طارق آل سعيفان بين عتبات الكتابة

يشتمل على العديد من الأصناف الأدبية مثل المقالات والقصص القصيرة والخواطر، كلها كتابات شخصية هادفة

مقالات متنوعة

edit

أشباه مجتمعات

بعدما وصلنا إلى الانفتاح غير الأخلاقي في وقتنا الحالي في معظم أطياف مجتمعاتنا، إلا أننا نجد انتشارا واسعا لأصحاب المبادئ السامية، و من يتمسكون بالدين، و على الرغم من ذلك فنحن لا نجد أي ارتقاء في بنية المجتمعات و لا في نتاجات هذه المجتمعات التي تتظاهر بالسمو و الرفعة في شتى مجالات الحياة، و إلى جانب ذلك فلابد من استعراض العوامل التي أدت بنا إلى أن نصبح أشباه مجتمعات، نستورد النظريات التي استغنى عنها أصحابها بعد ثبات فشلها؛ لنتغنى بها محاولين تطبيقها، غير مبالين بما نجده على أرض الواقع كعامل أول لما نحن فيه، و أما عن العامل الثاني فهو ينبع من تظاهرنا بالنجاح في وقت نعلم بأننا مازلنا نقف في أدنى الشجرة، بالإضافة إلى العامل الثالث الذي يتجلى في وجود أصحاب الطبول الناعقة و التي تزخرف لنا كل هاوية نقع بها من حين إلى آخر، حتى لا نقف على أقدامنا من جديد.
و من هنا فإن من الواجب على كل راع يصدر تشرّيعا أو يتبنى تشريعا أن ينظر فيما شرّع و تبنى؛ ليتسنى لنا النهوض من غفلتنا التي تم إيقاعنا بها بقصد أو بغير قصد، فنحن قد أصبحنا مجتمعات خاملة غير قادرة على الإبداع و الابتكار، و إنما هي مقلدة فقط، يتم استنزاف خيراتها و قدرات شبابها، من دون أي جدوى ملموسة، إلى متى سنبقى نتظاهر بالرقي و السمو، و نحن حتى نخشى من صعود السلّم، أبتنا نهوى و نعشق العيش بين الحفر و في قاع الوادي أم أن قرار نهضتنا ليس بيد مشرّعنا، الذي لا نعلم إلى أين يقود سفينتنا، فكثيرا ما نسمع عن خطط سوف تلبي طموحاتنا في الأعوام القليلة القادمة، ولكن للأسف تأتي الأعوام القادمة دونما أن نرى طموحاتنا تتحقق.

TariqAlSuaifan

طارق آل سعيفان

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 140 مشاهدة
نشرت فى 31 أغسطس 2018 بواسطة TariqAlSuaifan

إرادة السماء

إلى من يسكنون العراء
و يعانون من الظلم والجفاء
قد دبَّت فيكم ويلات الوباء
و نحن لكم نعيش بلا وفاء
ذنبكم الوحيد أنكم رفضتم الاستجداء
و تنازلتم عن عيش السعداء
يا من فضلتم الخلاء على الخيلاء
نشعر بكم ولكن في الخفاء
فنحن نقيم في الفسيح سجناء
مع أننا في الدرب طلقاء
يا معشر السادة الأعزاء لماذا أنتم جبناء؟
أرضيتم باتباع دروب السفهاء
يا من أصبحتم من بني الدجناء
أتخليتم عن مبادئ السمحاء
أين أنتم و أين الهناء
هل نحن أحياء أم نعاني هول الابتلاء؟
دعوني أسألكم كيف تنامون دون غطاء؟
لأن ذلك الوغد قد استحوذ على الغطاء
فهو بعدما شبع و ازدان يأبى حتى العطاء
و يقول امنعوا عنهم كل شيء حتى شربة الماء
كيف لكم أن تفترشوا رمال الصحراء؟
و نحن ننام بأعين ملؤها الرياء
معاناة شيوخكم و أطفالكم ورجالكم وكل النساء
معلقة في أعناق أهل الأرض جمعاء
ترى من سيلاقي عنكم الجزاء
أهم بواقي العلماء أم أشباه الأمراء
إن عاثوا فسادا أولئك الدخلاء
و قطعوا عنكم الخبز و الدواء
فلن يستطيعوا إيقاف الهواء
و سيزول عنكم ذلك المساء
الذي أطال عندكم في البقاء
نحن نبتهل لكم بالدعاء
ولن يخيب من استجار برب السماء.
قسما سوف ينجلي عنكم الغثاء
إنكم ستعودون إلينا أيها الأحباء
و ستصدق فيكم تلك الأنباء
التي سمعناها من الأنبياء
لأن الله لابد أن يجيب النداء
و لن يقبل أن تبقوا بلا غداء
أو عشاء
أفعالكم أفعال أتقياء و لن تكونوا من الأشقياء
فقد فهمنا بكم معنى التعساء
نرفض أن نكون من النزلاء
الذين استطابوا حياة اللقطاء
سننتظر أن تحين إرادة السماء لتزيل هم العناء.

