الاخبار والسياسة في مصر والعالم العربي والعالمي

edit

 

 السبت 25 فبراير 2012 - 9:10 ص بتوقيت القاهرة          الشروق / بقلم : فهمي هويدي                                                  لا يملك المرء سوى أن يحنى رأسه احتراما وتقديرا لأولئك الصحفيين والصحفيات الشجعان الذين يتوافدون على ساحات الموت فى سوريا بجسارة يحسدون عليها. مدفوعين فى ذلك بالإصرار المدهش على تحرى ما يجرى، وتبيان الحقيقة للملأ. وهو ما يسوغ لى أن اعتبرهم «شهداء الحقيقة» الذين يغامرون بحياتهم ويضحون بأرواحهم لكى يكون العالم على بينة مما يجرى على الأرض من جرائم وشرور. تحاول الأبواق صاحبة المصلحة تزويرها أو التعتيم عليها. 

لقد تناقلت وكلات الأنباء يوم الأربعاء الماضى «22/2» نبأ مقتل صحفيين غربيين فى حمص، واحدة أمريكية الأصل هى مارى كولفن التى كانت تعمل لصحيفة صنداى تايمز البريطانية. الثانى مصور فرنسى هو ريمى أوشليك الذى يعمل لوكالة «إى بى 3 برس». أبهرتنى قصة مارى كولفن التى قرأت أنها فقدت إحدى عينيها جراء شظية أصابتها أثناء العمل فى سريلانكا عام ٢٠٠1، وبسبب من ذلك فإنها ظهرت فى الصور وقد غطت عينها برقعة سوداء، وبسبب دأبها وشجاعتها فإنها حصلت على عدة جوائز تقديرا لعملها المتميز، أما زميلها أوشليك فهو مصور قام بتغطية الصراع فى هايتى وتابع الانتفاضات التى شهدتها تونس ومصر وليبيا. وبسبب تميزه فإنه نال عدة جوائز من بعض المنظمات الصحفية.
 
فى التقارير التى نشرت عن قصة الصحفيين أن مارى كولفن تميزت بدرجة عالية من الجرأة والإقدام. حتى أنها كانت تخرج تحت جنح الظلام للتجول ومقابلة الناس للتعرف على معاناتهم فى حمص. فى حين أنها كانت حريصة على الذهاب إلى الأماكن التى يتم قصفها لترصد مظاهر الدمار فى المدينة المنكوبة، التى تتعرض لانتقام النظام السورى وعقابه الوحشى. إذ لم يكتف بدك البيوت وإنما عمد إلى قطع التيار الكهربائى وحرمان المدينة من التموين والوقود والدواء.
 
قبل 24 ساعة من استهداف المكان الذى تواجدت فيه كانت مارى كولفين قد ظهرت فى أحد برامج قناة سى.إن.إن الأمريكية متحدثة عن تدمير حمص ومكذبة لمختلف الادعاءات التى يروج لها النظام السورى عن وجود «إرهابيين» مسلحين بالمدينة. وكان الرد هو قتلها وتدمير البيت الذى كانت تقيم فيه.
 
زميلها المصور أوشليك اعتبره النظام السورى يقوم بدور أخطر، لأن أمثاله من المصورين كانوا يوثقون الفضيحة ويعممونها على العالم الخارجى. وعلى حد تعبير الناشطين فإن حاملى آلات التصوير يعدون من وجهة نظر النظام هدفا يحتل الأولوية فى التصفية، بحيث يقدمون على حاملى السلاح.
 
كانت مارى كولفين تجوب المدينة تحت جنح الظلام فى الليل تجنبا للقناصة، ولكن أوشليك كان مضطرا للتسلل أثناء النهار بعيدا عن أعين القناصة لكى يؤدى عمله. وتقول التقارير الصحفية إن الناشطين السوريين كانوا قد استأجروا بناية من أربعة طوابق لاستضافة الإعلاميين الأجانب، وأن عشرين منهم توافدوا على المكان خلال الفترة الأخيرة. وعادة ما كانوا يقيمون فى الطابق الأرضى الذى يستخدم كقبو للحماية. ولأن السلطات السورية قامت بقطع الخدمات الأساسية عن المدينة من ماء وكهرباء واتصالات، الأمر الذى يجعل الاتصال بالخارج مستحيلا، فإن النشطاء لجأوا إلى استخدام المولدات الكهربائية التى تعمل بالوقود. وبعد نفاد الوقود لجأوا إلى بطاريات السيارات التى يتم تحويلها إلى تيار كهربائى 220 فولت، يستخدم فى توفير الكهرباء للأجهزة الإلكترونية اللازمة لأداء عمل الصحفيين.
 
حين قصفت البناية كان فى الداخل سبعة من الصحفيين، الذين هرعوا إلى الخارج سواء لتسجيل الحدث أو تصويره، إلا أن القصف استمر فقتل من قتل وأصيب من أصيب. وكانت الصحفية الفرنسية أديث بوفييه مراسلة صحيفة «لوفيجارو» من بين الذين أصيبوا إصابة خطرة. وهى الآن بين الحياة والموت.
 
هؤلاء ليسوا أول الإعلاميين الشجعان الذين ذهبوا لكى ينقلوا إلى العالم حقيقة المذبحة التى يتعرض لها الشعب السورى، وليسوا آخرهم بطبيعة الحال. فهناك من سبقوهم على درب الشهادة دفاعا عن الحقيقة من إعلاميين غربيين ومثقفين وفنانين سوريين. وقبل هؤلاء وبعدهم هناك أكثر من ثمانية آلاف سورى قتلهم الجيش والأمن والشبيحة، وكانت كل جريمتهم أنهم كانوا يحلمون بوطن يتمتع ببعض الحرية والكرامة.
 
إن أولئك الإعلاميين الغربيين الشجعان لم يكونوا مضطرين للمغامرة بحياتهم لأجل أن يعلنوا الحقيقة للعالم، لكنهم حين فعلوها تعبيرا عن إخلاصهم للمهنة، فينبغى أن نعترف لهم بالفضل وأن نسجل أسماءهم بحروف من نور ضمن قائمة شهداء الحقيقة، ليس فقط لأنهم فعلوا ما فعلوه، وإنما أيضا لأنهم فعلوا ما كان ينبغى أن يسبقهم إليه الإعلاميون العرب الذين تحولوا ـ للأسف ـ إلى مجرد «مراقبين» للحدث ومتفرجين عليه.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 181 مشاهدة
نشرت فى 25 فبراير 2012 بواسطة TAHAGIBBA

 

                                                         الخميس 23 فبراير 2012 - 8:20 ص بتوقيت القاهرة  ----------------------الشروق / بقلم : فهمي هويدي ----------------  ما كتبه الإعلامى البريطانى المخضرم تيم سيباستيان عن مصر هذه الأيام يستحق القراءة والمناقشة. ذلك أن بعضه يتسم بالتسرع والتشاؤم، والبعض الآخر على قدر من الأهمية والإثارة. شهادة صاحبنا نشرتها صحيفة الشرق الأوسط فى 21/2 الحالى، ضمن ما تتلقاه من خدمة لصحيفة «نيويورك تايمز».

فى الشق المتعلق بالتسرع والتشاؤم لم ير الرجل فى الواقع المصرى غير نصف الكوب الفارغ، متمثلا فى الفوضى وانعدام الأمن وأجواء ميدان التحرير الذى اختفى منه الثوار، بعدما صار مرتعا للبلطجية والعاطلين. وقد ارتأى أن الخوف عاد إلى المصريين، وأن رجال المخابرات أصبحوا ينتشرون فى كل مكان. ونقل عن آخرين قولهم إن المصريين عادوا مجددا إلى التلفت حولهم وهم يتحدثون، خوفا من أن يسمعهم أحد، ثم إنهم أصبحوا حذرين فى اتصالاتهم الهاتفية بسبب عودة التنصت مرة أخرى، كما أنهم أصبحوا يعيدون النظر فيمن يثقون به ومن لا يثقون. وكان واضحا تأثره فيما كتب بالإجراءات التى اتخذتها السلطات المصرية بحق المنظمات الأهلية التى تتلقى تمويلا أجنبيا. وبالآراء التى استمع إليها من جانب الناشطين القائمين على أمر تلك المنظمات.
 
الخلاصة التى خرج بها الرجل فى هذه المعلومات هى أن: الأمر فى غاية الخطورة. فلو عادت سحابة الخوف القديمة لتلقى بظلالها من جديد على مصر، فإن المناخ سيكون مهيأ لعودة النظام الديكتاتورى المطلق مرة أخرى. لأن الخوف هو ما سيمنحه القوة. ولم يفته وهو يسجل تلك الخلاصة أن يشير إلى تعليقين سمعهما من المصريين واعتبرهما قويين للغاية. الأول هو أن المصريين تذوقوا طعم الثورة. وسوف يحبون فى الغالب ان يتذوقوه مرة أخرى. وفى التعليق الثانى أنه لم يعد بإمكان أى حاكم فى مصر أن يعول على خضوع الشعب وانقياده له.
 
وهو ينعى إلينا ثورة 25 يناير قائلا إن الذين لم يدركوا أنها قد انتهت، هم الذين لايزالون يجادلون ويحلمون ويلقون الخطب فى ميدان التحرير.
 
الثغرة الأساسية فى هذه الصورة التى رسمها الإعلامى القدير أنه تحدث عن الإدارة ولم ير الحاصل فى المجتمع. وأنه رأى القاهرة ولم ير شيئا من الحاصل خارجها، وأنه أنصت إلى بعض المثقفين ولم يستمع إلى صوت الشعب المصرى الذى استعاد حيويته، واختفى الخوف من حياته كما تجاوز حاجز الصمت. ولا أعرف من أين جاء بحكاية تلفت المصريين من حولهم وحذرهم من الحديث حتى لا يسمعهم أحد، فى حين أن إحدى مشكلاتنا فى الوقت الراهن أن البعض أصبحوا يمارسون جرأة أكثر من اللازم فى أحاديثهم.
 
الشق الآخر المهم والمثير فى شهادة سيباستيان وجدته فى فقرة قال فيا ما يلى: فى شهر ديسمبر فى العام الماضى قرر الجنرالات أمرا لو حدث فى بلد آخر لأعتبر غير معقول وغير مقبول بأى معيار. ذلك أنهم قدموا إلى البنك المركزى قرضا بقيمة مليار دولار لمساعدته فى الظروف الاقتصادية العصيبة التى تمر بها مصر. وهذا قرار يحتاج إلى كلام واضح وصريح. إذ إنه يعنى أن القيادة العامة للقوات المسلحة قررت إقراض الشعب المصرى أموالا هى فى كل أحوالها ملك أصيل للبلد. وهى معفاة من الرقابة المصرفية، ولم يدفع عنها مليما واحدا للضرائب، على حد علم الجميع.
 
استطرد الكاتب قائلا: صحيح أن القوات المسلحة ظلت لعدة عقود تدير شئونها المالية بنفسها، إلا أنه فى ظل الاضطراب السياسى الذى تمر به مصر اليوم، فإن الأمر يتطلب أن تتقدم مجموعة فى غاية القوة والثقة لكى تعرض على البلد ان تعيد إليه أمواله، فى حين يصور الأمر على أنه منتهى السخاء والكرم. إلا أن قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يثر أى ذرة غضب لدى برلمان جديد يهتم أكثر بمواعيد الجلسات ومواعيد الصلاة. ومن الواضح أن أحدا من ذلك المجلس لا ينوى أن يسأل على استحياء عن ذلك المليار أو أية مليارات أخرى فى حسابات العسكر. بالتالى فإنه يمكن للجيش على الرغم فى كل شىء أن يسترخى ويطمئن. فكل شىء يسير على أفضل ما يكون ــ انتهى الاقتباس.
 
هذا الكلام مهم وحساس، لأنه يفتح ملفا دقيقا لم يطرح للنقاش العام فى مصر، ذلك أن الجدل أثير قبل أشهر قليلة حول الدور السياسى للقوات المسلحة، وتطرق ضمنا إلى عدم مناقشة الميزانية العسكرية. وقد ظننا ان الأمر متعلق بالأسرار الحربية، ولكن كلام الإعلامى البريطانى نبهنا إلى بعد آخر يخص الميزات والمكتسبات الاقتصادية. ولست فى موقف يسمح بمناقشة الموضوع، لكنى أزعم أنه ثقتنا فى القوات المسلحة تشجعنا على فتح الملف ونحن مطمئنون، ثم أن الشفافية التى تعزز الثقة تقتضى عدم تجاهله، وخير لنا أن نقترب منه ونحن نستشعر الاطمئنان وحسن الظن، بدلا من أن تسكت عليه فيثير آخرون اللغط من حوله بما يحمل البعض على إساءة الظن.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 173 مشاهدة
نشرت فى 24 فبراير 2012 بواسطة TAHAGIBBA

الأربعاء 22 فبراير 2012 - 9:30 ص بتوقيت القاهرة ------  بقلم : فهمي هويدي ------مجازر مصر قذرة، واللحوم المعروضة مليئة بالجراثيم والملوثات. هذه خلاصة شهادة رئيس جهاز الغذاء فى مصر، السيد حسن منصور، التى نشرتها جريدة «الشروق» على صفحتها الأولى يوم الإثنين الماضى (20/2). ذكرتنى الشهادة بما سمعته ذات يوم من أحد الأصدقاء الأجانب، الذى أبدى دهشته من عرض اللحوم على واجهات محال الجزارة فى الشوارع العمومية. وقال إن مصر هى البلد الوحيد فى العالم الذى يعلق اللحوم مكشوفة فى الشوارع، فى حين يحفظ الأحذية فى علبة مغلقة!
ليس اكتشافا ولا خبرا جديدا أن تكون المجازر قذرة واللحوم المعروضة مسكونة بمختلف أنواع الجراثيم. فكلنا نعلم ذلك، وربما كان الجديد أن أحد المسئولين جهر بالملاحظة. لن نعدم صوتا يقول إن هناك أناسا لا يعنيهم شأن اللحوم أو مصيرها لأنهم لا يتناولونها ولا علاقة لهم بها. وربما أعادت الملاحظة إلى الأذهان قصة ثلاثة من جماعتنا سمعوا رجلا يقول: رأيى أن نأكل لحما، فسأل الأول: ماذا  تعنى كلمة رأيى؟ وقال الثانى: ما معنى كلمة لحم؟ وبعد تفكير قال الثالث بصوت حائر: ما الذى تعنيه كلمة أكل؟!
 
المشكلة ليست فقط فى أن المجازر قذرة واللحوم ملوثة، وهو أمر خطر لا ينبغى التقليل من شأنه، لكنها أيضا فى كونها كاشفة عن مدى التدهور الذى أصاب مختلف المرافق التى تقدم الخدمات للناس، ذلك أن ما قاله رئيس جهاز الغذاء عن المجازر فى مصر ينطبق على المدارس والمستشفيات مثلا. أعنى أن حال المجازر هو جزء من كل، والقذارة فى تلك المجازر امتداد للقمامة المنتشرة فى الشوارع والانهيار الحاصل فى خدمات التعليم والعلاج والصرف الصحى. وهى من الآثار المباشرة لتدهور قيمة العمل وشيوع الفساد الإدارى وانعدام الرقابة والمتابعة، واحتقار المواطن وازدرائه.
 
لديت ملاحظتان على الظاهرة التى يتجاهلها مثقفو العاصمة وزبائن الفضائيات، ذلك أننى أستغرب كيف أن الناس ألفت هذا التدهور وتعايشوا معه بحيث لم يعد يدهشهم أو يثير احتجاجهم أو غضبهم. وليس لدى تفسير مقنع لذلك. إذ لست متأكدا من أن ذلك تعبير عن السلبية فى المجتمع. ولا أستبعد أن يكون راجعا إلى أن الناس يئسوا من إصلاح أحوالهم، وفقدوا الثقة فيمن يديرون الأمر. وربما كان راجعا أيضا إلى ضعف أو غياب دور المؤسسات المدنية التى تعبر عن المجتمع، بحيث باتت مقطوعة الصلة بالناس حيث هى إلى السلطة أقرب. فلا هى مشغولة بهمومهم ولا هى مكترثة بمراقبة أداء المؤسسات التى يفترض أن تخدم الناس، ولأن أغلب تلك المؤسسات تعتمد على التمويل الأجنبى، فإن الممولين لهم «أجندتهم»، التى ليس من بنودها غذاء الناس أو تعليمهم أو صحتهم.
 
الملاحظة الثانية أنه فى حين يشيع بين الناس عدم المبالاة بأمثال تلك الكوارث الحاصلة فى مجالات الخدمات والإنتاج، فإننا نجدهم مستنفرين وشديدى الحماس لأندية كرة القدم والمهرجانات الفنية. أثار انتباهى فى هذا الصدد أن نائبا عن مدينة بورسعيد، الدكتور أكرم الشاعر، ذكر فى أحد البرامج التليفزيونية أنه أثناء حملته الانتخابية كان يسأل الناس عما يريدون، فسمع من بعضهم أن ما يتمنونه حقا أن يفوز فريق المدينة لكرة القدم (المصرى) بكأس مصر هذا العام!
 
إننا لم نعرف غضبا جماهيريا احتجاجا على انحطاط التعليم أو تدهور خدمات العلاج، لكن الحزن يعم وذلك الغضب يمكن أن ينفجر إذا خيَّب الفريق القومى أملهم فى أى مسابقة كروية.
 
