Mohamed Abdel Wanees Omr

wanis

تفت فؤادك الأيام فتا * * * وتنحت جسمك الساعات نحتا

وتدعوك المنون دعاء صدق * * * ألا يا صاح أنت أريد أنتا

أراك تحب عرسا ذات خدر * * * أبتَّ طلاقها الأكياس بتا

تنام الدهر ويحك في غطيط * * * بها حتى إذا مت انتبهتا

فكم ذا أنت مخدوع وحت * * * متى لا ترعوي عنها وحتى

أبا بكر دعوتك لو أجبتا * * * إلى ما فيه حظك لو عقلتا

إلى علم تكون به إماما * * * مطاعاً إن نهيت وإن أمرتا

ويجلو ما بعينك من غشاها * * * ويهديك الطرق إذا ضللتا

وتحمل منه في ناديك تاجا * * * ويكسوك الجمال إذا عريتا

ينالك نفعه ما دمت حيا * * * ويبقى ذكره لك إن ذهبتا

هو العضب المهند ليس ينبو * * * تصيب به مقاتل من أردتا

وكنز لا تخاف عليه لصا * * * خفيف الحمل يوجد حيث كنتا

يزيد بكثرة الإنفاق منه * * * وينقص إن به كفا شددتا

فلو قد ذقت من حلواه طعما * * * لآثرت التعلم واجتهدتا

ولم يشغلك عنه هوى مطاعٌ * * * ولا دنيا بزخرفها فُتنتا

ولا ألهاك عنه أنيق روضٍ * * * ولا دنيا بزينتها كلفتا

فقوت الروح أرواح المعاني * * * وليس بأن طعمت ولا شربتا

فواظبه وخذ بالجد فيه * * * فإن أعطاكه الله انتفعتا

وإن أعطيت فيه طويل باعٍ * * * وقال الناس إنك قد علمتا

فلا تأمن سؤال الله عنه * * * بتوبيخ : علمتَ فما عملتا

فرأس العلم تقوى الله حقا * * * وليس بأن يقال لقد رأستا

وأفضل ثوبك الإحسان لكن * * * نرى ثوب الإساءة قد لبستا

إذا ما لم يفدك العلم خيرا * * * فخير منه أن لو قد جهلتا

وإن ألقاك فهمك في مهاوٍ * * * فليتك ثم ليتك ما فهمتا

ستجني من ثمار العجز جهلا * * * وتصغر في العيون إذا كبرتا

وتُفقد إن جهلت وأنت باق * * * وتوجد إن علمت ولو فُقدتا

وتذكر قولتي لك بعد حين * * * إذا حقا بها يوما عملتا

وإن أهملتها ونبذت نصحا * * * وملت إلى حطام قد جمعتا

فسوف تعض من ندم عليها * * * وما تغني الندامة إن ندمتا

إذا أبصرت صحبك في سماء * * * قد ارتفعوا عليك وقد سفلتا

فراجعها ودع عنك الهوينى * * * فما بالبطء تدرك ما طلبتا

ولا تختَل بمالك والهُ عنه * * * فليس المال إلا ما علمتا

وليس لجاهل في الناس مغن * * * ولو مُلك العراق له تأتا

سينطق عنك علمك في ملاءٍ * * * ويكتب عنك يوما إن كتمتا

وما يغنيك تشييد المباني * * * إذا بالجهل نفسك قد هدمتا

جعلت المال فوق العلم جهلا * * *لعمرك في القضية ما عدلتا

وبينهما بنص الوحي بون * * * ستعلمه إذا طه قرأتا

لئن رفع الغني لواء مال * * * لأنت لواء علمك قد رفعتا

لئن جلس الغني على الحشايا * * * لأنت على الكواكب قد جلستا

وإن ركب الجياد مسومات * * * لأنت مناهج التقوى ركبتا

ومهما افتض أبكار الغواني * * * فكم بكر من الحِكم افتضضتا

وليس يضرك الإقتار شيئا * * * إذا ما أنت ربك قد عرفتا

فماذا عنده لك من جميل * * * إذا بفناء طاعته أنختا

فقابل بالقبول لنصح قولي * * * فإن أعرضت عنه فقد خسرتا

وإن راعيته قولا وفعلا * * * وتاجرت الإله به ربحتا

فليست هذه الدنيا بشيءٍ * * * تسوؤك حقبة وتسر وقتا

وغايتها إذا فكرت فيها * * * كفيئك أو كحلمك إذ حلُمتا

سجنتَ بها وأنت لها محب * * * فكيف تحب ما فيه سجنتا

وتطعمك الطعام وعن قريب* * * ستطعم منك ما فيها طعمتا

وتعرى إن لبست بها ثيابا * * * وتكسى إن ملابسها خلعتا

وتشهد كل يوم دفن خل * * * كأنك لا تراد لما شهدتا

ولم تخلق لتعمرها ولكن * * * لتعبرها فجد لما خلقتا

وإن هدمت فزدها أنت هدما * * * وحصن أمر دينك ما استطعتا

ولا تحزن على ما فات منها * * * إذا ما أنت في أخراك فزتا

فليس بنافع ما نلت منها * * * من الفاني إذا الباقي حرمتا

ولا تضحك مع السفهاء يوما * * * فإنك سوف تبكي إن ضحكتا

ومن لك بالسرور وأنت رهن * * * وما تدري أتُفدى أم غللتا

