ظاهرة لغوية لها سماتها وملامحها الخاصة تؤدى إلى إعادة النظر فى علل البناء القديمة من منظور جديد مبنى على التعريف والتنكير .(23)

ومن هذا المنطلق اتجه د. أحمد عفيفى إلى دراسة تأثير التعريف والتنكير فى الإعراب والبناء فى بحث مستقل تحت عنوان: (التعريف والتنكير فى النحو العربى . دراسة فى الدلالة والوظائف النحويه . والتأثير فى الأسماء إعرابا وبناء) .

ففى هذا البحث قام د. عفيفى برصد شامل للمعارف والظروف وبعض الأدوات وجل المواطن التى تحتمل إمكانية وجود تأثير متبادل بين التعريف والبناء، والتنكير والإعراب ، فحاول تطبيق تلك الفكرة على هذه الأبواب فى محاولة منه لإثبات إمكانية تعميم مسألة العلاقة التبادلية القائمة بين: ( التعريف والبناء ) ، و(التنكير والإعراب) .

 

1/2/2 –المعيار الشكلى للعلاقة القائمة بين: ( التعريف والبناء ) ، و(التنكير والإعراب) :

 حدد د. عفيفى فى هذا البحث المعيار الشكلى الذى تنقاس من خلاله هذه العلاقة التبادلية ، ووضع لذلك معادلة أساسية هى :

أولا : قوة التعريف فى المبنى الاسمى تؤثر فى بناء الكلمة بناء أصليا أو عارضا من منطلق ثبوت المبنى  تبعا لثبوت المعنى ( بدلالة التخصيص والتعيين) : [ إذا كان البناء يأخذ شكلا ثابتا لازما لا تغير فيه ، فإن دلالة المبنى ترتبط ارتباطا كبيرا بالتعريف حيث تتعدد دلالة المعرف وتتقيد بمعنى ما فى ذهن المتكلم والمتلقى مثل الضمائر التى يتحدد  معناها عند الكلام ، التعريف تساوقا معنويا ..... ] .(24)

ثانيا : قوة التنكير فى المبنى الاسمى تؤثر فى إعراب الكلمة من منطلق تغير المبنى الصرفى تبعا لتغير المعنى الدلالى ( بدلالة العموم والشيوع): [ فالمعرب متغير فى شكله ومتغير فى دلالتـة داخل السياق ، ولذا فإنه مرتبط بالتنكير ارتباطا شديد ا حيث يدل المنكر على أكثر من واحد أو أكثر من جهة يمكن أن تتحملها الدلالة ، ولهذا يكون الإعراب متساوقا مع التنكير تساوقا معنويا لا لفظيا  ](25)

   فعلى ضوء هاتين المعادلتين انطلق د. أحمد عفيفى فى بحثه للتعرف على مدى تأثير التعريف والتنكير فى الأسماء إعرابا وبناء ، والوقوف عند الحد الذى يمكن من خلاله أن تستقيم فكرة التلازم  بين قوة التعريف والبناء فى الأسماء ، و التلازم بين قوة التنكير والإعراب من جهه أخرى .

 

2/2/2: الأبواب التى تتحقق فيها المعادلة السابقة:

وقد قام - من أجل تحقيق هذا - بتتبع الأبواب النحوية للوقوف على مدى استقامة تلك الفكرة ، فعرض لباب المعرفة والنكرة، وباب البناء العارض وباب الظروف، وباب اسم الفعل ، وباب الصوت ، وباب الممنوع من الصرف ، وختم بحثه بدراسة بعض أدوات الشرط والاستفهام .   

   وسوف نولى تباعا على مدى الصفحات التالية رصد ما خلص إليه د.عفيفى من وراء دراسته لهذه الأبواب النحوية :

أولا: باب المعارف : عنى د. عفيفى بعرض المعارف على مقولتى الإعراب والبناء لتحديد علل الإعراب والبناء قياسا على درجة التعريف وقوته على النحو التالى :

أ- الضمير : وهو فى كل أحواله معرف بالدلالة والقصد، وذكر  المراد من قبل ..... ، وهو لا يتنكر أبدا لأنه أعرف المعارف كما أن الضمائر لا تتجزأ لأنها يكنى بها عن  الأشخاص ، وقد أرجع قوة التعريف فى الضمير إلى أنه لا يوصف به .  وعلة بناء الضمير عنده ترجع إلى المعنى لا إلى الشكل، فرغم وقوعه على حرف أو حرفين لكن ذلك ليس سببا فى بنائه ؛ لأن الجهة المعنوية أقوى وأشد فى باب الضمير من الجهة الشكلية التى تعد - فى نظره  - مضللة. وقد استدل على ذلك بالأسماء التى تبقى على حرفين دون بناء مثل (دم ) ،فالشبه اللفظى إن كان مجوزا للبناء فهو ليس محتما له .(26)

ب- اسم الإشارة :  اسم الإشارة من أقوى المعارف وأعرفها، وهو يتعرف من خلال القصد والتوجه وقرائن الحال لدلالته على المشار إليه بالعين والقلب ،وعله بناء اسم الإشارة عنده ليست الشبه الوضعى أو المعنوى مع الحرف ؛  [ لأنه لا يمكن للشك�

المصدر: بحثي
  • Currently 50/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
17 تصويتات / 4058 مشاهدة
نشرت فى 23 أكتوبر 2010 بواسطة hamadsagier

ساحة النقاش

أ.د/ أحمد محمد الصغير على

hamadsagier
أ.د/أحمد محمد الصغير على -- أستاذ النحو والصرف والعروض -- كلية دار العلوم -- جامعة المنيا. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

59,501