أغلب الظن أن ذلك التشوه فى الإدراك وتلك الاستقالة من الشأن العام من رواسب المرحلة التى استمر فيها إقصاء المجتمع لعدة عقود. حين كان الشعار غير المعلن هو: دعوا السياسة والإدارة وقضايا المصير لأهل الحكم والسلطان، وليستمر إلهاء الناس بالرياضة ومسلسلات التليفزيون وبمختلف أشكال التسلية واللهو الأخرى. إلى جانب ذلك، فإننا لا نستطيع أن نغفل دور الإعلام الذى يشحن الناس ويعبئهم لصالح الانشغال بما يثير العواطف ويدغدغ المشاعر، ولا يكترث كثيرا بإذكاء اهتمامهم بما هو مفيد ويؤسس للمستقبل. لست ضد أن يتسلى الناس وأن يروحوا عن أنفسهم، فذلك أمر مهم لتوازن الإنسان، لكنك لكى تتوازن لابد أن تكون أولا إنسانا موفور الكرامة ومتمتعا بالحد الأدنى من العافية. وذلك أحد الأحلام التى من أجلها قامت الثورة.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 241 مشاهدة

 الثلاثاء 21 فبراير 2012 - 8:55 ص بتوقيت القاهرة  --  المقال الاسبوعي بجريدة الشروق بقلم الاستاذ والمفكر الاسلامي الكبير :  فهمي هويدي                                                           أفهم أن يطالب البعض بتكليف الإخوان بتشكيل الحكومة فى مصر، لكنى أستغرب أن يأخذ الإخوان الكلام على محمل الجد، فيشمرون عن السواعد ويشاورون ويرشحون ويرتبون. ثم يقول قائلهم بمنتهى الحماس إنهم ليسوا جاهزين من اليوم فقط، ولكنهم جاهزون من أمس أيضًا!
(1)
يثير انتباهنا لأول وهلة، أن بين من يلحون فى هذه الدعوة نفر من الكارهين والشامتين والبصاصين الذين كانوا أبواق جهاز أمن الدولة فى ظل النظام السابق. وهى ملاحظة أسجلها بسرعة ولا أدعو إلى الوقوف عندها طويلا، ذلك إننى مستعد لافتراض حسن النية لدى الأغلبية، وتفهم الحجة المنطقية التى تقول إن الحزب الحائز على الأغلبية فى البرلمان يتعين عليه أن يشكل الحكومة. علما بأننى لست مشغولا كثيرا بما إذا كان يحق لهم تشكيل الحكومة أم لا، لكن سؤالى ينصب على ملاءمة وجدوى الإقدام على هذه الخطوة فى الظروف الراهنة لمصر. وإجابتى السريعة أننى أعتقد أن ذلك ليس فى مصلحة البلد ولا فى مصلحة الإخوان. أما كيف ولماذا، فذلك ما سأحاول شرحه هذه المرة.
 (2)
أرجو أن يكون واضحا فى الأذهان ابتداء أننى أتحدث عن حالة مصر ولا أطلق حكما عاما، لاقتناعى بأن مصر لها خصوصية لا تتوفر لأقطار أخرى كثيرة. إذ هى بلد مركزى يعد مفتاح العالم العربى وعاصمته، كما قال بحق الدكتور جمال حمدان، إذا عزَّت استعادت الأمة عزتها وكبرياءها، وإذا  هزمت انكسرت الأمة وذلت. ولا أعرف إن كانت هذه المقولة تحتاج إلى برهان أم لا، لكنك إذا تطلعت إلى حال الأمة بعدما وقعت مصر معاهدة السلام مع إسرائيل وإذا رصدت أصداء هذه السقطة فى أرجاء العالم العربى، فلن تحتاج إلى مزيد برهان.
 
بكلام آخر فإن خصوصية الموقع أضفت على مصر أهمية أغرت القوى الكبرى على مدى التاريخ بأن تتطلع إليها وتطمع فيها، حتى تحدث الدكتور حمدان فى مؤلفه «شخصية مصر» عن جناية الموقع على هذا البلد. ضاعف من أهمية مصر فى الاستراتيجيات العالمية أمران، الأول معاهدة السلام مع إسرائيل، والثانى أنها تتصدر عالما عربيا يختزن النفط الذى تعتمد عليه الصناعة الغربية، الأمر الذى جعل ذلك العالم وعاء مهما للمصالح الحيوية الغربية.
 
لأن الأمر كذلك، ففى النظر الغربى ثمة «سقف» لأى حراك فى مصر والعالم العربى، حيث مسموح لأى دولة أن تفعل ما تشاء مادام ذلك لا يمس من قريب أو بعيد السلام مع إسرائيل أو موضوع النفط الذى بات يوصف بأنه مصلحة غربية عليا. وإذا صح ذلك التحليل فإن الدوائر الغربية والإسرائيلية تتوجس من أمرين فى العالم العربى أولهما الاستقلال الوطنى وثانيهما الديمقراطية الحقيقية. إذ من شأن تحقق أى منهما أو كليهما أن يؤدى فى نهاية المطاف إلى اشتباك مع المصالح الغربية والطموحات الإسرائيلية. لسبب جوهرى هو أن استمرار تلك المصالح والطموحات يفترض حالة من «الخضوع» للسياسة الغربية، الأمر الذى لابد أن يصطدم مع استحقاقات الاستقلال أو مقتضيات الممارسة الديمقراطية. لذلك فإننا لا نبالغ إذا قلنا إن ترحيب واشنطن أو غيرها من الدول المعنية بالربيع العربى مؤقت ومشروط بألا تتعارض ثماره مع ذلك السقف المفروض.
 (3)
إذ يممت وجهك شطر الداخل الذى هو الأهم والأساس فسوف تجد أن الأضواء الحمراء تخطف البصر وتفوق الحصر، ذلك أن مصر التى دمرها وشوه مؤسساتها النظام السابق تحتاج إلى بناء جديد. وذلك هم تنوء بحمله الجبال. إذ لا تحتاج مصر إلى مجرد إصلاح سياسى يتحقق بإصدار دستور جديد أو إجراء انتخابات برلمانية، وإنما المطلوب والمأمول أن تستعيد مصر عافيتها وتتجاوز حالة التقزيم والإعاقة التى فرضت عليها وأخرجتها من مجرى التاريخ حتى أصبحت مجرد حقيقة جغرافية. صحيح أن تقدما كبيرا حدث بعد الثورة فى مجال الحريات العامة، لكن قائمة المهام المطلوب إنجازها طويلة، وحلم النهضة والعدل الاجتماعى يستدعى ملفات أخرى كثيرة تشمل التعليم والصحة والإسكان وغير ذلك من مجالات الخدمات، إلى جانب ملفات الإنتاج التى يطل منها كم مقلق من الإشارات الحمراء. ذلك أن ثمة شبه إجماع بين الخبراء على أن الوضع الاقتصادى فى مصر سيكون فى أسوأ حالاته خلال السنة المقبلة على الأقل. الأمر الذى لا يتفاءل هؤلاء بتأثيراته وتداعياته الاجتماعية وربما السياسية أيضا. ولاتزال ترن فى أذنى مقولة رددها أمامى واحد من أولئك الخبراء. ادعى فيها أن إدارة شئون مصر فى الفترة المقبلة ستكون أقرب إلى العملية الانتحارية، ما لم يتم التصدى للمسئولية بأكبر قدر من المهارة وأوسع إطار للمشاركة من جانب الطبقة السياسية والقوى الحية فى المجتمع.
 (4)
إن التحديات الجسام التى تواجه مصر الثورة فى الداخل والخارج لا تحتمل التبسيط أو المغامرة. وهى أكبر من الإخوان ومن أى فصيل بذاته. وأرجو ألا يقارن أحد الوضع فى مصر بنظيره فى تركيا أو ماليزيا أو كوريا الجنوبية أو سنغافورة لثلاثة أسباب. الأول ما ذكرته توا من أن مصر لها وزن مختلف فى الحسابات الاستراتيجية الدولية. الثانى أن وجود حدود مشتركة ومعاهدة سلام بين مصر وإسرائيل له تبعاته التى لا تتوافر لأى بلد آخر. الثالث أن ما أنجزته تلك الدول هو حصيلة تراكم تواصل عبر فترة تراوحت بين 30 و40 سنة. وحالم أو ساذج من يتصور أنه يمكن أن يستنسخ ما بلغوه من إنجاز من خلال «حرق المراحل» ودون أن يتوافر ذلك التراكم.
 
إننا بحاجة إلى حكومة وحدة وطنية وليس حكومة إخوانية. ولا يقولن أحد إن الأغلبية البرلمانية ينبغى أن تتحمل المسئولية مادامت قد عرضت نفسها على الناس وتم التصويت لصالحها. أولا لأن هذه الأغلبية تمارس المسئولية من خلال مجلس الشعب الذى يرأسه أحد القياديين فى الإخوان. ثانيا لأن الفوز بالأغلبية لا يعنى بالضرورة أن يتحمل الحزب الفائز كامل المسئولية عن إدارة البلد. وقد وجدنا فى تجربة تونس أن حزب الأغلبية تحمل مسئولية الحكومة فى حين كانت رئاسة البرلمان (الجمعية التأسيسية) من حصة حزب آخر، وتولى رئاسة الدولة رئيس حزب ثالث. ثالثا فإننى لا أقول بابتعاد الإخوان تماما عن الحكومة، ولكنى أدعو إلى أن يتولى تشكيلها أحد الشخصيات الوطنية الموثوق فيها، على أن تشترك فيها مختلف القوى الوطنية والإخوان والسلفيون من بينهم، ليتحقق بذلك أوسع قدر من التوافق الشعبى.
 (5)
قلت قبل قليل إن تشكيل الإخوان للحكومة فى الظروف الراهنة ليس فى مصلحة البلد، كما أنه ليس فى مصلحة الإخوان أو الحركة الإسلامية عموما. هو ليس فى مصلحة البلد لأن دولا عدة غربية بل عربية أيضا سوف تحجم عن تقديم أى معونات أو استثمارات لمصر، ولا أستبعد أن يتكرر مع حكومة الإخوان فى مصر ما حدث مع حكومة حماس فى غزة. وليس سرا أن من مصلحة تلك الدول إثبات عجز تلك الحكومة وفشلها فى مهمتها.
 
من ناحية أخرى، فإن إدارة دولة بحجم وأهمية مصر ــ ناهيك عن أن يستهدف ذلك استعادة مكانتها فى مجرى التاريخ ــ تتطلب خبرات لا أتصور أنها متوافرة لدى حركة الإخوان. والسبب فى ذلك أن الأنظمة السابقة حرصت على إقصاء عناصرها من مختلف واجهات العمل الوطنى. ولست أشك فى أن لديهم من الكفاءات من يستطيع أن يشارك فى الحكومة، لكن شكى كبير فى قدرتهم على تشكيل الحكومة والاستئثار برئاستها وبأغلب وزاراتها، تبعا لنسبتهم فى البرلمان.
 
من ناحية ثالثة، فإننى أخشى أن يتكرر مع حكومة الإخوان ما حدث فى تركيا مع نجم الدين أربكان زعيم حزب الرفاه حين رأس الحكومة لأول مرة عام 1996. ذلك أن الرجل لكى يستمر فى منصبه فإنه اضطر لتوقيع أسوأ الاتفاقات الأمنية مع إسرائيل. الأمر الذى أضر بالبلد كما أضر بسمعة شخصه وحزبه.
 
حين قلت إن تشكيل الحكومة ضار بالإخوان فى أنفسهم فقد كان فى ذهنى أنهم إذا فعلوها فقد يضطرون إلى الإقدام على تنازلات تهدد رصيدهم التاريخى، وقد تهدد شرعيتهم باعتبارهم فصيلا من الحركة الوطنية المصرية. وستكون العلاقة مع إسرائيل مثلا تحديا واختبارا لهم من اليوم الأول. إذا سلموا وامتثلوا فقد خسروا أنفسهم وشعبيتهم، وإذا تمنعوا أو رفضوا فقد خسروا علاقتهم مع الأمريكان ومع دول الاعتدال العربى. وقد قال لى أحد المخضرمين إنه لن يستبعد فى أول أسبوع لحكومة الإخوان أن تختبرها إسرائيل من خلال شن هجوم على غزة، لكى تتعرف على نواياها إزاءها.
 
ليس سرا أن بعض الذين يدعون إلى تشكيل حكومة الإخوان يريدون توريطها فى كمين منصوب لهم. ذلك أن حرج الظرف وصعوبة الموقف الاقتصادى تحديدا، إضافة إلى العقبات والضغوط التى سبقت الإشارة إليها تجعل المراهنة أكبر على إفشال مهمة الحكومة، بما يراد له أن يؤدى إلى قطع الطريق على أى دور للحركة الإسلامية فى السلطة لعدة عقود مقبلة، ليس فى مصر وحدها ولكن أيضا فى العالم العربى بأسره. وليس سرا أيضا أن ثمة أطرافا داخلية وعربية ودولية يهمها للغاية وقف ذلك المد الذى أوصل الإسلاميين إلى مواقع السلطة ودوائر صناعة القرار.
 
هذا الذى أقوله ليس مجرد استنتاج، ولكنه يعتمد على معلومات محددة، خلاصتها أنه يجرى فى مصر هذه الأيام الإعداد لتشكيل حزب جديد يكون بديلا مرشحا لتسلم السلطة بعد الفشل المرتجى لحكومة الإخوان. وهذا الحزب يسوقه الآن ويوزع استمارات عضويته بعض ذوى الصلة بالنظام السابق، وهناك كلام مثار حول دعم خارجى له، أسهمت فيه بعض الدول العربية. أكرر: ما أقوله معلومات وليس استنتاجات.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 248 مشاهدة

الإثنين 20 فبراير 2012 - 8:45 ص بتوقيت القاهرة     بقلم - فهمي هويدي                          حين أبرزت بعض صحف أمس (الأحد 19/2) قصة ضباط الشرطة الذين يريدون إطلاق لحاهم فى الظروف المواتية الراهنة، قلت: هذا موقف ليس له إلا الشيخ محمد الغزالى. إذ تذكرت يوم أن صادف شابا حضر مجلسا وقد تدلى من فمه «مسواك» ظل يحركه طول الوقت. وهو ما أثار استياء الشيخ فسأله مستنكرا: ما هذا الذى تفعله؟ فرد الشاب قائلا إنه سنة عن النبى عليه الصلاة والسلام، فقاطعه الشيخ قائلا، والاستياء بادر على وجهه: إن «الاستنجاء» سنة أيضا! (مشيرا إلى الاغتسال بعد قضاء الحاجة). وكانت رسالته واضحة وهى أن هناك ملاءمات حتى فى اتباع السنن، وأنه ليس كل سنة تمارس فى أى وقت وفى أى مكان. ومن الكياسة أن توضع السنة فى سياقها ومكانها المناسبين.
نحن نعلم أن السُّنة درجات، وبعضها من العادات والبعض الآخر من العبادات، والأخيرة فيها الملزم وغير الملزم. ومن تطوع فى اتباع ما كان قولا أو فعلا أو إقرارا من السنن فهو خير له. ولست هنا فى مقام الافتاء فى موقع اللحية من درجات السنن، فذلك أمر له أهله. لكنى أتحدث عن الملاءمة فى إطلاقها بالنسبة لرجل الشرطة فى مصر. وأخص مصر بالذكر لأن إطلاق اللحية فى الشرطة والجيش شائع فى الأقطار الخليجية وفى بعض الدول الأخرى مثل باكستان والهند وأفغانستان. بالتالى فأنا أتحدث عن مجتمع ليس من أعرافه أن يطلق رجل الشرطة أو الجيش لحيته. الأمر الذى يعنى أن التصريح بإطلاق اللحية فيه يمكن أن يعبر عن هوية ليس من الصحى إبرازها فى أوساط الشرطة أو الجيش. حيث أزعم أن ذلك قد يكون بابا لفتن لا يعلم إلا الله مداها.
 
لا أخفى أننى ما أردت أن أناقش موضوع الإباحة والحظر فى إطلاق لحية العسكريين، وإن كنت أسجل أنه بعد الثورة ألغى قرار منع الضباط المتقاعدين الملتحين والسيدات المنتقبات من دخول نوادى القوات المسلحة، فى حين ألحظ ازدراء رسامى الكاريكاتير الدائم بالملتحين، حتى قلت مرة لمن أعرف منهم ليتكم تعاملونهم بذات القدر الذى تصورون به القسس.
 
ما يشغلنى حقا ليس إجابة السؤال هل يسمح للعسكريين بإطلاق لحاهم أم لا، ولكن يقلقنى طرح السؤال من الأساس، لأننى أزعم أنه حين يأتى ذكر الشرطة على أى لسان، فإن أول ما يخطر على البال هو حال الانفلات الأمنى وإعادة هيكلة الداخلية ليصبح هدفها الدفاع عن المجتمع واحترام المواطن وليس العكس. أما إطلاق اللحى أو حلقها فذلك شأن يهم أفرادا معدودين ولا يهم المجتمع فى شىء. وحين تسلط وسائل الإعلام الأضواء على أمثال تلك الأمور الفرعية وتحولها إلى قضايا عامة، فإنها تؤدى إلى تشويه الرأى العام وإشاعة الخلل فى أولويات المجتمع.
 