 

TariqAlSuaifan

طارق آل سعيفان

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 135 مشاهدة
نشرت فى 15 أغسطس 2018 بواسطة TariqAlSuaifan

العنوان : رسائل البطون


ليس كمثلهم رجال

خاوية بطونهم ليس من قلة ولا من جوع، ولكن لأنهم رجال اختاروا تسطير البطولات بكل ما يملكون، فهم مثال العظماء في الأرض، فبعدما حجزت أجسادهم خلف قضبان الصهاينة لما قدموه من فداء للوطن و دفاعا عن أعراضهم التي نسي بعض الرجال كيف يحمونها، أصروا ببطونهم الفارغة أن يكون سلاحهم هو أجسادهم التي نحلت دفاعا عن أمة غاب فيها كل معاني الرجولة ، شتان ما بين من يقبعون خلف القضبان، و أولئك الذين يتغزلون بالمشركات خلف مواقع التواصل الاجتماعي و قد نسوا قول الله تعالى ( ولأمة مؤمنة خير من مشركة و لو أعجبتكم) شباب مواقع التواصل أو شباب الكروش يتباهون بأنهم يتناولون أشهى الطعام، و لكنهم ليسوا من الرجال في شيء سوى بأنهم ذكور، و هل لنا أن نقارنهم مع رجال فلسطين الذين يدافعون عن شرف الأمة، متى يستيقظ أولئك الجهلاء الذي يجلسون على كراسيهم بعقولهم المغيبة، و كل همومهم أن يمتلكوا المال و السلطة؛ كي يحافظوا على لقمة عيشهم، هذه الأجيال تحتاج إلى صفعة قوية، توقظ فيهم معنى الرجولة.

TariqAlSuaifan

طارق آل سعيفان

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 117 مشاهدة
نشرت فى 8 أغسطس 2018 بواسطة TariqAlSuaifan

لماذا أصبحنا أرقاما؟؟؟

 

إن لكل إنسان هدف، يسعى لتحقيقه في مختلف مناحي حياته بشتى الطرق و الوسائل، و الكثير منا قد يبذل مما يملك النفيس و الثمين ليبلغه، و لكن هذا الهدف كبيرا كان أو صغيراً سرعان ما يتحطم على عتبات الأرقام.

لماذا أصبحنا أرقاماً؟؟؟

لو أتيح لنا و تمحصنا أعمال  من هم حولنا لوجدنا بأن القليل منهم من يعمل بالمهنة التي يحب، بل و أن الكثير منهم يعمل في مجال ربما أرغمته عليه الظروف؛ كي يستطيع أن يستمر في تأمين أدنى مقومات المعيشة له و لمن يعيل، ولعل هذا هو العامل الأول الذي جعلنا نتحول إلى أرقام تشابهت في شكلها العام حتى و إن اختلفت في مضمونها، فلا قيمة لهذا الاختلاف ما لم يكتب له أن يطفو على سطح البحر، و زد على ذلك بأن الإنسان إن لم يعمل فيما يحب فإنه لن يتميز عن غيره مما يجعله رقما على هامش الحياة.

أما عن العامل الثاني الذي أودى بنا إلى أن نصبح أرقاما بلا هوية، هو عدم وعي أصحاب العمل و أربابه لمفهوم القيادة العصري الذي من أهم متطلباته الأساسية أن يرتقي بعامليه و موظفيه؛ ليعطوه أفضل ما يملكون من منتجات، و لكن أرباب العمل لا زالوا يتعاملون مع موظفيهم بفكرة الأرقام التي يسعون من ورائها فقط إلى تحقيق مكاسبهم الشخصية فقط.

و إلى جانب العاملين السابقين فأنك تستطيع أن تلقي اللوم في العامل الثالث على غياب التنشئة الصحيحة للفرد سواء كان ذلك على صعيد الأسرة أو على صعيد المجتمع ، و التي ينبغي أن تقوم على بناء شخصية و كيان الفرد على منطلقات الشخصية المستقلة القادرة على النجاح في العمل المستقل و أهميته لنا،مهما عانينا من ظروف و ضغوطات لنصل إليه.