وسل من ربك التوفيق فيها * * * وأخلص في السؤال إذا سألتا

وناد إذا سجدت له اعترافا * * * بما نادا ذو النون ابن متى

ولازم بابه قرعا عساه * * * سيفتح بابه لك إن قرعتا

وأكثر ذكره في الأرض دأبا * * * لتُذكر في السماء إذا ذكرتا

ولا تقل الصبا فيه امتهال * * * ونكر كم صغير قد دفنتا

وقل يا ناصحي بل أنت أولى * * * بنصحك لو لفعلك قد نظرتا

تقطعني على التفريط لوما * * * وبالتفريط دهرك قد قطعتا

وفي صغري تخوفني المنايا * * * وما تدري بحالك حيث شختا

وكنت مع الصبا أهدى سبيلا * * * فما لك بعد شيبك قد نكثتا

وها أنا لم أخض بحر الخطايا * * * كما قد خضته حتى غرقتا

ولم أشرب حُميا أم دفرٍ * * * وأنت شربتها حتى سكرتا

ولم أنشأ بعصر فيه نفع * * * وأنت نشأت فيه وما انتفعتا

ولم أحلل بواد فيه ظلم * * * وأنت حللت فيه وانتهكتا

لقد صاحبتَ أعلاما كبارا * * * ولم أرك اقتديت بمن صحبتا

وناداك الكتاب فلم تجبه * * * ونبهك المشيب فما انتبهتا

ويقبح بالفتى فعل التصابي * * * وأقبح منه شيخ قد تفتا

ونفسك ذم لا تذمم سواها * * * لعيب فهي أجدر من ذممتا

وأنت أحق بالتفنيد من * * * ولو كنت اللبيب لما نطقتا

ولو بكت الدما عيناك خوفا * * * لذنبك لم أقل لك قد أمنتا

ومن لك بالأمان وأنت عبد * * * أُمرت فما ائتمرت ولا أطعتا

ثقلت من الذنوب ولست تخشى * * * لجهلك أن تخف إذا وزنتا

وتشفق للمصر على المعاصي * * * وترحمه ونفسك ما رحمتا

رجعت القهقرى وخبطت عشوى * * * لعمرك لو وصلت لما رجعتا

ولو وافيت ربك دون ذنب * * * ونوقشت الحساب إذاً هلكتا

ولم يظلمك في عمل ولكن * * * عسير أن تقوم بما حملتا

ولو قد جئت يوم الحشر فردا * * * وأبصرت المنازل فيه شتى

لأعظمت الندامة فيه لهفا * * * على ما في حيتك قد أضعتا

تفر من الهجير وتتقيه * * * فهلا من جهنم قد فررتا

ولست تطيق أهونها عذابا * * * ولو كنت الحديد به لذبتا

ولا تنكر فإن الأمر جد * * * وليس كما حسبت ولا ظننتا

أبا بكر كشفت أقل عيبي * * * وأكثره ومعظمه سترتا

فقل ما شئت في من المخازي * * * وضاعفها فإنك قد صدقتا

ومهما عبتني فلفرط علمي * * * بباطنه كأنك قد مدحتا

فلا ترض المعايب فهو عار * * * عظيم يورث المحبوب مقتا

وتهوي بالوجيه من الثريا * * * ويبدله مكان الفوق تحتا

كما الطاعات تبلك الدراري * * * وتجعلك القريب وإن بعدتا

وتنشر عنك في الدنيا جميلا * * * وتلقى البر فيها حيث شئتا

وتمشي في مناكبها عزيزا * * * وتجني الحمد فيما قد غرستا

وأنت ان لم تُعرف بعيبٍ* * * ولا دنست ثوبك مذ نشأتا

ولا سابقت في ميدان زورٍ * * * ولا أوضعتَ فيه ولا خببتا

فإن لم تنأ عنه نشبت فيه * * * ومن لك بالخلاص إذا نشبتا

تدنس ما تطهر منك حتى * * * كأنك قبل ذلك ما طهرتا

وصرت أسير ذنبك في وثاق * * * وكيف لك الفكاك وقد أُسرتا

فخف أبناء جنسك واخش منهم * * * كما تخشى الضراغم والسبنتا

السَّبَنتَا : النمر

وخالطهم وزايلهم حِذارا * * * وكن كالسامري إذا لُمستا

وإن جهلوا عليك فقل سلام * * * لعلك سوف تسلم إن فعلتا

ومن لك بالسلامة في زمان * * * تنال العصم إلا إن عصمتا

ولا تلبث بحي فيه ضيمٌ * * * يميت القلب إلا إن كُبلتا

وغرب فالتغرب فيه خير * * *وشرق إن بريقك قد شرقتا

فليس الزهد في الدنيا خمولا * * * لأنت بها الأمير إذا زهدتا

ولو فوق الأمير تكون فيها * * * سموا وارتفاعا كنت أنتا

فإن فارقتها وخرجت منها * * * إلى دار السلام فقد سلمتا

وإن أكرمتها ونظرت فيها * * * لإكرام فنفسك قد أهنتا

جمعتُ لك النصائح فامتثلها * * * حياتك فهي أفضل ما امتثلتا

وطولتُ العتاب وزدت فيه * * * لأنك في البطالة قد أطلتا

ولا يغررك تقصيري وسهوي * * * وخذ بوصيتي لك إن رشدتا

وقد أردفتها تسعا حسانا * * * وكانت قبل ذا مائة وستا

وصلى على تمام الرسل ربي * * * وعترته الكريمة ما ذكرتا