لا أعرف إن كان ذلك مقصودا أم لا، لكنى ألاحظ أننا منذ قامت الثورة نستدرج إلى مناقشة العديد من الأمور التافهة والحوادث الفردية. مرة نتحدث عن مصير المايوه البكينى فى ظل الوضع الجديد. ومرة ثانية نشغل بشخص غطى تمثالا فى الإسكندرية، وآخر وصف التماثيل بأنها من مخلفات حضارة عفنة، وثالث وصف نجيب محفوظ بما لا يليق. وبعد ذلك ننشغل بفرقعة إعلامية أقدم عليها أحد السلفيين حين رفع الأذان للصلاة فى أثناء انعقاد جلسة مجلس الشعب، ثم تقوم الدنيا ولا تقعد لأن محاميا مجهولا اتهم عادل إمام بإزدراء الأديان، ورفع قضية غاب صاحبنا عن جلسة النظر فيها فأصدر القاضى حكمه بحبسه ثلاثة أشهر، ليس إدانة له ولكن بسبب الغياب، فى حين يفترض إلغاء الحكم فى أول جلسة استئناف. وبين الحين والآخر تشغلنا الصحف بقبطية أحبت شابا مسلما أو العكس ثم اختفيا.. إلى غير ذلك من الحوادث الفردية التى تتراوح بين التفاهة والسخافة، وينبغى تجاهلها، إلا أن وسائل الإعلام وبعض المثقفين المتصيدين يحولونها إلى قضايا عامة، وكأنها ظواهر اجتماعية وأمراض يعانى منها المصريون، فى حين أن الشعب المصرى لا علاقة له بكل ذلك، حيث الناس مشغولون بطوابير الخبز وأنابيب البوتاجاز ومشاكل الدروس الخصوصية والبطالة والغلاء وغير ذلك من الأمور الحياتية التى ترهقهم على مدى العام.
 
إذا تم ذلك التشتيت بحسن نية فقد نقول إنه من قبيل حملات الإثارة الرخيصة. التى تتسابق عليها الصحافة الصفراء. أما إذا فتحنا أبواب سوء النية فإننا لا نجد تفسيرا لذلك الجهد الذى يسهم فيه بعض المثقفين بنصيب وافر سوى أنه يصب فى اتجاه تخريب الرأى العام ومحاولة التشهير والتخويف وإبعاد الناس عن همومهم الحقيقية وإشغالهم بصغائر الأمور ــ لذا وجب التنويه.

 

  • Currently 7/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
2 تصويتات / 293 مشاهدة
نشرت فى 20 فبراير 2012 بواسطة TAHAGIBBA

الأحد 19 فبراير 2012 - 8:55 ص بتوقيت القاهرة ---------- بقلم : فهمي هويدي ------

الآن علمنا أنه لم يحدث تهجير للأقباط من قرية شربات التابعة لحى العامرية بالإسكندرية. وتوفر لدينا دليل جديد على أن الفتنة الحقيقية صنعها وأجج نارها نفر من المتعصبين والمهيجين بين المثقفين والإعلاميين، على الأقل فتلك هى خلاصة خرج بها الوفد البرلمانى الذى زار القرية يوم الخميس الماضى 16/2 واجتمع بممثليها من المسلمين والأقباط. وأصدر الجميع بيانا نشرته الصحف أمس (السبت) كشف عن الفضيحة التى لعب فيها إعلام التحريض والإثارة دورا خطيرا للغاية.
 كنت واحدا ممن صدمتهم أخبار «تهجير» الأقباط التى جرى الترويج لها والتنديد بها فى وسائل الإعلام المختلفة طوال الاسبوعين الاخيرين على الاقل. وإذ أدهشنى ما قرأت وسمعت فإننى سعيت إلى الاتصال المباشر بأطراف الموضوع لتحرى حقيقة الأمر. وتمكنت من الاستماع إلى شهادات ثلاثة منهم هم: السد نادر مرقص عضو المجلس الملى بالإسكندرية ــ الشيخ شريف الهوارى القيادى بالدعوة السلفية بالعامرية ــ السيد أحمد الشريف عضو مجلس الشعب عن العامرية، وهو من ممثلى حزب النور السلفى. وكانت الخلاصات التى خرجت بها كما يلى: 
● أن المشكلة مرت بمراحل متعددة، إذ حين ذاع أمر الصور التى كشفت عن علاقة غير مشروعة بين خياط (ترزى) قبطى وامرأة مسلمة متزوجة، فإن ذلك أثار غضب أهالى القرية المحافظة فخرجوا قاصدين بيت الخياط للتنديد بفعلته، خصوصا أن مجتمع أهل القرية (خليط من العرب والصعايدة والفلاحين) يعتبر المساس بالعرض والشرف جرما أكبر من القتل.
 
● فى الطريق خرج إليهم لتهدئتهم كبير القبط فى القرية ابسخرون خليل سليمان الشهير بأبوسليمان. وبينما هو يتحدث الى الغاضبين صعد احد ابنائه فوق بيت مجاور وأطلق بعض العيارات النارية فى الهواء لتفريقهم، ثم صعد ابن آخر له وفعل نفس الشىء، وفى رواية أن اطلاق النار تكرر للمرة الثالثة.
 
● فى هذه الأجواء التى توترت جراء اطلاق النار استدعى احد المسلمين سلاحه الآلى وحاول أن يرد، حيث يبدو أن الأعراف السائدة تعتبر إطلاق النار نوعا من الاهانة يستهدف تخويف الجمع المحتشد، إلا أن بعض السلفيين الذين ظهروا لحماية الاقباط أرادوا منع الرجل المسلم من اطلاق النار، وفى هذه الاثناء انطلقت من سلاحه رصاصات اصابت ثلاثة من المسلمين تبين أن أحدهم فى حالة خطرة، وهو بين الحياة والموت الآن.
 
● حين حدث ذلك انفلت العيار وتغير الاتجاه، فبعد أن كان الغاضبون يستهدفون بيت الرجل القبطى الذى أقام علاقة غير مشروعة مع السيدة المسلمة، فإنهم صبوا غضبهم نحو مصدر النيران التى اطلقت، وكانت بيوت أبوسليمان وبعض محاله ضحية ذلك، فأحرقت ونهب 3 شقق و4 محال تجارية، فى حين ظل بيت الجانى الاصلى سالما.
 
● فى هذه الاثناء تولى شباب الدعوة السلفية وعناصر الإخوان حماية بيوت الاقباط ومحالهم. واتفق شيوخ القرية على عقد اجتماع لاحتواء الموقف يمثل فيه كل طرف بخمسة اشخاص، فى مجلس عرفى. وهى الصيغة التى يلجأون اليها لحل المشكلات فيما بينهم، ولهذا المجلس تقاليد مستقرة، بينها إبعاد طرف النزاع من القرية بصورة مؤقتة أو دائمة خصوصا فى حالات القتل، حيث يكون من شأن ذلك حقن الدماء، وفى واقعة أخيرة تقرر إبعاد شاب مسلم من اسرة ابوعقص لأنه قتل ابن عمه (الشقيقان عابد أبوعقص وأخوه ناجى والقاتل ابن الأول).
 
● فى الاجتماع اقترح القمص بقطر ناشد راعى كنيسة القرية ابعاد الترزى الذى أقام العلاقة مع السيدة المتزوجة، وطرح آخرون ابعاد ابوسليمان أيضا وابنيه اللذين اطلقا الرصاص لإرهاب المتظاهرين، وكان ابناه قد غادرا القرية خوفا على حياتهما، لكن الشيخ شريف الهوارى كبير السلفية اعترض على ذلك، قائلا إن الرجل لا ذنب له، وولداه تحركا بدافع الخوف ولم يقصدا إصابة أحد من المتظاهرين.
 
● لتهدئة الخواطر تمت استضافة ابوسليمان وولديه لدى بعض الاسر المسلمة المقيمة على حدود القرية، كما تم الاتفاق على عودة الرجل الى قريته حين تتهيأ الاجواء لذلك، وكأن ابوسليمان قد ابدى استعدادا لترك القرية وتصفية اعماله فيها، ولكن جيرانه المسلمين أقنعوه بتغيير رأيه، بعدما تم الاتفاق على تعويضه وتعويض غيره عن أية أضرار أصابتهم جراء غضب المتظاهرين، الذين اختلطت بهم عناصر من المهيجين والعاطلين.
 
● موضوع الجريمة الأصلية المتمثلة فى العلاقة غير المشروعة بين الرجل والمرأة مصيره بين يدى النيابة وله مسار آخر.
 
ماذا يقول المرء حينما تتبين له هذه الحقائق على الأرض، بينما إعلام الإثارة وأصوات المتعصبين والمهيجين تصيح وتولول منددة بتهجير الاقباط وإنزال العقاب الجماعى بهم؟ وفى مثل هذه الحالة هل نحتاج إلى طرف ثالث لكى يؤجج الفتنة ويخرب البلد؟

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 242 مشاهدة

السبت 18 فبراير 2012 - 9:06 ص   ----------------       بقلم : فهمي هويدي

طوال الأسبوع الماضى كانت عناوين الصفحات الأولى للصحف التركية تتحدث عن مفاجأة استدعاء رئيس المخابرات وخمسة من مساعديه، للتحقيق معهم أمام المدعى العام لإحدى محاكم اسطنبول. وكان الدافع إلى الاستدعاء أن المدعى العام (صدر الدين صارى قايا) اعتبرهم مشتبهين فى قضية تخابر مع قيادات سياسية فى حزب العمال الكردستانى، الذى يعتبر «إرهابيا» ومحظورا فى تركيا. المفاجأة كانت مركبة، ذلك أن أحدا لم يتوقع أن يتهم رئيس جهاز المخابرات حقان فيدان وأعوانه بالتخابر مع حزب معاد للحكومة. ثم إنها المرة الأولى التى يوجه فيها اتهام من هذا القبيل لرئيس المخابرات، وأن يستدعى لسماع أقواله فى الموضوع. إلى جانب ذلك فالرجل محسوب على رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، الذى اختاره للمنصب وائتمنه على المهمة.

رفض حقان المثول أمام قاضى التحقيق، معتبرا أنه تجاوز اختصاصاته، وأنه لا يجوز له أن يحقق مع رئيس المخابرات الذى يعد أحد المسئولين عن أمن الدولة، وصلاحياته تسمح له بأن يحاول اختراق المنظمات التى تهدد أمن البلاد. لكن المدعى العام أصر على موقفه ورفض أن يسحب قراره، الأمر الذى وضع الحكومة فى حرج كبير، ولإنقاذ الموقف بصفة مؤقتة تم سحب الملف من قاضى التحقيق بناء على أوامر المدعى العام الأعلى فى أسطنبول. ولكن ذلك لم يوقف الجدل حول الموضوع، لأن أحزاب المعارضة اعتبرت القرار تدخلا من جانب السلطة التنفيذية فى سير القضية وعدوانا من جانبها على القضاء المستقل.
الضجة التى ثارت بدا واضحا منها أن الهدف ليس حقان رئيس المخابرات، ولكنه أيضا رئيس الحكومة أردوغان. وترددت إشارات فى ثنايا التعليقات إلى دور الأصابع الخارجية فى افتعال المشكلة. وسلط الضوء على هذا الجانب المحلل السياسى التركى الدكتور سمير صالحه. الذى نبه إلى الدور الإسرائيلى فى العملية، وكيف أن حكومة تل أبيب تريد الانتقام من أردوغان وحكومته الذين قلبوا سياستها فى المنطقة رأسا على عقب فى السنوات الأخيرة وذكر أن وزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك انتقد اختيار حقان رئيسا للمخابرات، بزعم أنه مقرب من إيران، وقد يسلم طهران وثائق مهمة حول التعاون الاستخبارى بين تركيا وإسرائيل، مما يهدد أمن الدولة العبرية.
المفاجأة التى كشف عنها الدكتور صالحه أن السبب الحقيقى لمحاولة الإيقاع برئيس المخابرات حقان ومحاولة تلويث صفحته ليس التخابر معه حزب العمال الكردستانى لكنه يكمن فى حملة المطاردة والتنظيف التى أطلقها الرجل ضد عملاء وشبكات الموساد فى تركيا، أدى إلى قطع الطريق على الكثير من العمليات التى كانوا ينفذونها فى المدن التركية الرئيسية لاصطياد المتعاونين والعملاء من كل الجنسيات، مستفيدين من المساحة السياسية والتجارية فى البلد المفتوح للجميع. ليس ذلك فحسب، وإنما عمد حقان إلى تجميد نشاطات وتحركات الموساد الإسرائيلى داخل أكثر من جهاز رسمى وخاص تركى، إضافة إلى أنه يتحمل مسئولية إغلاق أهم محطة رصد واستطلاع وتجسس إسرائيلية فوق الأراضى التركية وتوسيع رقعة العمليات لجهاز الاستخبارات التركى (ام. آى. تى) لتصل إلى أكثر من دولة إقليمية تعارضت الحسابات والمصالح فيها بين أنقرة وتل أبيب (الشرق الأوسط 15/2).
فى اليوم التالى لنشر مقالة الدكتور سمير صالحه نشرت جريدة «الشروق» (عدد 16/2) خلاصة تقرير لمجلة «المصور» التونسية اعتمد على دراسة لمركز يافا للدراسات والأبحاث فى تل أبيب ذكر أن جهاز الموساد الإسرائيلى قام بتنشيط جواسيسه فى المدن التونسية بعد ثورة ١٤ يناير بحيث يتولى فرع تونس العاصمة رصد الأهداف فى الجزائر، ويتولى فرع جزيرة جربة (500 كم جنوب شرق العاصمة) رصد الأهداف فى ليبيا. ويهتم فرع مدينة سوسة (150 كم شرق العاصمة) بالقضايا المحلية التونسية. أضاف التقرير أن الموساد يركز على ثلاثة أهداف هى: بناء شبكات تخريب وتحريض، ومراقبة ما يجرى فى الجزائر وليبيا، إضافة إلى مراقبة ما تبقى من نشاط فلسطينى فى تونس، ومراقبة الحركات الإسلامية السلفية. وذكرت المجلة أن الموساد نجح فى إحداث قلاقل قبل الثورة وبعدها، وذلك بهدف تعطيل أية خطورة لإقامة تحالفات استراتيجية مع أطراف تعتبرها إسرائيل والولايات المتحدة وإسرائيل خارجة عن «بيت الطاعة».
السؤال الذى خطر لى بعد الذى قرأته عن تغلغل الموساد فى تركيا وفى تونس هو: ما الذى يفعله جهاز الموساد فى مصر، الذى لا نشك فى أنه موجود، ولماذا لا يسلط الضوء على الأنشطة التى يمارسها؟.. إحدى الإجابات التى خطرت لى أنهم فى تركيا يملكون إرادتهم المستقلة، وهذا ما حدث فى تونس بعد الثورة، التى رفضت الضغوط الإسرائيلية. لكن الأمر لايزال محل نظر فى مصر. على الأقل فلم تثبت لدينا رؤية ذلك الاستقلال.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 169 مشاهدة

 