و أضف إلى ما سبق من عوامل نطرق عتبات العامل الرابع الذي يعود إلى غياب المؤسسات الحكومية والخاصة الهادفة إلى النهوض بالفرد في شتى جوانب حياته؛ كي تنهض بالأسرة و بالمجتمع، فلعل لغياب هذه المؤسسات التي ينبغي أن تحرص على تطوير الأفراد الذين هم بناة المجتمع، الأثر الكبير في تحويلنا إلى أرقام غير قادرة على الإنجاز و الإبداع مهما حاولنا.

و إلى جانب ما سبق من العوامل الأربعة فإننا لن نغفل الأثر الكبير الذي تركه العامل الخامس في تحويلنا إلى أرقام، و هو هنا إن جاز لنا القول أن نعود به على اندثار الدافع الداخلي بين تراكمات الحياة والذي من واجبه أن يدفعنا إلى الخروج من بوتقة رقمية الإنسان إلى بوتقة العمل و الإبداع والاختلاف عن الآخرين لنصبح في أعالي مراتب التمييز الذي نصنع به المجتمع الذي نريد.

و مما سلف لنا ذكره من عوامل قد تكون مجتمعة أو أشتاتا فإن تحول الأفراد في مواقع عملهم أو في مجتمعهم إلى مجرد أرقام،  هي المسؤولة عن بقائنا دون تقدم أو تطور، الأمر الذي إن لم نتغلب عليه بما يتجاوز سرعة الضوء، فإن الفجوة بيننا و بين دول العالم الأول و الثاني سوف تبقى في ازدياد و اتساع مستمرين إلى أعوام مديدة، ليس لها من حل سوى أن نعيد النظر في هذه العوامل مراراً و تكرارا؛ كي نستطيع تفكيكها و التغلب عليها، فإن فعلنا ذلك نجونا بأنفسنا و بمجتمعاتنا و إلا فإن رقمية البشر ستطغى على أسمائهم و قدراتهم التي بها يتمايزون عن غيرهم في مخاضات الحياة التي قد أصبحت لا حول ولا قوة لنا عليها.

TariqAlSuaifan

طارق آل سعيفان

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 109 مشاهدة

يريدونها عوجاء

 

تعالت الصيحات من أصحاب العمل و التي يريدون فيها أن يقدم العامل أو المدرس أو المهندس أو مهما تنوعت أشكال الأعمال أقصى ما يمكنه أن يفعل. 

هم يريدون أن نكون عمالا على الطراز الأمريكي و مهندسين على النظام الكوري و معلمين على الطراز الياباني و مجتهدين مثل الأتراك

و لدينا القدرة على الابتكار و الإبداع مثل أصدقائنا في دول أوروبا. 

و لكنهم تناسوا أن يعطوا المدرّس ذلك الاحترام و تلك القيمة التي حصل عليها في اليابان، و ذلك الراتب الذي حصل عليه العامل في أمريكا و تلك الإمكانات التي أتيحت للمهندس في كوريا، بل و ذلك الدعم الذي أتيح للإنسان التركي حتى اجتهد و ارتقى بكل ما يصنع. 

إنهم يريدون أن تمنحهم وهم لا يعطونك، بل حتى إنهم يفرضون عليك الأعباء بحجة أنك ابن الوطن المتفاني، و يجب عليك أن تتحمل مسؤوليتك تجاه الوطن، ومهما أثقلوا كاهلك فلا يحق لك أن تشعر بالتعب أو الحزن، أنت يجب أن تكون ابن الوطن البار الذي يحمل الوطن و همومه على منكبيه، و لكن إن جاء موعد تقسيم الثروات و الخيرات فأنت لست سوى ذلك المواطن المسحوق الذي لا يحق لك حتى أن تحصل على مقعد في الجامعة أو سرير في المشفى أو حتى راتب تقاعد يستر عليك ما فضحوه.

أهو من جهل فيهم أم أن أصحاب المقاعد و المكاتب الفخمة فرحوا بها، و ظنوا أنها تركتهم التي ورثوها من آبائهم الأولين، وما علموا أنها لو دامت لغيرهم لما وصلت إليهم.

هم يعلمون بأنك السبيل للنهوض و الرقي في حياة الوطن، و لكنهم يريدونها أن تبقى عوجاء كي يحافظوا على مقدرات الوطن ملء جيوبهم و حساباتهم المتعددة الأرقام في بنوك لم يعد لهم الحق أن يتصرفوا فيها أو بما امتلكت أرصدتهم فيها.