الأربعاء 18 فبراير 2009 - 12:00 م بتوقيت القاهرة / بقلم : فهمي هويدي 
لا أعرف إن كان الذين لايترددون فى تحدى الرأى العام واستفزاز مشاعر المصريين بممارساتهم القمعية يدركون عاقبة أفعالهم تلك أم لا، لكننى أعرف جيدا أن تلك مغامرة تشعر الناس بالمهانة وتملؤهم بالغضب، الذى يحولهم تراكمه بمرور الوقت إلى قنابل موقوتة، مرشحة للانفجار فى أى وقت. 
لقد سمعنا مراراً وتكراراً أن قوانين الطوارئ لن تستخدم إلا فى مواجهة الجماعات الإرهابية، وأعلن رئيس الوزراء أمام مجلس الشعب أن إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية (الذى يخالف الدستور) لن تتم إلا فى حالتى مكافحة الإرهاب وقضايا الإتجار فى المخدرات. 
لكننا رأينا أن هذه الأساليب الاستثنائية والقمعية لا تستخدم إلا فى التعامل مع الناشطين العاديين، الذين يحاولون التعبير عن أنفسهم من خلال الاحتجاجات السلمية والممارسات القانونية. وضحايا التضامن مع غزة الذين تحدث عنهم أمس نموذج حى بين أيدينا. 
ذلك أنهم لم يفعلوا أكثر من إعلان رفضهم للعدوان الإسرائيلى وتضامنهم مع الشعب الفلسطينى المحاصر والمنكوب. حتى الخطأ النسبى الذى نسب إلى زميلنا مجدى حسين، واتهم فيه بـ«التسلل» إلى غزة لإعلان تضامنه مع أهلها لم يقابل بأى تفهم أو أعذار، وإنما قوبل بإحالته إلى المحكمة العسكرية التى قررت سجنه سنتين جراء «الجريمة» التى ارتكبها.
علماً بأننا لم نسمع أن أحداً من الذين حاولوا التسلل إلى إسرائيل وقعت عليهم هذه العقوبة.
من الأمور المثيرة للانتباه والباعثة على الخزى فى الوقت ذاته، أن هذا الاستقواء الأمنى فى مواجهة المواطنين المصريين والفلسطينيين أيضاً، يتراجع خطوات عديدة إلى الوراء حينما يكون الإسرائيليون هم الطرف الآخر ولكى تتأكد من ذلك، حاول أن تستدعى من الذاكرة مشهد الغضب الحكومى المصرى العارم الذى قوبل به اختراق بعض الفلسطينيين لمعبر رفح، والتصريحات النارية التى أطلقها آنذاك وزير خارجيتنا التى هدد فيها بكسر رجل أو رقبة من يعبر الحدود، ثم ضع إلى جانبه عمليات القمع الشديدة التى ووجه بها الناشطون المتضامنون مع غزة
فى مواجهة هذا الشريط «الساخن»، حاول أن تتتبع رد الفعل المصرى على عشرات الاختراقات التى قامت بها الطائرات الإسرائيلية للمجال الجوى المصرى والحدود، وهى تحاول قصف الأنفاق المستخدمة فى تهريب البضائع عند رفح. حينئذ ستلاحظ أن مصر لم تفعل أكثر من رصد الاختراقات وتسجيلها أولا بأول، ثم إبلاغ القوات الدولية بها بمنتهى الهدوء. وفى ظل ذلك الهدوء تبخر تماماً الكلام عن «كسر رجل» من يعبر الحدود، كما لم نسمع صوتاً لوزير الخارجية، ولا للأبواق الإعلامية الأمنية التى ملأت الدنيا ضجيجاً وغضباً لحرمة أرض مصر التى يعبأ الناس لأجلها تارة، ويغض الطرف عنها تارة أخرى.
يخطىء من يظن أن تحدى الرأى العام والاستهانة بمشاعر الناس واستفزازهم من الأمور التى يمكن أن تمر بسهولة، فيبتلعونها ثم ينسونها. ذلك أنه فى الأمور التى تتعلق بالكرامة، فإن المواطنين يختزنون ولا يبتلعون. وهذا الاختزان مما لا تؤمن عواقبه، وأكرر مرة أخرى، أنه يحول الناس إلى قنابل موقوتة مرشحة للانفجار فى أى وقت. 
وفى موروثنا الثقافى تحذير مستمر من غضب الحليم. والحلم وطول البال من الصفات التى اشتهر بها المصريون. وهو ما ينبغى التذكير به حتى لا ينخدع أحد بصبر المصريين وصمتهم، الذى لا ينبغى أن يستقبل بحسبانه من علامات الرضا. والشواهد التى لاحت فى الفضاء المصرى خلال العامين الأخيرين تدل على أن ثمة تململاً فى المجتمع الذي فاض به الكيل، عبر عن نفسه بأشكال عدة لم تكن مألوفة من قبل. 
ففى الأسبوع الماضى لجأ 800 مواطن من أهالى المحلة الكبرى إلى الجلوس على قضبان السكة الحديد فى عز البرد، احتجاجا على تدهور الخدمة بالقطارات. ومن قبل، هؤلاء قام أهالى برج البرلس فى محافظة كفر الشيخ بقطع الطريق الدولى، بسبب مشكلة حدثت فى توزيع الدقيق، إلى غير ذلك من «الانتفاضات» المحدودة التى تبعث إلى من يهمه الأمر برسائل تفصح عن الغضب المكتوم، ويتعين على هؤلاء تسلمها وقراءة محتواها جيداً قبل فوات الأوان.

 

                                                                                                                                            الثلاثاء 17 فبراير 2009 - 5:49 م بتوقيت القاهرة ---- / بقلم : فهمي هويدي                                                                                فاجأنا السيد عمرو موسى مرتين فى جلسة مؤتمر دافوس التى انسحب منها رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان، ووجه فيه صفعة سياسية مدوية للرئيس الإسرائيلى شمعون بيريز. فى المرة الأولى؛ لأن أردوغان حين نهض محتجاً على منعه من الحديث عن الجرائم التى ارتكبتها إسرائيل فى غزة، فإن عمرو موسى نهض بدوره وصافحه محيياً، وبدا عليه التردد للحظة، ثم عاد إلى الجلوس مرة ثانية، حين أومأ له برأسه السيد بان كى مون، الأمين العام للأمم المتحدة. 

كان المشهد مخيباً للآمال لأن الذى غضب منه وانسحب غِيرة على فلسطين، كان رئيس الوزراء التركى، أما الذى بقى على المنصة وواصل الجلسة كان الأمين العام لجامعة الدول العربية.

المفاجأة الثانية أسبق من الأولى، ذلك أنها ربما كانت المرة الأولى التى نرى فيها الأمين العام للجامعة العربية جالساً على منصة واحدة مع الرئيس الإسرائيلى. 

أدرى أنه نقلها مع بيريز وغيره من المسئولين الإسرائيليين حين كان وزيراً لخارجية مصر، بحكم ارتباط البلد بمعاهدة سلام مع إسرائيل. لكن الأمر اختلف بعد توليه منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية. ذلك أن لقاءاته مع الإسرائيليين إذا كانت من موجبات أدائه لوظيفته فى الحالة الأولى، إلا أن وضعه فى الحالة الثانية بات يفرض عليه أن يتراجع إلى الوراء لأكثر من خطوة، لأن ثلاثة أرباع الدول العربية لم تعترف بإسرائيل، وكذلك الحال بالنسبة إلى الجامعة العربية التى يمثلها السيد عمرو موسى.

وحين تم إيفاد اثنين من وزراء الخارجية العرب «يمثلان مصر والأردن» إلى تل أبيب ذات مرة بدعوى «شرح المبادرة العربية»، وأعلنت إسرائيل أنهما يمثلان الجامعة العربية، فإن مكتب الأمين العام حرص آنذاك على أن ينفى هذه المعلومة ويكذب الخبر الإسرائيلى. وكان ذلك موقفاً حكيماً عبر من حيث الشكل على الأقل عن احترام حقيقة أن أغلب الدول العربية والجامعة لم تعترف بإسرائيل رسمياً.

لماذا تخلى عمرو موسى عن حذره، وجلس مع شمعون بيريز أحد أعدى أعداء الفلسطينيين والعرب على منصة واحدة فى مؤتمر دافوس؟ وإذا فهمنا لماذا قبل ذلك أردوغان الذى ترتبط بلاده بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل منذ ستين عاماً، فإننا لا نفهم أن يفعلها الأمين العام لجامعة الدول العربية، خصوصاً بعد المذبحة التى أقدمت عليها فی غزة، تحت رئاسة السيد بيريز؟

أدرى أن عمرو موسى يحضر مؤتمر دافوس سنوياً. ولا أستبعد أن يكون قد التقى إسرائيليين أو اشترك معهم فى حوارات علنية، لكن هذه هى المرة الأولى التى يتم تصوير المشهد، بما يثبت حالة «التلبس» من جانبه بشىء من التطبيع مع إسرائيل.
هل ما أقدم عليه أمين الجامعة العربية «هو غلطة الشاطر» أم أنه تعبير عن حالة التهاون والارتخاء العربى فى التعامل مع إسرائيل، التى تجلت من قبل فى حضور العاهل السعودى مؤتمر نيويورك، الذى حضره بيريز أيضاً، وعقد تحت غطاء «حوار الأديان»، كما تجلت فيما بدا من اصطفاف لبعض الدول العربية مع إسرائيل فيما سمى بمحور الاعتدال.
لقد شاءت المقادير أن يحدث ذلك بعد الذى جرى فى شأن قمة الدوحة، التى اتهم فيها رئيس وزراء قطر السيد عمرو موسى بأنه لم يكن محايداً، وزاد الطين بلة وزير الخارجية المصرى السيد أبوالغيط حين أعلن على شاشة التليفزيون صراحة أن مصر هى التى أفشلت عقد القمة العربية فى العاصمة القطرية، الأمر الذى ألقى ظلالاً من الشك على حقيقة الدور الذى قام به عمرو موسى فى العملية، وأوحى بأن مصر استخدمته لتحقيق مرادها.
إن الجميع يذكرون كيف أن أسهم الرجل ارتفعت إلى السماء حيناً من الدهر، لكن تلك الأسهم تراجعت بسرعة فى الآونة الأخيرة، حتى أصبح مطالباً باتخاذ قرار شجاع يحافظ به على ما تبقى له من رصيد وسمعة.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 243 مشاهدة

 

لدى البعض منا فى مصر عقدة اسمها «قطر»، وملحق بها قناة الجزيرة بطبيعة الحال. وهو ما فهمته فى ظل النظام السابق الذى اعتبر كل من خالفه فى الرأى خصما وعدوا، لكنى أستغرب استمرار الفكرة بعد الثورة. حيث يفترض أننا تخلصنا من ثقافة مرحلة مبارك، حين استقالت مصر من موقع الريادة ودائرة الفعل، وأصبحت تعامل بنفور واستياء مع أى طرف آخر يتحرك فى الساحة العربية، خصوصا إذا تبنى موقفا مغايرا للموقف المصرى، إلا أنه إذا جاز لنا أن نستغرب شيوع هذه الفكرة بين عامة الناس، فإن استغرابنا يتضاعف حين نلمس صداها فى أوساط المثقفين، الذين يفترض أنهم أكثر وعيا بوزن مصر وأكثر استيعابا لخرائط المنطقة، وأكثر إدراكا لملابسات ومقاصد الدور القطرى. 

قبل أيام قرأنا غمزا فى الدور القطرى انبنى على أن أحد قيادات الإخوان المسلمين تحدث إلى برنامج تليفزيونى بثته قناة الجزيرة، وتطرق فى كلامه إلى استعداد الإخوان لتشكيل حكومة ائتلافية فى مصر، وهو كلام اعتبر حلقة فى مسلسل التآمر على مصر واستمرارا للدور القطرى «المشبوه». ولست أرى وجها للتآمر فى الحوار الذى بثته الجزيرة، كما اننى لا أرى غرابة فى أن يفكر حزب الأغلبية فى تولى السلطة، خصوصا إن أى باحث فى الشأن السياسى يعلم أن الوصول إلى السلطة بالوسائل الديمقراطية هدف مشروع لأى حزب سياسى، رغم أننى لا أحبذ هذه الفكرة فيما خص الإخوان بالذات.
 
فيما فهمت فإن الاعتراض لم يكن على ظهور القيادى الإخوانى على شاشة الجزيرة، وإنما انصب على ما عبر عنه من مواقف. وللعلم فليست هذه المرة الأولى التى بثت فيها القناة شيئا يتعلق بالشأن الداخلى لبلد آخر.
 
 فى هذا الصدد أذكِّر البعض أن الدكتور منصف المرزوقى رئيس تونس الحالى كان أول من أطلق من منفاه فى باريس الشعار الذى رفع به راية العصيان ضد الرئيس السابق زين العابدين بن على، وقد تم له ذلك من خلال قناة الجزيرة حيث قال على شاشتها ان بن على رئيس لا يصلح (بكسر اللام)، ولا يصلح (بضمها). وبسبب ذلك التصريح قطعت العلاقة بين تونس وقطر طوال خمس سنوات. حدث ذلك أيضا مع الشيخ صادق الغريانى أستاذ الشريعة بالجامعة الليبية الذى قال فى بداية الثورة على شاشة الجزيرة إن القذافى لم يعد ولى الأمر، وبالتالى فلا طاعة له فى أعناق الناس، وكانت فتواه تلك من الشرارات التى حفزت الليبيين على التمرد على القذافى والهجوم على معقله فى باب العزيزية، لم يعتبر كلام الدكتور المرزوقى ولا فتوى الشيخ الغريانى (الذى أصبح الآن مفتى ليبيا) تآمرا على أى من البلدين، ولكن الذى حدث أن الرجلين وجدا فى قناة الجزيرة منبرا مناسبا للتوصيل وللإعلان عن آرائهما.
 
فى وقت سابق، حين اشتدت الحملة على قناة الجزيرة إبان حكم الرئيس السابق، ودعا البعض إلى إغلاق مكتب الجزيرة فى القاهرة، اعترضت على الفكرة فى نص منشور، وقلت ما خلاصته إن من لا تعجبه الجزيرة فليؤسس قناة أفضل منها، والعاجزون والفاشلون هم الذين يلجأون إلى اسلوب الإغلاق والهدم. لكن التحدى الحقيقى يكون بمنازلة الآخرين ومنافستهم من خلال جذبهم إلى أداء آخر يتفوق على ما تقدمه الجزيرة.
 
إن المشكلة ليست فى الدور الذى تقوم به قطر، علما بأن ما تقوم به السعودية أقوى تأثيرا وأهم فى الساحة العربية، لكن جوهر المشكلة يكمن فى الفراغ العربى المخيم. والذى حول العالم العربى إلى جسم بلا رأس، وأحيانا بلا عقل. الأمر الذى فتح الباب واسعا للقوى الكبرى لأن تصبح هى الرأس الذى يقود الأمة والعقل الذى يرشدها. وربما كان جزء من المشكلة أن الدور القطرى يمضى فى اتجاه يبدو فى بعض الأحيان مستقلا ومختلفا عن مسار الدور السعودى، حتى أزعم أن درجة النقد والاستياء يمكن أن تتراجع لو تطابق الدور القطرى مع السعودى. فى هذا الصدد لا مفر من الاعتراف بأن خرائط منطقة الخليج تغيرت، فاختلفت القدرات والمواقف والأوزان، بحيث لم يعد هناك «ممثل شرعى وحيد» للمنطقة، وان ظلت هناك مجالات للتوافق داخل مجلس التعاون الخليجى.
 
إن السؤال المهم ليس لماذا تتحرك دولة مثل قطر أو السعودية، لكنه لماذا غابت مصر، وإلى متى يمكن أن يستمر ذلك الغياب.
 
إن قطر ليست الدولة العظمى التى يتوهمها البعض محركة لأحداث المنطقة، وينبغى ألا تلام إذا حاولت أن تقوم بدور فى الفراغ الراهن، الأمر الذى يسوغ لنا أن نقول ان لومنا لا ينبغى أن يوجه إلى الذين يعملون، ولكن القاعدين الذين لا يعملون هم الأجدر باللوم والعتاب. إلا أن بعضنا للأسف لا يريدون أن يرحموا، ولا يريدون لرحمة الله أن تنزل بالخلق.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 272 مشاهدة
نشرت فى 17 فبراير 2012 بواسطة TAHAGIBBA

 

 تركت مقتلة بورسعيد التى سقط فيها 75 شابا من أبناء مصر، ندوبا غائرة فى قلوب المصريين. ضاعف من آلامها أنها وقعت فى مناسبة رياضية أثناء إجازة نصف السنة، كان المفروض أن تكون مدعاة للبهجة والمتعة التى ينتظرها الشباب للترويح والتعويض عن مشاعر الكآبة التى تخيم على النفوس.. وربما ضاعف من ثقل المأساة أن أعدادا كبيرة منهم كانت من مشجعى الأهلى أو ما يسمى بالألتراس.. سافروا خصيصا إلى بورسعيد لتشجيع فريقهم. فلم يترك لهم مشجعو النادى المصرى البورسعيدى الفرصة لينقضوا عليهم بوحشية بالغة. 
فى تقرير تقصى الحقائق وصفت لجنة مجلس الشعب هذه المأساة بأن الاعتداء على الجماهير تم بالشوم والأسلحة البيضاء والشماريخ والجنازير والصواريخ التى تم تهريبها إلى الاستاد فى صناديق قبل المباراة، لم يهتم رجال الأمن بالتفتيش عليها وضبطها ومصادرتها.
 
حين وقعت المذبحة كنت من بين الذين وجهوا اللوم إلى النادى المصرى وشعب بورسعيد نفسه وأجهزة الأمن المتواطئة ورؤساء الأندية. وكان مثيرا للدهشة أن انبرت أقلام وصحف تدافع عن بورسعيد وشعبها الذى صمد فى مقاومة الاحتلال. ولم تكن هذه هى القضية. فلا أحد ينكر دور شعب بورسعيد وجسارته. ولكن لابد من التسليم بأن شعب بورسعيد لعب دائما دورا سلبيا فى مأساة الكرة، ولم يستطع كبح جموح شباب ناديه ورغبتهم فى الانتقام من الأهلى بأى شكل.. ردا على مباراة الأهلى والمصرى فى أبريل من العام الماضى أو مباريات سابقة!
 
وهنا تأتى خطورة التحريض والشحن الإعلامى الذى يميز كل المباريات الرياضية فى مصر وليس فى بورسعيد وحدها. مما خلق أجواء من التعصب المقيت والرغبة فى الثأر. تشعلها برامج تليفزيونية ركيكة، ورياضيون يفتقدون روح الرياضة، ونواد فقدت وازعها الأخلاقى، وتبنت نوعا من المكابرة الرياضية التى تعتبر الهزيمة فى الملعب طعنا فى الرجولة لا يمكن السكوت عليه ولابد من الثأر له. وإذا تابعنا برامج الرياضة فسوف نجدها محشوة بألفاظ خارجة ومصطلحات شاردة لحث المشجعين على الاحتشاد لنصرة فريق ضد فريق.
 
لقد ركز تقرير لجنة تقصى الحقائق فى توزيعه للاتهامات، على مسئولية الأمن بجميع مستوياته من الحكمدار إلى أصغر ضابط. ويليه النادى المصرى من ألتراس البورسعيديين «جرين إيجلز» فى تحمل المسئولية. بعد أن انضمت إليهم جحافل البلطجية والفلول الذين كان من بين أهدافهم إرغام مشجعى الأهلى من لابسى الفانلة الحمراء على خلع فانلاتهم، إمعانا فى الإذلال والهزيمة.
 