لابد أن يعلموا من أنت، بل و سيذكروا جميع مناقبك و لكن متى أحينما يرون اسمك في صحيفة الغد في صفحات الوفيات؟؟؟

TariqAlSuaifan

طارق آل سعيفان

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 101 مشاهدة
نشرت فى 19 يوليو 2018 بواسطة TariqAlSuaifan

قلوب مهترئة 

كن كالصحراء واسعا عند الغضب، واجعل في باطنك ماء لا يجده إلا من جاء مبكرا وجلس كثيراً؛ حتى احترقت أفكار هي حصيلة لعيش لا تكفيه أحقبة الزمان، فلا يجده إلا من أحضر معه أدواته؛ كي ينقب عما في جوفك، ثم اجعله يتيه في شاسع مساحاتك فلا يجد عنوانا لطريق نجاته، سوى أن يسير بأقدام  نعالها ممزقة، على رمال أشعلت حرارتها ألهبة مستعرة أوقدتها شمس السماء العارية، فإن فعلت ربما استطعت أن تمسك بخيوط من بيت الوهم الذي نسجته عناكب، قد جلبتها عليك عواصف هبت من حولك بلفيف ظاهره البؤس وفي باطنه القهر، كلما هدأ ما فيه من براكين رجعت إليه ألسنة وعدها حاضر، لابد أن تجيء مهما أوقفتها مفاصل الطريق، سوف تكون قليلة ولكنها شافية؛ لتحرق بها ما عندك من ألم، ومع هذا وذاك فسوف يبقى التيه هو دليل للنجاة من بقايا دخان كثيف جمعه لك بغيض البشر، وبعدها فلا تأسف على حياة فيها قلوب مهترئة، ليس عندها ما تمنحك إياه.

TariqAlSuaifan

طارق آل سعيفان

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 129 مشاهدة

إخوة الخطيئة

تتحرك في قلوب البشر ذات الدماء فهي تسير في حب ووئام بين الإخوة ذكورا وإناثا، وتجد الآباء يحرصون كل الحرص على العدل والمساواة بين الأبناء مهما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، ولعل الناظر إلى أي أسرة من الخارج لابد أن يشاهد الكم الهائل من الأخلاق والمبادئ الذي يحاول الآباء أن يزرعوه في أبنائهم، لكي تطمئن قلوبهم على تنشئتهم بشكل سليم في هذه الحياة العنيدة وليكونوا سندا وحصنا منيعا لبعضهم البعض في وجه عثرات الزمان، ولكن الإخوة يجتمعون شكلا وقلوبهم شتى، فكل فرد منهم لا يفكر سوى بمصالحه الخاصة، وترى قويهم يتسلط على من يعتقد بأنه الأضعف، وتبدأ ملكة السيطرة تكبر شيئاً فشيئاً، والسبب أن الأبوين قد زرعوا بعض المفاهيم الخاطئة بين الأولاد، دون أن يكون ذلك بقصد أو ربما بقصد، عداك إذا امتلك كبيرهم حصة الأسد في الأسرة بسبب ضعف الأب والأم تجاهه، أو لأنهم دون أن يلاحظوا بأنهم قد ظلموا من بعده من إخوته، تماما كما يحدث عندما يريد الأب للكبير أن يدرس طبيباً أو مهندسا ولا يهتم أحدهما لأي من مستقبل باقي أفراد الأسرة بحجة أن هذا نصيبه وأنه يريد أن يفتخر به، ومهما اختلفت الحصة التي يتمتع بها أخ عن أخ، فلابد للوقت أن يحين لإيقاف ما يحدث من استنزاف للعلاقات بين الإخوة التي ينال الغدر منها بسبب الأخطاء التي يرتكبها الآباء أو الإخوة مع بعضهم البعض  في حق الطرف الثاني، نتيجة سوء التربية التي تمارسها الأسرة في مجتمعاتنا الحالية.

TariqAlSuaifan

طارق آل سعيفان

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 173 مشاهدة

 