إلى هذه الدرجة من الرغبة فى الثأر، ومن تواطؤ قوات الأمن ومسئولى الاستاد.. إضافة إلى تراخى اتحاد الكرة فى التدخل لوقف المباراة حين تدهور الموقف أو التأكد من تنفيذ تعليمات «الفيفا» بخصوص تأمين المباريات الملزمة للاتحادات الأهلية.
 
معظم الذين تابعوا مأساة بورسعيد وجهوا الاتهام إلى الجهات الأمنية والإدارية، وأغفلوا دور جماهير بورسعيد أنفسهم، وهم أصحاب المسئولية الحقيقية فى تحول المباراة إلى مذبحة شاركوا فيها جميعا بهمة يحسدون عليها. وسبق ذلك إشعال الطرفين لأجواء العداء والتحريض عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى التى شهدت حربا بين ألتراس الأهلى وألتراس بورسعيد، بما فى ذلك عبارات التهديد والوعيد بالقتل!
 
قد يدهش المرء كثيرا حين يرى بعض وسائل الإعلام وبعض الأقلام والصحف وهى تحرض الشباب على العصيان المدنى أو الإضراب العام أو القيام بمظاهرة هنا أو اعتصام هناك.. ولكن هذه الأبواق تنكفئ على نفسها حين يتعلق الأمر بمباراة كروية بين ناديين.. هنا يغيب الإحساس بالمسئولية تماما، ويصبح التحريض على الفوضى والانتقام من الخصم أمرا عاديا لا تثريب فيه.
 
الشعوب المتقدمة تملك دائما القدرة على الاستمتاع بالروح الرياضية وألعابها، دون الإغراق فى خصومة أو عداء يثير الأحقاد والضغائن، ويفرق بين أبناء الشعب الواحد، ويزرع التعصب المدمر للفرد والمجتمع. وللأسف فقد نقلنا عن شعوب أخرى تنظيمات الألتراس دون أخلاقياتها.. وهذه هى المشكلة!

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 278 مشاهدة

 

حين قال أحد أعضاء مجلس الشعب إن الشرعية فى مصر الآن للميدان وليس لمجلس الشعب، واحتفى البعض بمقولته، فإن الملاحظة باتت تحتاج إلى مناقشة من زاويتين، فى الشكل وفى الموضوع. ذلك أننى حين اعتبرتها طفولة سياسية، أن يرفع أحد الأعضاء الأذان أثناء جلسة مجلس الشعب فى داخل القاعة وليس فى مسجد المجلس، فإن مقولة صاحبنا ينطبق عليها نفس الوصف بدرجة ما. إذ إن نزع الشرعية عن مجلس الشعب واضفاءها على الميدان وحده، كان يستوجب منه أن يغادر  القاعة ليعتصم فى إحدى خيام الميدان، كى يلتحم بساحة الشرعية التى ارتآها. اما أن يحارب لكى ينضم إلى البرلمان ويشارك فى أنشطة بعض لجانه، ثم يقول إن الشرعية فى مكان آخر، فذلك يعنى أنه آثر أن يبقى فى المكان الغلط وتخلى راضيا عما اعتبره التجسيد الصحيح للشرعية. لا يبرر ذلك أن يكون بعض الموجودين فى الميدان من أصحابه، وان يكون أغلب أعضاء المجلس من خصومه، وإذا صح ذلك فإننا نكون بصدد موقف لا يخلو من مفارقة، يتجاوز الطفولة السياسية إلى المراهقة السياسية، التى يستسلم فى ظلها المرء لانفعالاته وأهوائه، دون أن يحتكم إلى عقل أو مصلحة عامة. 
وإذا ما نظرنا إلى الكلام من زاوية الموضوع، وأخذناه على محمل الجد، فربما كان مناسبا أن نبدأ بتعريف مصطلح «الشرعية». ذلك انها فى حدِّها الأدنى تعنى ما وافق القانون. وفى صورته المثلى أو القصوى فإن المصطلح ينصرف إلى ما وافق القانون وحاز القبول والرضا من الناس.
 
وإذ أفهم أن المقصود بشرعية الميدان هو الجماهير الموجودة فى ميدان التحرير وغيره من ميادين مصر وشوارعها. فإن ذلك يستدعى السؤال التالى: هل الموجودون فى كتلة واحدة وعلى قلب رجل واحد؟ ــ تجربة الإضراب أو العصيان الذى دُعى إليه يوم 11 فبراير الحالى تجيب عن السؤال بالنفى قطعا. يشهد بذلك الفشل الذى منيت به الدعوة، حتى كان حضور الإضراب فى وسائل الإعلام أقوى من حضوره فى الشارع.
 
لم يعد الميدان  هو ذلك الذى عرفناه فى 25 يناير من العام الماضى. الرؤية فيه واضحة والتلاحم لاشك فيه والصدور اكثر اتساعا والنفوس أكثر صفاء. أما الآن فالأمر اختلف إلى حد كبير. حتى أزعم أنه لم يعد ميدانا يسع الجميع، ولكنه تحول إلى أحياء وشوارع وأزقة وحوارى. بالكاد يتساكن فيه رواده ولا يتشاركون. وقد لا أ بالغ إذا قلت إن المكان يجمع بينهم حقا، ولكن الأحلام فرقتهم.
 
حين ذهبت النشوة والسكرة وجاءت الفكرة وجدنا أن المطالب اختلفت والأصوات تباينت والأهداف تعددت. هذا إذا كان حديثنا مقصورا على المنتسبين إلى الثورة، لكننا لا نستطيع أن نستبعد أيضا الذين تسربوا إلى الميدان لهدف أو آخر، مشروع أو غير مشروع. وإذا صح ذلك فهل يمكن من الناحية الموضوعية أن نتحدث عن شىء اسمه شرعية الميدان؟ وهل نخطئ إذا قلنا إننا بصدد شرعية عشوائية جمعت أشتاتا من الناس، أغلبهم نسبوا أنفسهم إلى ميدان 25 يناير 2011 الذى لا تربطه بالميدان الحالى فى 2012 سوى علاقة جغرافية وتاريخية؟.
 
المدهش ان الادعاء بشرعية الميدان يطلق فى وقت انتخب فيه الشعب برلمانا له مواصفات الشرعية فى حدودها القصوى، حتى أزعم أنه المؤسسة الوحيدة التى تتمتع بأعلى درجات الشرعية ليس منذ شهر يناير الماضى فحسب، ولكن منذ قيام ثورة يوليو فى سنة 1952. ولا أجد تفسيرا لمحاولة التقليل من شأنه أو نزع الشرعية عنه سوى أنه جاء على صورة لم تعجب البعض. حتى أصبحنا نقرأ لنفر من المثقفين قولهم إنه لا يمثل الثورة، رغم أن نجوم التليفزيون الذين ظهروا على الشاشات بعد الثورة نجح أغلبهم فى الانتخابات. وحتى إذا صح ادعاء عدم تمثيل الثورة، فإن أحدا لا يستطيع أن يزعم أن البرلمان لا يمثل الشعب فى مصر.
 
إننا بحاجة إلى ميدان يناير 2011 وبرلمان 2012. إذ فى الأول اجتمعت الأمة، وفى الثانى اجتمع وكلاؤها. وإذا كان الأول قد اختلف فجهد العقلاء ينبغى أن ينصرف إلى استعادة الإجماع فيه، وليس إلى إضعاف الثانى أو نزع الشرعية عنه.
 
أفهم أن يلجأ البعض إلى دغدغة مشاعر الشارع والمزايدة على الجميع من فوق المنابر الإعلامية التى تفسح المجال واسعا لدعوات الإثارة والبلبلة. لكن تجارب الأشهر التى خلت أثبتت أن الجماهير ما عادت تنخدع بمثل ذلك الضجيج، وإنها أكثر وعيا مما قدر دعاة الإثارة والبلبلة، الذين امتعضوا من اختيارات الناس، ولن أستبعد أن يفكر أحدهم يوما ما فى نزع الشرعية عن الشعب المصرى بأسره!

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 245 مشاهدة

 

نحن مدينون باعتذار إلى الشعب السورى، الذى يذبح تحت أعيننا كل يوم منذ أحد عشر شهرا، فى حين خذلته الشعوب العربية ووقفت منه موقف المتفرج. كأنما صار «قلب العروبة» محاطا بعرب بلا قلب. 
 
(1)
 
من الجمعة 3 فبراير إلى الجمعة التالية 10 منه تم (قتل 755 سوريا. ومنذ بداية الانتفاضة الأسطورية فى منتصف مارس الماضى قتل النظام القائم حتى الآن نحو 8 آلاف شخص واختفى عشرة آلاف وامتلأت السجون بعدد لا يحصى من المواطنين، وكانت الجريمة الوحيدة التى ارتكبها كل هؤلاء أنهم تمنوا أن يسترد بلدهم كرامته وحريته، بعد نحو 45 عاما من الاستبداد والقهر. حتى أننا طوال الأشهر التى خلت أصبحنا لا نرى فى سوريا سوى أنها بلد غارق فى دم أبنائه. شوارعها لا تسير فيها سوى جنازات الضحايا ومدرعات القتلة. ومدنها موعودة بالخراب والدمار كلما ارتفع فيها صوت يطالب بالحرية. بل أننا ما عدنا نسمع سوى أزيز الصواريخ والقاذفات واستغاثات المحاصرين المطالبين بوقف المجازر، وهتافات المصرِّين على إسقاط النظام، والداعين إلى أى تدخل عربى أو دولى يكبح جماح غارات التتار الجدد.
 
 
(2)
 
هذه الجريمة المستمرة منذ أحد عشر شهرا لم تحرك شيئا فى العالم العربى، الذى اكتفت أغلبيته بمتابعة ما يجرى عبر شاشات التليفزيون، تماما كما يحدث مع أى مسلسل تركى!
 
من المفارقات أن العالم العربى والإسلامى اهتز وانتفض حين ظهر كتاب «الآيات الشيطانية» وحين نشرت إحدى الصحف الدنماركية رسوما مسيئة للنبى محمد عليه الصلاة والسلام، لكنها لم تكترث بالمذبحة المستمرة التى يتعرض لها الشعب السورى. وإذ أفهم مشروعية الغضب للمقدسات الدينية إلا أننى أستغرب ذلك التقاعس عن التعبير عن الغضب دفاعا عن كرامة المسلمين وعزتهم. الأمر الذى يكشف فى جانب منه عن مدى الخلل فى المفاهيم السائدة التى تفصل بين عقيدة الإنسان وكرامته، وتقصر الغيرة والحمية على الأولى دون الثانية، علما بأن للعقائد ربا يحميها، أما انتهاك حرمات الناس واستباحة كراماتهم فهو يمثل عدوانا على حق من حقوق الله، يستوجب الاستنكار والاستنفار ويستدعى الاحتشاد والخروج للضرب على يد الظالم.
 
إذا قال قائل بأن للجامعة العربية قدمت مبادرات وأوفدت مراقبين وذهبت إلى مجلس الأمن لتستقوى به فى مواجهة نظام دمشق، فلن اختلف معه. لكنى أقول فقط إن الجامعة تمثل الحكومات ولا تمثل الشعوب، ثم إن المراقبين ذهبوا حقا وعادوا ولم يفعلوا شيئا غيَّر من المعادلة، وإنما استثمر النظام مهمتهم لكسب الوقت بهدف الانتهاء من قمع المظاهرات. أما اللجوء إلى مجلس الأمن فقد أجهضه الفيتو الروسى والصينى، ولم يعد أمامنا من مبادرات حل الإشكال على الصعيد الدولى سوى مؤتمر أصدقاء سوريا الذى دعت إليه فرنسا، والمؤتمر الدولى الموازى الذى دعت إليه تركيا. إلا أن أهم تطور رسمى حدث على الصعيد العربى تمثل فى سحب بعثة المراقبين، وطرد سفراء سوريا لدى تونس ودول مجلس التعاون الخليجى، واعتراف ليبيا بالمجلس الوطنى الذى يمثل الثورة السورية.
 
 
(3)
 
فى الحالة الليبية كان واضحا أن سقوط القذافى مسألة وقعت بسبب تدخل حلف الناتو. وهو ما تكرر فى اليمن منذ أطلقت المبادرة الخليجية بتأييد غربى واضح، إذ لم يكن أمام الرئيس على عبدالله صالح إلا أن يغادر فى نهاية المطاف. أما فى الحالة السورية فالأمر أكثر تعقيدا، إزاء استحالة التدخل الدولى، واستحالة المصالحة بين المجتمع والنظام بعد كل الدم الذى أريق، واستعصاء الحسم الداخلى عسكريا، وهشاشة الضغوط العربية، الأمر الذى يعنى ثلاثة أمور أولها أن النظام السورى المتماسك بصورة نسبية حتى الآن لا يزال قادرا على الاستمرار ما لم تحدث مفاجأة غير متوقعة. الأمر الثانى أنه فى ظل الخرائط العربية الراهنة والأوضاع الدولية القائمة يبدو أنه كتب على الشعب السورى أن يخوض معركته وحيدا. الأمر الثالث ترتب على سابقه، وهو أن المعركة ستطول وأن معاناة الشعب سوف تستمر وسوف تتزايد معها فاتورة التضحيات والآلام.
 
مستقويا بعوامل وأوراق الداخل، وبالدعم الإقليمى والمساندة الخارجية، فإن النظام السورى وجد نفسه مطمئنا إلى الاستفراد بالشعب السورى، وغير مستعد للتراجع خطوة إلى الوراء بالتالى فكل ما يطلقه من شعارات تحدثت عن التغيير والحوار الوطنى والإصلاح السياسى ما عاد لها معنى، ولم تعد تؤخذ على محمل الجد. وبات واضحا للجميع أنها من ذرائع المراوغة وكسب الوقت.
 
يراهن النظام السورى فى الداخل على القبضة الأمنية القوية، وعلى مساندة قطاع عريض من الطائفة العلوية، التى يلوح بها كفزاعة لا تخوف فقط من احتمالات الحرب الأهلية، ولكنها فزاعة أيضا لإزعاج الجارة تركيا التى يزيد فيها عدد العلويين على عشرة ملايين نسمة، وبالمناسبة فإن النظام السورى يستخدم ورقة الأقليات العرقية والدينية ليس فقط للتخويف من بدائله، ولكن أيضا لتحدى الجيران وترهيبهم. ففى مواجهة الضغوط التركية مثلا فإنه لا يستخدم الورقة العلوية فقط وإنما يلوح أيضا بتوظيف الورقة الكردية. إذ رغم أن أكراد سوريا فى حدود 200 ألف نسمة أغلبهم فى محافظة القامشلى، فإنهم فى شمال تركيا أكثر من 12 مليونا واشتباكاتهم مع أنقرة لها تاريخ طويل.
 
يستقوى النظام أيضا بالتأييد الإيرانى واسع النطاق الذى استصحب تأييدا عراقيا ودعما من حزب الله فى لبنان. ومعلوم أن ثمة تحالفا استراتيجيا بين سوريا وإيران، راهنت فيه طهران على نظام الأسد وليس على الشعب السورى، وهذا التحالف يؤمن البلدين بدرجة أو أخرى فى مواجهة التهديد الإسرائيلى، لكن له دوافعه المذهبية أيضا. إذ من شأنه أن يعزز موقف الطائفة العلوية الأقرب إلى الشيعة فى سوريا، كما يعزز موقف حزب الله فى لبنان. فى حين أن تغيير النظام فى دمشق لا يقلب هذه المعادلة لصالح السنة فى سوريا فحسب، ولكنه يهدد بتغيير الوضع فى العراق، من حيث إنه يقوى ساعد أهل السنة هناك فى مواجهة الأحزاب الشيعية المهيمنة والموالية لإيران.
 
الخلاصة أن النظام السورى فى مقاومته لأى تغيير سياسى يستقوى بعدة أوراق فى يده.
 
ويخوِّف من قلب المعادلات الإقليمية، كأنما يبعث إلى الجميع برسالة تقول إنه إذا كان سيئا فالذى سيترتب على رحيله أسوأ.
 
فى الساحة الدولية يراهن النظام السورى على مساندة روسيا والصين. وهو ما تجلى فى الفيتو الذى استخدماه فى مجلس الأمن للحيلولة دون معاقبته. يدفع البلدين إلى الموقف الذى اتخذاه أنهما ضد تمدد النفوذ الأمريكى فى المنطقة. وقد أعلنا صراحة أن الدول الغربية «خدعتهما» حين لم يعارضا فرض الحظر الجوى على ليبيا، إذ بعد أن فعلا ذلك أطلقت يد حلف الناتو فى العمليات العسكرية، وتم تجاهل روسيا والصين. وهما لا يريدان تكرار هذا المشهد مرة ثانية، إضافة إلى ذلك فلروسيا علاقات خاصة مع دمشق، إذ لها قاعدة خدمات بحرية فى ميناء طرطوس ثم إن كل السلاح السورى يتم شراؤه من موسكو، أما الصين فلديها حساسية من تأييد أى تحول ديمقراطى عبر مجلس الأمن ولا تريد للمجلس أن يتدخل فى الشأن الداخلى لأى بلد، لأن ذلك يمكن أن يرتد على بكين ويستدعى ملفات داخلية كثيرة تسبب إحراجا لها.
 