الفجوة مع الأبناء
 
 لعل المتأمل في حياة الأبناء في المجتمعات الحديثة ، قد أصبح يلحظ مدى تنامي و تزايد الفجوة الموجودة بين الأجيال المعاصرة لبعضها البعض، خاصة حينما يرتبط الموضوع في العلاقات بين الأبناء و الآباء .
من هنا فإننا نجد أن اتساع الفجوة بين الكبير و الصغير ليست مقتصرة على زمان محدد بذاته، ولا على مجتمع دون المجتمعات الأخرى، و إنما أصبحت ظاهرة تستحق الدراسة و البحث فيها ؛ الأمر الذي جعلها محط أنظارنا في هذه المقالة.
و مما لاشك فيه أن لهذه الظاهرة العديد من الأسباب التي تساهم في تنميتها في واقعنا الذي نعيش، و من أبرز هذه الأسباب التي نستطيع أن نذكرها بداية ، هو تنوع المجالات التي تلعب دورًا بارزًا في التأثير على الأبناء مثل : المدرسة، و البيئة المحيطة ، و رفقاء الشارع، و أفراد الأسرة، و لكل منها أثره الموجه أو غير المقصود في تزويد الأبناء بمعطيات تؤثر في تكوين شخصياتهم، و جعلها مختلفة في التفكير و الاعتقاد؛ سواء كان هذا الأثر إيجابيا أو سلبيا ، إلا أنه يغذي ظاهرة الفجوة التي نحن بصددها.
و أما الجانب الثاني فهو متعلق بتنوع وسائل التكنولوجيا كالهاتف و الحاسوب ، و ما يلحق بها من برامج ، و مواقع إلكترونية متعددة، لسنا بصدد إحصائها، ولا يمكن السيطرة عليها، إلا أنها قد أصبحت متاحة في هذا الزمان؛ كنتيجة للانفتاح الذي جرى في معظم المجتمعات التي تدعي التقدم، و لكنها بلا خلاف لا تدرك استخدام هذه التكنولوجيا بالشكل الذي يخدم نهضتها التي تسعى إليها ، مما جعلها كالسيف في غمده ، يجهل الكثير مدى خطورته.
و من ناحية أخرى فإننا نجد  للجانب الثالث، أهمية لا تقل عما ذكرنا سابقا ، لتعلقه باختلاف التربية التي نشأ عليها الأباء جراء تغير العادات و التقاليد التي كانت موجودة في زمانهم عمّا هو موجود في زمان الأبناء الذي يعيشونه بكل حرية في العصر الحديث ، مما نتج عنه اختلاف في التصرفات و ردود الأفعال تجاه الكثير من المواقف، فما يقوم به الأبناء و يتقبلونه كحرية شخصية، قد يرفضه الأباء نتيجة لمعتقداتهم النابعة من العادات و التقاليد التي تربُّوا عليها.
و إضافة إلى هذا فإن للجانب الرابع ضرورة ، لابد من مناقشتها ، بسبب ارتباطه باختلاف الميول و الاتجاهات لدى الأبناء الذين يبحثون فيها عن متاع الحياة و غرورها، و عيشها بلا أهداف أو غايات، بل لا يسعون إلى أي تطلعات فيها ، في حين أن الآباء يشغلهم طلب الرزق و السعي في مناكب الأرض، لتأمين احتياجات بيوتهم و أسرهم على أكمل وجه، مما يجعلهم يغيبون عن بيوتهم لفترات طويلة جدا، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الفوارق في التفكير بينهم، كنتيجة حتمية لما يحدث.
و مع ذلك كله فلعل عدم وجود مؤسسة دينية محددة ، تتبنى رعاية الأبناء، أو التأثير بهم، لتوجيههم نحو ما يخدم تطلعات الآباء تجاه أبنائهم، و يجعلهم ضمن نماذج مميزة ترقى و تنهض لرفع شأن المجتمع ، أمرًا يجعل من المؤسسة الدينية تؤثر في هذه الفجوة باعتبارها الجانب الخامس الذي يساهم في تنامي الفجوة بين الأبناء و الآباء، التي هي موضوع ظاهرتنا المطروحة.
و بناء على سبق فإن من الواجب على كافة أطياف الدولة الممثلة في المجتمع، بمؤسساته، و أسره، و أفراده التكاتف و التكافل لوضع الخطط و الإستراتيجيات القريبة و البعيدة الأمد ، للمساهمة في وضع حلول و خطوات عملية ، لتقليل فارق الفجوة بين الأبناء و الآباء التي إن لم نتنبه لها ، ستزيد من تفشي هذه الظاهرة بين أرباب الأسر و أفرادها، و لنحد منها في التأثير على مخرجات  المجتمعات المعاصرة.
و خلاصة القول بإن هنالك العديد من الجوانب أو العوامل التي يمكن أن تؤثر في زيادة الفجوة بين الأباء و الأبناء ، أو في الحد منها و السيطرة عليها، قد يتم طرقها في أبواب و مباحث أخرى.

 

TariqAlSuaifan

طارق آل سعيفان

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 111 مشاهدة

طارق محمد إبراهيم آل سعيفان

TariqAlSuaifan
»

المقالات الأدبية والقصص القصيرة والخواطر

طارق آل سعيفان بين عتبات الكتابة

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

9,393