 
(4)
 
الغائب عن المشهد حتى الآن هو ضغط الشعوب العربية، خصوصا دولة مثل مصر، التى يفترض فيها الريادة ويتعامل معها الجميع باعتبارها «الشقيقة الكبرى»، الأمر الذى يستدعى السؤال التالى: لماذا لم يحرك شلال الدم المتدفق فى سوريا شيئا يذكر فى الشارع العربى عامة والمصرى خاصة؟ ــ هناك عدة عوامل أسهمت فى ذلك الغياب منها ما يلى:
 
ــ إن مصر منذ وقعت معاهدة السلام مع إسرائيل فى عام 1979 استقالت عمليا من موقع الريادة، ودخلت فى طور الغيبوبة الكبرى التى لا تزال مستمرة حتى الآن. وفى غيبوبتها تلك فإنها لم تنكفئ على ذاتها فحسب، ولكنها التحقت بما سمى معسكر «الاعتدال» الذى أصبح من الناحية العملية يدور فى فلك السياسة الأمريكية. وحين حدث ذلك من جانب «الشقيقة الكبرى» فلك أن تتصور صداه فى أرجاء البيت العربى.
 
ــ إن أجواء الربيع العربى أغرقت عدة أقطار فى شأنها الداخلى لأن سقوط الأنظمة تطلب جهدا كبيرا لتأسيس الأنظمة الجديدة، الأمر الذى صرف الانتباه عن أمور أخرى مهمة حاصلة فى الساحة العربية.
 
ــ إن بعض النخب يحفظون للنظام السورى وقفته إلى جانب المقاومة الفلسطينية، ويرون فى تلك الوقفة حسنة تغفر له الكثير من سيئاته، فى حين أن لديهم شكوكا فى بعض عناصر معارصة النظام.
 
ــ إن الملف السورى أشد تعقيدا مما يتصوره كثيرون. إذ لا خلاف على أن النظام القائم فى دمشق يهيمن عليه حفنة من الأشرار، إلا أن القوى الخارجية التى تسعى لإسقاطه يحركها طابور طويل من الأشرار أيضا.
 
الأمر الذى حيَّر كثيرين ممن صاروا يفاضلون بين الشيطان الذى يعرفونه والشيطان الذى لا يعرفونه.
 
ــ إن تدويل القضية أصبح مثيرا للشك والريبة، بعد تجربة حلف الناتو فى ليبيا. علما بأن الوضع الذى نحن بصدده الآن أصعب، لأن ليبيا وراءها الثروة النفطية فقط، أما سوريا فوراءها خريطة جديدة للمشرق، وربما للشرق الأوسط، إذا وضعنا فى الاعتبار تأثير سقوط النظام السورى على إيران وتركيا.
 
●●●
 
ما العمل إذن؟ ــ ردى أننا ينبغى أن نصيح بأعلى صوت قائلين: لا لاستمرار المذبحة ولا لتدخل حلف الناتو. وفى هذا الصدد لا مفر من الاعتراف بأن انهيار النظام العربى يحول بيننا وبين أن نتوقع حلا عربيا يضغط لكى يوقف المذبحة ويسلم السلطة للعناصر الوطنية السورية.
 
ويبدو أنه لم يعد أمامنا سوى أن نراهن على الشعوب العربية التى صحت أخيرا، وعلا صوتها الذى حجبته الأنظمة الاستبدادية، وقد سمعنا مؤخرا صوت تلك الشعوب فى مظاهرات تونس وليبيا وموريتانيا. وإلى أن نسمع صوت بقية الشعوب العربية وفى مقدمتها شعب مصر، فإننا لابد أن نقدم اعتذارا للشعب السورى عن خذلاننا له وتقاعسنا فى إعلان التضامن معه، وإذا لم يسامحونا ولم يقبلوا اعتذارنا فهم معذورون. لست مخولا من أحد فى تقديم اعتذار، لكنى أقدمه نيابة عن نفسى مستشعرا درجة عالية من الحزن والخزى.
 

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 368 مشاهدة

 

أخيرا سقط القناع بدرجة سافرة عن أسرار عمليات التمويل الأجنبى للمنظمات المدنية، ووضع قرار الاتهام، الذى أصدرته النيابة العامة عن نتائج التحقيقات مع 43 متهما من المصريين والأجانب، النقاط فوق الحروف.. من بينهم 19 متهما أمريكيا يعملون فى منظمات المجتمع المدنى التى بدأت نشاطها فى مجالات العمل الأهلى المدنى. ثم ما لبثت أن انحرفت إلى العمل السياسى، وضاعفت حجم تمويلها للأحزاب والمنظمات السياسية قبل الانتخابات البرلمانية مباشرة فى شهرى أبريل ومايو بقصد التأثير فى توجهاتها السياسية. 
لا أحد يمارى فى حق منظمات المجتمع المدنى المصرية فى الحصول على مساعدات سواء بمنح مباشرة أو عن طريق تدريب أعضائها فى أنشطة مدنية أهلية مثل مراقبة الانتخابات وتشجيع الناخبين على الذهاب الى صناديق الاقتراع، ولكن هذه المساعدات ينبغى أن تتم بناء على ترخيص من الدولة وبموافقة الجهات المسئولة، بحيث لا تخرج عن أهدافها إلى مجالات أخرى.
 
ولا ينبغى هنا الاحتجاج بأن الدولة نفسها تتقاضى مساعدات أمريكية اقتصادية أو عسكرية أو اجتماعية.. لأن مثل هذه المساعدات تتم وفقا لاتفاقيات جرى التفاوض حول شروطها ووجوه إنفاقها، طبقا لمعاهدات دولية، كالتى ترتبت على اتفاقية كامب ديفيد، شأنها فى ذلك شأن اتفاقيات مشابهة عقدت مع الاتحاد الأوروبى أو غيره من الكيانات الدولية، وهى دائما ما تكون اتفاقيات يجرى تنفيذها علنا و«فوق الترابيزة»، على خلاف ما أثبتته التحقيقات فى تحويل منظمات المجتمع المدنى.
 
والمعروف أن كوادر الحزب الوطنى المنحل وبرامجه كانت تتلقى مساعدات تدريبية عن طريق هذه المؤسسات الأمريكية، ولكنها بعد الثورة تحولت إلى تأييد الأحزاب الجديدة وتلك ذات المرجعيات الدينية شملت 63 حزبا من بينها حزب «الحرية والعدالة» وحزب «الأصالة» السلفى، حيث كانت تجرى برامج للتدريب السياسى غير مرخص واجراء بحوث وورش عمل واستطلاعات للرأى، واعداد تقارير يتم ارسالها إلى المركز الرئيسى للمعهد الجمهورى الدولى!!
 
وتكشف وثيقة سرية سربتها «ويكيليكس» عن أن التمويل يأتى من مصادر مختلفة. إما باقتطاعها من ميزانية المساعدات الأمريكية أو عبر «منظمات واجهة» لإخفاء مصادر التمويل المخصصة لسياسيين غير مسجلين.. ذلك بعد أن أعربت الجهات المصرية عن استيائها من مخالفة واشنطن للقواعد المتفق عليها، واتهام السلطات الأمريكية بالتدخل فى الشئون الداخلية.
 
وتظهر تقارير «ويكيليكس» أن واحدة من أكبر المنظمات المصرية لحقوق الإنسان تلقت تمويلا من منظمة فى المغرب ممولة أمريكيا، لعقد مؤتمر فى القاهرة عن حرية الصحافة، واعترفت السفيرة الأمريكية السابقة مرجريت سكوبى فى احدى برقياتها أنها تجاوزت القدرة الاستيعابية للمنظمات المصرية، وذكرت «ويكيليكس» أن من بين المنظمات والجمعيات التى تلقت ملايين الدولارات عن طريق المعهد الوطنى للديمقراطية: مركز ابن خلدون والمركز العربى لاستقلال القضاء ومركز الأندلس للتسامح ومناهضة العنف ومنتدى القاهرة الليبرالى.
 
قد يبدو مثيرا للدهشة بعد كل هذه الحقائق التى كشفت عنها النيابة.. أن تكذب واشنطن معظم هذه الوقائع وتؤكد المتحدثة الأمريكية لوزارة الخارجية أنه حدث سوء فهم. وهى معونات ترتبط باتفاقيات كامب ديفيد وتمثل ثقلا استراتيجيا لكل من مصر وأمريكا!
 
نشبت هذه الأزمة فى غمرة ظروف اقتصادية وسياسية وتحولات داخلية خانقة. ولاشك أن الجانبين يشعران بخطورة عواقب هذه الأزمة وما قد تؤدى إليه من تدهور فى العلاقات.
 
ذلك أن تشابك المصالح بين الطرفين تجعل من الصعب فهم عُرى الروابط التاريخية بينهما. ولكن جانبا كبيرا من المسئولية يقع على الجانب المصرى الذى أدمن بمرور الوقت أسلوب المساعدات، حيث أصبحت جزءا مهما من البناء الاقتصادى، تستغله الدولة المانحة لأهداف سياسية.. وهاهى مشكلة الحصول على قرض من البنك الدولى تفرض نفسها وتصطدم بأزمة العلاقات مع واشنطن فى قضية التمويل الأجنبى.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 203 مشاهدة

 

يوم أمس (الأحد 12 فبراير) كان من بين عناوين الصحف المصرية ما يلى: مؤتمر بورسعيد يحمل المشير مسئولية الحادثة ــ البرلمان يستجوب المشير وحكومته ــ 15 استجوابا و28 طلب إحاطة أمام مجلس الشعب ــ رئيس التشريعية يستجوب وزير البترول فى تصدير الغاز لإسرائيل ــ الإضراب العام نجح بنسبة 60٪ ــ 12 حركة احتجاجية شاركت فى إضرابات الإسكندرية و56 مدرسة قررت الإضراب فى الصعيد ــ موظفو المعامل المركزية بوزارة الصحة قرروا إضرابا من الخميس إلى الخميس و500 شخص وقعوا على عريضة طالبت بعزل رئيس الرقابة ــ تلاميذ «كوليدج دى لاسال» طالبوا بالإسراع برحيل العسكر ــ 100 من أساتذة جامعة عين شمس وقعوا بيانا طالبوا فيه بإنهاء الحكم العسكرى وأيدوا العصيان المدنى ــ فى أزمة البوتاجاز: المواطنون يقطعون الطريق والباعة يقتحمون سيارات الأنابيب ــ السكة الحديد والمترو يعملان بصورة طبيعية وانتشار مكثف للشرطة لمنع إيقاف القطارات ــ 4 قطاعات فى الزراعة تبدأ إضرابها ضد الفساد... إلخ. 
إلى جانب هذه «العينة» فهناك سيل من العناوين الأخرى التى تعلقت بموضوع الإضراب العام فى ذكرى تنحى الرئيس السابق، لكن ما استوقفنى فى العناوين سابقة الذكر أنها ترسم وجها لمصر لم يكن مألوفا منذ أكثر من نصف قرن. إذ نرى فى هذا الوجه أن ثقافة الاحتجاج والجرأة على التعبير من القسمات المهمة فيه. فالمشير وحكومته مستدعون للمساءلة أمام مجلس الشعب، وتلاميذ المدارس خرجوا مطالبين بانتهاء حكم العسكر، وأساتذة الجامعات يتبنون نفس المطالب فى بيان لهم والمواطنون يقطعون الطريق العام احتجاجا على النقص فى أنابيب البوتاجاز وموظفو وزارة الصحة يطالبون بعزل رئيس الرقابة الدوائية... إلخ.
 
هذه الممارسات يمكن أن تقرأ بحسبانها من مؤشرات الانفلات والفوضى فى البلد، ويمكن أن تقرأ من الزاوية التى أشرت إليها توا. ورغم أننى لا أقر الاحتجاجات التى تضر بمصالح الآخرين، مثل قطع الطرق، وتعطيل القطارات، إلا أننى لا أستطيع أن أتجاهل البعد الإيجابى فى فكرة شيوع ثقافة الاحتجاج والغضب.
 
لو أن أحدا هبط إلى مصر الآن لما صَّدق ما يقرؤه أو يسمعه. ذلك أن ثمة انطباعا عاما ما برح يشكك فى جرأة المصريين على الغضب وينتقد مسالمتهم للحكام وامتثالهم لسطانه وجبروته، وقد كنت واحدا ممن انتقدوا طول بال المصريين حتى قلت ذات مرة ــ قبل الثورة ــ إن كلمة الغضب سقطت من قاموس حياتهم. لكن أجواء ما بعد الثورة أخرجت من أعماق المصريين كل مخزون الغضب المتراكم عبر السنين التى خلت. حتى يخيل إلىَّ أن المصرى الحقيقى خرج من «القمقم» الذى كان محبوسا فيه، وما عاد ممكنا أن يعود إليه مرة أخرى.
 
إننى اقرأ فى صحف هذه الأيام تعليقات لبعض المثقفين والناشطين تنعى إلينا أن الثورة لم تحقق أهدافها وأنها سرقت من أصحابها، فى حين أن العناوين التى ظهرت فى مناسبة مرور سنة على سقوط نظام مبارك وتنحيه تقول إن ممارسة الحرية فى مصر أصبحت بغير حدود، وأنه ما عاد ممكنا أن يفرض أحد رأيه على الآخر، وما عاد هناك مقام فوق النقد أو محصن ضد المساءلة، لا يختلف فى ذلك تلاميذ المدارس عن أساتذة الجامعات.
 
صحيح أن أهدافا أخرى للثورة (العدالة الاجتماعية مثلا) لم تتحقق لأسباب مفهومة، حيث لا يتوقع أحد فى بلد ظل يتعرض للنهب طيلة ثلاثين عاما على الأقل، أن يحقق العدالة الاجتماعية لـ85 مليون نسمة فى عام أو فى خمس سنوات. إنما غاية ما يمكن أن نطالب به أن تخدم السياسات هذا الاتجاه فى نهاية المطاف.
 
أما سرقة الثورة فهى شعار آخر يحتاج إلى مناقشة، فأنا أفهم أن يتهم العسكر بسرقتها إذا كانوا قد استأثروا بالسلطة وركنوا إليها. ولكننا نعلم الآن أنهم ملتزمون بتسليم السلطة فى 30 يونيو المقبل، وترى أن انتخاب مجلس الشعب قد سلب المجلس العسكرى سلطة التشريع ولم يعد له سوى مباشرة حقه الدستورى فى إدارة السلطة التنفيذية رغم أن ذلك لا ينفى وقوعه فى أخطاء جسيمة أثناء إدارته للبلد.
 
هناك احتمال آخر فى تفسير شعار سرقة الثورة، وهو أن يكون الذين تم انتخابهم لمجلس الشعب من غير المرضى عنهم من جانب بعض المتحدثين، أو من الذين فشلوا فى الحصول على أصوات الناس فى الانتخابات، ومن ثم اعتبروا أن غيابهم عن المشهد، وهم الوكلاء الحصريون للثورة، يعنى أنها سرقت منهم وحصد ثمارها غيرهم.
 
ربما كان ممكنا أن نطالب البعض بأن يخلعوا النظارات السوداء التى يطلون بها على المشهد، ولكن المشكلة تصبح أكثر استعصاء إذا كانت الآراء تتحكم فيها المرارات الكامنة فى الأعماق والبغض المسكون فى القلوب.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 258 مشاهدة

 

حين روعنا الدم الذى سال فى بورسعيد عقب المباراة البائسة بين فريقى الأهلى والمصرى، فإننا لم نتوقف عند كَمْ البذاءات التى تداولها مشجعو الفريقين منذ بداية المباراة. وفى أجواء الصدمة التى أصابتنا جراء العنف الذى حدث والضحايا الذين سقطوا، فإن ملف البذاءات والألفاظ الفاحشة التى تطايرت فى فضاء الملعب ظل مغلقا ولم يتطرق إليه أحد. وإذ أفهم أن يستأثر بالاهتمام موضوع الضحايا وملابسات الكارثة والموقف المريب لأجهزة الشرطة، باعتبارها من العناوين العاجلة التى يتعين التعامل معها، إلا أن العاجل لا يلغى ما هو ضرورى، والبذاءات التى يتم تداولها فى الملاعب من ذلك الجنس الأخير، باعتبارها تجسيدا للتفرقة المحزنة بين الرياضة وبين الأخلاق. 
سألت من أعرف من خبراء الرياضة: لماذا تنهى المباراة إذا تم التراشق بالطوب والزجاجات الفارغة، ولا توقف إذا جرى التراشق بالألفاظ البذيئة والفاحشة؟ ــ فى الرد قيل لى إن ذلك كان يحدث فى الماضى، ولكنى ضغط الرأى العام بات قويا وانتشار ظاهرة التراشق اللفظى البذىء والجارح صار واسعا بحيث إن حكم المباراة أصبح يخشى أن يتعرض للاعتداء والإهانة إذا ما أوقف المباراة. كذلك فإن قيادات أجهزة الشرطة الذين توكل إليهم عملية «تأمين» المباريات، كانوا ينصحون بالتساهل مع مثل تلك الممارسات، تجنبا لحدوث ما هو أسوأ. قيل لى أيضا إن البرامج الرياضية التى تبثها قنوات التليفزيون اعتادت على أن تشحن الناس بثقافة التعصب للنوادى، دون أن تعنى بالجانب الأخلاقى للرياضة. أضاف هؤلاء أن ثورة الاتصال واتساع نطاق التعامل مع شبكة التواصل الاجتماعى من العوامل التى فتحت الأبواب واسعة لكل أشكال التعبير المهذب وغير المهذب، الأمر الذى أدى إلى الترويج لأنماط من الثقافة الهابطة التى لا تخضع لأى نوع من التنقية أو التوجيه الرشيد. أضاف آخرون أن النظام السابق الذى ساءت سمعته وأصابه الفشل فى مجالات التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وجد فى الرياضة فرصته الوحيدة لإثبات التفوق وادعاء الإنجاز. لذلك فإنه أطلق لها العنان واستثناها من أى ضبط أو ربط. شجعه على ذلك انها كانت وسيلة لإلهاء الناس وتعويضهم عن إحباطاتهم فى عالم السياسة. كأنما أراد النظام السابق أن يشغلهم بالرياضة لكى يتولى من جانبه شئون السياسة والاقتصاد والإدارة.
 
قد تكون هذه التفسيرات صحيحة، لكن الأصح فى رأيى أن ما يحدث فى ملاعب كرة القدم من بذاءات من جانب الجمهور ــ ومن بعض اللاعبين أحيانا ــ هو انعكاس لما يحدث فى الشارع، الذى أصبحنا نسمع فيه الكثير مما يجرح الأذن ويخدش الحياء. وكل الذى حدث أن الملاعب توفر فرصة اجتماع عدد كبير من الموجودين فى الشارع. وأن المباريات تشيع بينهم حالة من الانفعال يتم التعبير عنها بوسائل مختلفة فى التشجيع أو الهجاء والتقريع.
 
وإذا جاز لى أن أذهب إلى أبعد، فلعلى أقول إن الشارع المصرى يجسد أزمة التربية فى البلد. إذ المعلوم أن المدرسة لم تعد تربى والإعلام يدغدغ المشاعر ولا يهذبها، والأهل ما عادوا مكترثين بتربية الأبناء. فهم إما مشغولون طول اليوم للسعى وراء الرزق، أو أنهم يستثمرن أوقات فراغهم فى متابعة التليفزيون. وإلى جانب أزمة التربية فهناك أيضا أزمة النموذج الذى تحتذيه الأجيال الجديدة. وحينما تكشفت فضائح النظام السابق بعد الثورة فإننا عرفنا أى نوعية من الناس كانت تتصدر الواجهات وتجسد المثل العليا التى سادت المجتمع طوال الثلاثين سنة الماضية.
 
فى كتابه «طبائع الاستبداد»، ربط مؤلفه عبدالرحمن الكواكبى بين الاستبداد وتدهور الأخلاق وانحطاطها فى المجتمع. وقال إنه يؤثر على الميول الطبيعية والأخلاق الحسنة، فيضعفها أو يفسدها أو يمحوها.. وإن أسير الاستبداد لا يملك شيئا ليحرص على حفظه، لأنه لا يملك مالا غير معرض للسلب ولا شرفا غير معرض للإهانة.. وأقل ما يؤثره الاستبداد فى أخلاق الناس أنه يرغم حتى الأخيار منهم على ألفة الرياء والنفاق.. وأنه يعين الأشرار على إجراء غَىّْ نفوسهم آمنين من كل تبعة ولو أدبية.
 
لست أشك فى أن لدى أهل الاختصاص ما يقولونه فى تحرير المشكلة وكيفية علاجها، وهو ما ينبغى أن ننصت إليه ونسترشد به. إلا أن أكثر ما يهمنى فى اللحظة الراهنة هو الاعتراف بأن الشارع فى مصر إلى إعادة تربية، وإن بذاءات اللسان والكلمات الجارحة ليست شجاعة ولا هى فضيلة، ولكنها من قبيل قلة الأدب التى ينبغى استنكارها فى الشارع قبل مباريات كرة القدم.

 


 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 232 مشاهدة
نشرت فى 12 فبراير 2012 بواسطة TAHAGIBBA

بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلي ربك راضية مرضية

انتقل إلى رحمة الله تعالى
المفكر والمحاضر العالمي

د. ابراهيم الفقى
صباح يوم الجمعة الموافق 10 فبراير 2012
وسيتم تقبل العزاء بالمقر الرئيسى
لمجموعة شركات ابراهيم الفقى العالمية
مدينة مونتريال

أولا: من هو الدكتور إبراهيم الفقي؟؟


مؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة شركات إبراهيم الفقي العالمية والتي تتألف من:
·المركز الكندي للتنمية البشرية(CTCHD)
·المركز الكندي لقوة الطاقة البشرية (CTCPHE)
·المركز الكندي للبرمجة اللغوية العصبي(CTCNLP)
·المركز الكندي للتنويم بالإيحاء(CTCH)

§مؤلف علم » ديناميكية التكيف العصبي « 
§مؤلف علم » قوة الطاقة البشرية « 
§خبير عالمي و مدرب معتمد في:
- البرمجة اللغوية العصبية.
- التنويم المغناطيسي و التنويم بالإيحاء.
- الذاكرة . 
- الريكي.
§مدرب معتمد للتنمية البشرية للشركات و المؤسسات من حكومة كيبك بكندا.
§متخصص في تدريب مهارات السلوك الإنساني في المؤسسة الأمريكية للفنادق AHMA .
§مدرب معتمد للعلاج بخط الزمن.
§حاصل على مرتبة الشرف الأولى في السلوك البشري من المؤسسة الأمريكية للفنادق.
§حاصل على مرتبة الشرف الأولى في الإدارة و المبيعات من المؤسسة الأمريكية للفنادق.
§حاصل على 23 دبلوم وثلاث من أعلى التخصصات في التنمية البشرية و الإدارة والمبيعات و التسويق.
§دكتوراه في علم الميتافيزيقا من جامعة لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية.
§له عدة مؤلفات ترجمت إلى ثلاث لغات (الانجليزية،الفرنسية،العربية)وحققت مبيعات لأكثر من مليون نسخة في أنحاء العالم منها (أسرار قادة التميز،نجاح بلا حدود،قوة التفكير).
§شغل منصب المدير العام لعدة فنادق خمسة نجوم في مونتريال –كندا
§درب أكثر من 700.000 شخص في دوراته و أمسياته حول العالم وهو يدرب و يحاضر بثلاث لغات (الانجليزية ،الفرنسية ،العربية).
§مكتبة الفقي تحتوي على أكثر من 7 ألاف كتاب و مؤلف.
§بطل مصر السابق في تنس الطاولة وحاصل على الحزام الأسود في لعبة (الكونج فو كيوكسل).
§منح جائزة World Home Study Award من المجلس القومي الأمريكي عام 1990.
د.إبراهيم الفقي يعيش في مونتريال بكندا مع زوجته آمال و ابنتيهما التوأم نانسي و نيرمين





ثانيا: ماذا يقول الناس عن الدكتور إبراهيم الفقي؟؟

قوة وطاقة لا محدودة وبراعة منقطعة النظير في فن التقديم. مشيرة البردعي, مديرة الموارد البشرية, الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
يعتبر د. إبراهيم الفقي من أبرز المتخصصين في التمنية البشرية في العالم. دارلين مونتجومري تليفزيون لويزيانا. الولايات المتحدة الأمريكية.
لم أر أحدا في مثل علمه اللا محدود. إيلان بلوتز تليفزيون T.V.A كندا.
شخصية محببة للنفس, متمكن لأبعد الحدود وقادر على توصيل المعلومة بكل سهولة. براد مايرز, لندن, إنجلترا.
طاقة جبارة, رائع, موهوب, موسوعة معلومات, نفتخر به كأول عربي مسلم. زهرة عبد الحميد العيسى, مؤسسة عبد الحميد العيسى - الكويت.
أفضل من رأيت. سعيد عبد الله المظلوم, مدير مراقبة الجودة - شرطة دبي.
من المحاضرين القلائل في العالم الذين يتمتعون بمثل هذه القدرات والمهارات, وقد أفادني أكثر مما توقعت. يوسف أحمد جبريل, هيئة التخطيط والتطوير - دبي.
خيالي, مبدع, ديناميكي, لم أكن أتوقع أن أرى مثله في عالمنا العربي. فيصل مشاري المعمر, الشرطة الوطنية للخدمات الصحية المحدودة - السعودية.
إنه ليس بصري, ولا حسي, ولا سمعي... إنه ملائكي. عمر أحمد كمال, رئيس محكمة وزارة العدل - القاهرة.
د. الفقي قدوة ومثل ورؤية ورسالة... هو معجزة هذا القرن. ريا محمد سلطان, معملة علوم - الشارقة.
عبقري... فذ... قائد, عنده رسالة سامية للأجيال. محمد ناجي الحمادي, منسق ضمان الكفاءة, شركة جاسكو - أبو ظبي.

دفن رائد التنمية البشرية إبراهيم الفقي "بعمود السوارى".. والصلاة بالقائد إبراهيم            شهدت منطقة مدينة نصر حادثا مأساويا صباح أمس، حيث لقى الدكتور إبراهيم الفقى مصرعه حرقا هو وشقيقته و قريبتهما التي كانت تقيم معهما مختنقين، إثر اندلاع حريق هائل بالشقة التي يقيمون فيها بمدينة نصر.
وصرح أحمد داغر وكيل نيابة مدينة نصر بدفن الجثث الثلاثة و عدم تشريحهم لعدم وجود شبهة جنائية في الحادث .   

علم "صدى البلد"، أن جثامين الدكتور إبراهيم محمد السيد الفقى خبير التنمية البشرية "62 سنة" و شقيقته الكبرى فوقية "72 سنة" وقريبته وتُدعى عزيزة أحمد "72 سنة" تم التحفظ عليها داخل العقار المحترق الكائن بشارع عبدالله بن طاهر بمدينة نصر إثر الحادث الأليم الذين تعرضوا له بحدوث ماس كهربائى واشتعال النيران بالعقار، مما أدى إلى مصرعهم بعد استنشاقهم كمية كبيرة من الأدخنة المتصاعدة نتيجة الحريق وهو ما أكده تقرير مفتش الصحة ورجال المعمل الجنائى.
وقد كشفت المعاينة- التى أجرها العميد إبراهيم بقطر مأمور قسم شرطة مدينة نصر أول والرائد محمد الصعيدى معاون المباحث- عن أنه لا توجد أى شبهة جنائية فى الحادث وأن التلفيات اقتصرت على احتراق جدران المنزل دون حدوث تلفيات بأثاث ومحتويات الشقة.
وقال اللواء أحمد الأتربى المدير الإعلامى لمجموعة شركات الدكتور الفقى العالمية والموسسة العربية الكندية، إنه من المقرر أن يتم نقل الجثامين الثلاثة فى 3سيارات لنقل الموتى إلى مقابر العائلة بمسقط رأسهم بالإسكندرية، وعقب صلاة ظهر غد السبت سيتم الصلاة عليهم بمسجد العامرى بكرموز وبعد الصلاة عليهم يتم نقلهم إلى مدافن العائلة بعامود الثوارى.
وأشار المدير الإعلامى إلى أنه سيتم إقامة سرادق العزاء مساء غد السبت بمسجدالقائد إبراهيم، كما يتم إقامة عزاء آخر بمسجد آل رشدان بمدينة نصر يوم الاثنين القادم لحين عودة زوجته الدكتورة آمال الفقى الخبيرة بالتنمية البشرية وابنتيها التوأم "نرمين و نانسى" من كندا.

نصائح من الدكتور ابراهيم الفقي رائد التنميه البشريه ؟


د. ابراهيم الفقي
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
*- استيقظ صباحا وأنت سعيد:
يطلع النهار على البعض فيقول "صباح الخير يا دنيا" بينما يقول البعض الآخر "ما هذا... لماذا حل علينا النهار مرة أخرى بهذه السرعة"!! احذر من الأفكار السلبية التي يمكن أن تخطر على بالك صباحا حيث أنها من الممكن أن تبرمج يومك كله بالأحاسيس السلبية، وركز انتباهك على الأشياء الإيجابية، وابدأ يومك بنظرة سليمة تجاه الأشياء.
*- احتفظ بابتسامة جذابة على وجهك:
حتى إذا لم تكن تشعر أنك تريد أن تبتسم فتظاهر بالابتسامة حيث إن العقل الباطن لا يستطيع أن يفرق بين الشيء الحقيقي والشيء غير الحقيقي، وعلى ذلك فمن الأفضل أن تقرر أن تبتسم باستمرار.
*- كن البادئ بالتحية والسلام:
هناك حديث شريف يقول "وخيرهما الذي يبدأ بالسلام"... فلا تنتظر الغير وابدأ أنت.
*- كن منصتا جيدا:
اعلم أن هذا ليس بالأمر السهل دائما، وربما يحتاج لبعض الوقت حتى تتعود على ذلك، فابدأ من الآن... لا تقاطع أحدا أثناء حديثه... وعليك بإظهارالاهتمام.... وكن منصتا جيدا...
*- خاطب الناس بأسمائهم:
أعتقد أن أسماءنا هي أجمل شيء تسمعه آذاننا فخاطب الناس بأسمائهم.
*- تعامل مع كل إنسان على أنه أهم شخص في الوجود
:ليس فقط إنك ستشعر بالسعادة نتيجة لذلك، ولكن سيكون لديك عدد أكبر من الأصدقاء يبادلونك نفس الشعور.
*- ابدأ بالمجاملة:
قم كل يوم بمجاملة ثلاثة أشخاص على الأقل.
*- دون تواريخ ميلاد المحيطين بك:
بتدونيك لتواريخ ميلاد المحيطين بك يمكنك عمل مفاجأة تدخل السرور على قلوبهم بأن تتصل بهم أو أن تبعث لهم ببطاقات التهنئة وتتمنى لهم الصحة والسعادة.
*- قم بإعداد المفاجأة لشريك حياتك:
يمكنك تقديم هدية بسيطة أو بعض من الزهور من وقت الآخر، وربما يمكنك أن تقوم بعمل شيء بعينه مما يحوز إعجاب الطرف الآخر، وستجد أن هناك فرقا كبيرا في العلاقة الإيجابية بينكما.
*- ضم منتحبه إلى صدرك:
قالت فيرجينا ساتير الاختصاصية العالمية في حل مشاكل الأسرة "نحن نحتاج إلى 4 ضمات مملوءة بالحب للبقاء، 8 لصيانة كيان الأسرة، و12 ضمة للنمو"... فابدأ من اليوم باتباع ذلك يوميا وستندهش من قوة تأثيرالنتائج.
*- كن السبب في أن يبتسم أحد كل يوم
:ابعث رسالة شكر لطبيبك أو طبيب أسنانك أو حتى المختصص بإصلاح سيارتك.
*- كن دائم العطاء:
وقد حدث أن أحد سائقي أتوبيسات الركاب في دينفر بأمريكا نظر في وجوه الركاب، ثم أوقف الأتوبيس ونزل منه،ثم عاد بعد عدة دقائق ومعه علبة من الحلوى وأعطى كل راكب قطعة منها. ولما أجرت معه إحدى الجرائد مقابلة صحفية بخصوص هذا النوع من الكرم والذي كان يبدو غير عادي، قال" أنا لم أقم بعمل شيء كي أجذب انتباه الصحف، ولكني رأيت الكآبة على وجوه الركاب في ذلك اليوم، فقررت أن أقوم بعمل شيء يسعدهم، فأنا أشعر بالسعادة عند العطاء، وماقمت به ليس إلا شيئا بسيطا في هذا الجانب". فكن دائم العطاء.
*- سامح نفسك وسامح الآخرين:
إن الذات السلبية في الإنسان هي التي تغضب وتأخذ بالثأر وتعاقب بينما الطبيعة الحقيقية للإنسان هي النقاء وسماحة النفس والصفاء والتسامح مع الآخرين.
*- استعمل دائما كلمة "من فضلك" وكلمة "شكرا":
هذه الكلمات البسيطة تؤدي إلى تنائج مدهشة... فقم باتباع ذلك وسترى بنفسك ولابد أن تعرف أن نظرتك تجاه الأشياء هي من اختيارك أن تفقم بهذا الاختيار حتى تكون عندك نظرة سليمة وصحيحة تجاه كل شيء.
من اليوم قم بمعاملة الآخرين بالطريقة التي تحب أن يعاملوك بها.
من اليوم ابتسم للآخرين كما تحب أن يبتسموا لك.
من اليوم امدح الآخرين كما تحب أن يقوموا هم بمدحك.
من اليوم أنصت للأخرين كما تحب أن ينصتوا إليك.
من اليوم ساعد الآخرين كما تحب أن يساعدوك.
بهذه الطريقة ستصل لأعلى مستوى من النجاح، وستكون في طريقك للسعادة بلا حدود.
وتذكر دائما:
عش كل لحظة كأنها آخر لحظة في حياتك،عش بالإيمان، عش بالأمل،عش بالحب، عش بالكفاح، وقدر قيمةالحياة. 
__________________

  • Currently 5/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 1611 مشاهدة

 

لدىَّ عدة ملاحظات على الفتاوى التى صدرت بتحريم الإضراب العام وتأثيم المشاركين فيه. وقبل أن أعرضها أسجل أننى غير مقتنع بالإضراب أو بمبررات العصيان المدنى، وأسبابى فى ذلك ليست شرعية ولا علاقة لها بالحرمة التى حذرتنا من الوقوع فيه الفتاوى التى نشرت يوم الخميس الماضى (9/2). وقد وقعت على اثنتين منها فى جريدة «الشروق» يومذاك. الأولى صدرت عن دار الإفتاء ونصت على: أن الدعوة إلى الإضراب العام بمعنى إيقاف السكك الحديدية والمواصلات والنقل، وإيقاف العمل فى المصانع والمؤسسات والجامعات والمدارس، والتوقف عن سداد الأموال المستحقة للحكومة (ضرائب وفواتير الكهرباء والمياه والغاز) حرام شرعا. وفهمنا من الخلاصة المنشورة للفتوى أنها أيَّدت التظاهر السلمى باعتباره من وسائل الاعتراض الجماعى التى عرفها المسلمون، ولكن لا ينبغى أن يصل الإضراب إلى الحد الذى سبقت الإشارة إليه. الفتوى الثانية أطلقها الداعية المعروف الدكتور عمر عبدالكافى فى أحد البرامج التليفزيونية، ونشرت «الشروق» مضمونها، وفيها اعتبر من يدعون إلى الإضراب العام والعصيان يوم 11 فبراير، ومن يشارك فيه آثمون شرعا، لما يسببه الإضراب من تعطيل لمصالح الناس وتعويق للنهوض بالوطن. 
إذا صح ما نسب إلى المصدرين، فإن ملاحظاتى عليه أوجزها فيما يلى:
 
● إن القول بحرمة الإضراب أمر مستغرب. حتى أننى أشك فى صدور الحكم بتلك العبارة عن دار الإفتاء، واتمنى أن تكون تلك صياغة المحرر. ذلك اننا نعلم أن التحريم لا يكون إلا بنص صريح فى القرآن. كما نعلم أن أئمة الفقه إذا استهجنوا أمرا واستنكروه فإنهم كانوا يقولون بكراهته وليس حرمته. بذات القدر فإننى استغرب الحكم بتأثيم من يشترك فى الإضراب أو العصيان. إذ القول بذلك يفترض حرمة التصرف وهو أمر غير قائم كما ذكرنا، خصوصا أن التظاهر أو الاعتصام قد يكون من مقتضى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، المطلوب شرعا.
 
● إن إطلاق القول بحرمة أو حتى كراهة التظاهر أو العصيان فاسد من الناحية الأصولية، إذ العبرة بالقصد من وراء ذلك وبثبوت غلبة الضرر على المصلحة فى الحالة موضوع الفتوى. ذلك أن مثل ذلك التظاهر أو الاعتصام قد يكون مطلوبا للتعبير عن الاحتجاج على حاكم ظالم ومستبد، أو فى مواجهة غاصب محتل. حتى أزعم فى هذه الحالة أنه قد يكون المكروه حقا هو القعود والاستسلام للظلم أو الاحتلال، والامتناع عن المشاركة فى مقاومة الاثنين.
 
● إنه إذا كان لابد من الاسترشاد بالحكم الشرعى فى المسألة، فإن موضوع المناقشة ينبغى أن يتطرق إلى الغايات والمقاصد. وليس الوسائل فقط. ويكون الفيصل فى الإباحة أو الكراهة هو المقارنة بين الضرر والمصلحة، لترجيح الأولى على الثانية، أو بين مراتب المفاسد لأننا قد نقبل بمفسدة صغرى لتجنب الوقوع فى مفسدة كبرى. ومثل تلك الترجيحات لا تقود إلى القرار الصحيح إلا فى ضوء التدقيق فى الوقائع والتعرف على مآلات التصرف وغاياته.
 
● إننى أخشى على الفتاوى التى تصدر وعلى خطاب المؤسسة الدينية بشكل عام من التأثر بالأجواء السياسية. ولا أخفى أننى شممت فى ثنايا ما صدر من فتاوى أو بيانات رائحة التوجيه السياسى. بما يعنى أنها صدرت لوجه العسكر وليس لوجه الله. ذلك أنه على ما حفلت به مصر من تظاهرات واعتصامات خلال العام المنصرم، فربما كانت هذه هى المرة الأولى التى يحرم فيها الإضراب بفتوى شرعية ويؤثم من دعا إلى الإضراب والعصيان ومن شارك فيهما. ومع كل التقدير للذين قالوا بذلك إلا أننى أحذر من «ترزية» الفتاوى، الذين أرجو ألا يزاحموا ترزية القوانين الذين عانت مصر فيها طويلا، «وفلولهم» لا يزالون بيننا. فى هذا الصدد فإننى أكرر ما سبق ما قلته أكثر من مرة إننا مفتوحو الأعين دائما لتدخل الدين فى السياسة. فى حين نغض الطرف عن تدخل السياسة فى الدين. والموضوع الذى نحن بصدده يبدو نموذجا لذلك الصنف الأخير.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 199 مشاهدة
نشرت فى 11 فبراير 2012 بواسطة TAHAGIBBA

 

حظى النائب الذى رفع الأذان لصلاة العصر أثناء جلسة مجلس الشعب أمس الأول (7/2) بنصيب وافر من التغطية الإعلامية ومن تعليقات شبكة التواصل الاجتماعى. وقد نشرت كل صحف الأمس صورته أثناء أدائه الأذان، فى حين وضعت بعض الصحف صورته على صفحاتها الأولى. باعتبارها من الأحداث ذات الأهمية الخاصة. ولا أعرف ما إذا كان صاحبنا قد أرادها فرقعة إعلامية أم أنه كان مقتنعا بوجوب رفع الأذان أثناء الجلسة، رغم أن ثمة مسجدا ملحقا بالمجلس مفتوحا طول الوقت. لكن ما أعرفه أن أغلب الذين اعترضوا على مسلكه كانوا من النواب الإسلاميين، الذين يمثلون حزبى الحرية والعدالة والنور. 
ما أعرفه أيضا أن الرجل كان محاميا موكلا عن الجماعات الإسلامية، فى العهد السابق، وقد تم اعتقاله وتعذيبه فى عام 2007، وبعد خروجه رفض طلب قدمه لتأسيس «حزب الشريعة»، وبعد ثورة يناير حاول تأسيس «حزب النهضة» لكنه لم ينجح، فقدم طلبا للانضمام إلى حزب الأصالة السلفى، ورشح ضمن ممثلى الحزب على قائمة حزب النور. وحين قيل لى إنه نائب رئيس حزب الأصالة، رجعت إلى رئيس الحزب الدكتور عادل عفيفى فنفى ذلك. وفهمت أن مايصدر عنه يعبر عن آرائه ومواقفه الشخصية، وليس رأى الحزب الذى قيل لى إنه بصدد الاستقالة منه بعدما طلب منه ذلك.
 
التصرف الذى لجأ إليه يوم الثلاثاء لم يكن الأول من نوعه، فقد كان صاحبنا أحد الذين لم يلتزموا بنص قسم عضوية المجلس، وأضافوا إليه أنهم يحترمون الدستور والقانون فيما لا يخالف شرع الله، رغم أن هذا المعنى متضمن فى نص الدستور. وكما دعاه رئيس المجلس حينذاك إلى الالتزام بنص القسم، فإن رد الدكتور الكتاتنى كان أكثر حزما حينما رفع الأذان أثناء الجلسة، إذ طلب منه ألا يزايد على الآخرين، فلا هو أكثر منهم إسلاما ولا هو أكثر منهم حرصا على أداء الصلاة. وقد حسم الأمر الشيخ سيد عسكر رئيس اللجنة الدينية الذى انتقد تصرفه وقال بعدم جواز رفع الأذان فى القاعة التى يفترض أن يؤدى فيها عمل للصالح العام، خصوصا أن وقت الصلاة ممتد.
 
لدى أربع ملاحظات على المشهد هى:
 
● إن ما أقدم عليه الرجل كان تصرفا شخصيا تبرأت منه الأحزاب الإسلامية الممثلة فى المجلس. وبالتالى ينبغى ألا ينسب إلى الجميع أو يعمم عليهم.
 
●  إن الرجل يعبر عن مدرسة تبسيط التدين واختزاله فى المظاهر والطقوس الشائعة فى أوساط عوام السلفيين. وهى مدرسة التدين السهل التى تفصل بين العبادات والمعاملات، وتقدم الأولى على الثانية، فتعتبر أن التقرب إلى الله يكون فقط بالالتزام بالشعائر وتنفيذ التكاليف الشرعية، ولا تكاد ترى أن هذا القرب من الله يمكن أن يتحقق أيضا بنفع الناس وخدمتهم وتحقيق مصالحهم.
 
●  إننا فى تقييم التصرف ينبغى أن نعطيه حجمه دون مبالغة، وألا نكتفى بقراءته من الزاوية الشرعية، وإنما يتعين اعتباره من قبيل الطفولة السياسية، التى يستسلم لها حديثو العهد بالعمل السياسى. الأمر الذى يفسر بنقص الخبرة وقلة الوعى. ولست أشك فى أن النائب ذاته إذا انتظم فى جلسات المجلس وشارك فى مناقشاته سيتصرف على نحو مختلف تماما بعد أربع أو خمس سنوات. ذلك أن خبرتنا طويلة بأمثال أولئك المتدينين الذين بدأوا رحلتهم عند نقطة معينة، ولم يتح لهم ان يتواصلوا مع المجتمع أو أن يتحسسوا نبضه، وكتب عليهم ان يقضوا شطرا من رحلتهم إما فى السراديب أو فى السجون، وحين احتكوا بأى مجال من مجالات العمل العام فإن إدراكهم اختلف تماما. إذ أصبحت أفكارهم أكثر نضجا كما أصبحت صدورهم أرحب وأكثر سعة.
 
●  ملاحظتى الرابعة أن لدينا توجها إعلاميا أكثر ميلا إلى الاصطياد والاتهام منه إلى التفهم والتسامح. إعلام جاهز للمحاكمة بل لديه حكم مسبق، وليس على استعداد لإدراك أن مثل هذه الممارسات الطفولية يقع فيها أناس حجبوا طويلا فى السراديب والزنازين، ولابد لهم أن يخطئوا حتى يتعلموا. وترحيب إعلامنا شديد بتلك الأخطاء لأنها تعطيه فرصة للإثارة والتهليل إضافة إلى التشويه وتصفية الحسابات.
 
لو أن صاحبنا اختفى من الجلسة فى هدوء، وأدى صلاته ثم عاد لكى يواصل مع زملائه مناقشة مصالح الناس الذين انتخبوهم، لكان ذلك أحكم، بل ربما كان أقرب إلى الله أيضا. ذلك أننا نفتقد المتدينين الذين يؤدون الفرائض ويتعبدون إلى الله بخدمة خلقه، فى حين أن لدينا كثيرين يهرولون إلى المساجد ويلتحقون بحلقات الذكر وتستغرقهم عمارة الآخرة، ولا يخطر لهم أن يضيفوا شيئا إلى عمارة الدنيا.
 

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 206 مشاهدة

 

قال وزير الداخلية إن الشرطة لم تطلق الخرطوش على المتظاهرين. لكن أحد أعضاء مجلس الشعب بعد زيارة «الميدان» عرض فى جلسة جرى بثها على الهواء نماذج من الخرطوش الفارغ الذى تم إطلاقه. فى ذات الوقت أعلن مدير المبادرة الشخصية لحقوق الإنسان أن 46 مواطنا مصريا أصيبت أعينهم بالخرطوش خلال الأيام الأربعة الماضية. حين يحدث ذلك فليس أمامنا إلا أن نصدق الذى رأيناه ونكذب كلام وزير الداخلية. الأمر الذى يضعنا أمام أحد احتمالات ثلاثة، هى: أما أن الوزير يعلم أن الخرطوش تم إطلاقه بالفعل، واختار أن يواصل خطاب الإنكار الذى التزمت به وزارة الداخلية منذ بداية الثورة. حين قتل البعض برصاص القناصة أو فقدوا أعينهم وأصرت الداخلية على أنه لا توجد قناصة. وأما إن الخرطوش أطلق بغير معرفة الوزير، وهو ما لم يستبعده البعض ممن يؤكدون أن رجال الوزير الأسبق حبيب العادلى لا يزالون يهيمنون على الوزارة، ولم يتوقفوا عن مقاومة وإفشال كل محاولة لتغيير سياساتها أو إعادة هيكلتها. الاحتمال الثالث يستدعى فكرة الطرف الثالث، الذى سبقت الإحالة إلى دوره فى حالات سابقة. وفشلت كل الأجهزة الأمنية فى تقديم الدليل على وجود ذلك الطرف. 
أيا كان الأمر فالقدر الثابت أن وزير الداخلية لم يقل الحقيقة. وإذا أردنا أن نفترض حسن النية فبوسعنا أن نقول إن المعلومات التى وصلت إليه كانت مغلوطة، فضللته وحاولت أن تضللنا فى ذات الوقت. هناك أمر آخر تؤكده مختلف الشواهد، وهو أن شيئا لم يتغير فى وزارة الداخلية. ربما  تغيرت الوجوه والمسميات لكن السياسات لم تتغير. فجهاز مباحث أمن الدولة، أصبح اسمه جهاز الأمن الوطنى. ومن المفارقات أن التسمية الجديدة طرحت من جانب قيادات «المباحث» فى ظل وجود العادلى وقبل سقوط النظام السابق، وأريد بها فقط تبييض الوجه وتحسين الصورة. وفيما عدا تغيير الاسم فلا شىء تغير فى الجهاز الذى كان بمثابة الهراوة التى حكمت مصر طوال الثلاثين سنة الأخيرة على الأقل. أكثر من ذلك فإن الجهاز قرر أن يوسع نطاق عمله فقررت قياداته إنشاء وحدة جديدة باسم «مباحث الإنترنت»، بعدما انتبه الجهاز إلى خطورة الدور الذى تقوم به شبكة التواصل الاجتماعى فى التحريض وتعبئة الرأى العام. حدث ذلك فى عهد اللواء منصور العيسوى، وزير الداخلية فى حكومة الدكتور عصام شرف. وفيما علمت فقد تم تعيين أكثر من 35 شخصا فى هذه الوحدة، وأن هؤلاء الأشخاص ينخرطون فى المجموعات المختلفة التى تتعامل مع الشبكة ويوجهونها لصالح  أو ضد مواقف وأشخاص معنيين فى مصر الآن (هل تذكر فرقعة هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر التى ظل مصدرها مجهولا؟). الخلاصة أن العقلية التى تدير الجهاز لم تتغير، من حيث انشغاله بتأمين النظام وليس المجتمع، وبالتلصص على الناس وليس حمايتهم.
 
لا أريد تبسيط الأمر، ولكننا يجب أن نعترف أولا بأن هناك مشكلة فى داخل وزارة الداخلية ذاتها. صحيح أنها ليست المشكلة الوحيدة لأن فى الشارع، وفى مجتمع ما بعد الثورة مشاكل أخرى. لكننا إذا حاولنا أن نرتب أولويات القائمة. فستكون مشكلة الداخلية على رأس تلك الأولويات.
 
إننا إذا اعترفنا بأن الداخلية كانت تحكم مصر طوال عهد مبارك، فإن ذلك يعنى أن سقوط مبارك واستمرار أجهزة الداخلية على حالها إن الرجل ذهب حقا لكن أذرعه ما زالت ثابتة فى مواقعها. صحيح أن أعوان العادلى تمت إزاحتهم، لكن أولئك الأعوان لم يكونوا يمارسون سلطانهم وحدهم، وإنما لهم مساعدون وتلاميذ تربوا وكبروا خلال تلك الفترة ــ من القرائن الدالة على استمرار أولئك التلاميذ أن وثائق ورسائل وزارة الداخلية لا تذكر كلمة ثورة 25 يناير. وقال لى من أثق فى معلوماته ومعرفته بما يجرى فى الوزارة أن كلمة «الثورة» إذا ذكرت فى أى وثيقة أو مكاتبة بوزارة الداخلية فإنها تشطب ويكتب محلها «أحداث 25 يناير». بما يعنى أنه بعد مضى عام على الثورة فإن تلاميذ العادلى لا يريدون أن يعرفوا بوجودها، وأنهم لا يزالون يعتبرونها أحداثا مؤسفة واضطرابات عارضة حلت بالبلد.
 
هناك اجتهادات متعددة فى كيفية إعادة هيئة الداخلية، ليتها تلقى اهتماما من جانب لجنة الأمن القومى فى مجلس الشعب. وليس لى أن «أفتى» فى المسألة، التى لا أشك فى أن أهل الاختصاص أدرى بـ«شعابها»، لكن ما أستطيع أن أقوله إن الوضع الراهن فى الداخلية ينبغى ألا يستمر، وأنه لا جدوى من أى هيكلة طالما بقى تلاميذ العادلى وسياساته فى مواقعهم التى تتحكم فى مفاصل الوزارة، وتحجب جيلا من الضباط الشرفاء الذين ولاؤهم الأول للوطن وليس للعادلى.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 245 مشاهدة
نشرت فى 8 فبراير 2012 بواسطة TAHAGIBBA

TAHA GIBBA

TAHAGIBBA
الابتسامة هي اساس العمل في الحياة والحب هو روح الحياة والعمل الصادق شعارنا الدائم في كل ما نعمل فية حتي يتم النجاح وليعلم الجميع ان الاتحاد قوة والنجاح لا ياتي من فراغ »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

720,611

السلام عليكم ورحمة الله وبركات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته