مجموعة آمان القانونية - Aman Law Firm- محمد ثابت محمود المحامى بالعاشر من رمضان

للاستشارات القانونية وأعمال المحاماه وتاسيس الشركات - محامون مستشارون قانونيون

 

بحث حول الامر بالحفظ والامر بالا وجه لاقامة الدعوى الجنائية

 

خطة البحث

مقدمة:                                                                                     

اولا: مبحث تمهيدى :

المطلب الاول :

التعريف بالنيابة العامة .

المطلب الثانى :

التعريف بالمتهم .

المطلب الثالث:

التعريف بالمدعى بالحق المدنى .

ثانيا : المبحث الاول :

المطلب الاول :

التعريف بالطبيعة القانونية للامر بالحفظ .

المطلب الثانى :

التعريف بالطبيعة القانونية للامر بان لا وجه لاقامة الدعوى الجنائية لعدم الاهمية.

المطلب الثالث:

التعريف بالطبيعة القانونية للامر بأن لا وجه لاقامة الدعوى الجنائية .

ثالثا : المبحث الثانى :

المطلب الاول :

إلغاء الامر بالحفظ .

المطلب الثانى :

إلغاء الامر بألا وجه لاقامة الدعوى الجنائية .

ثالثا : المبحث الثالث :

مدى دستورية نص المادة ( 210 ) إجراءات جنائية.

المطلب الاول :

فقرات المادة التى عرضت على المحكمة الدستورية

رأينا فيها .

المطلب الثانى :

مدى دستورية القاعدة التى تقول بأنه لا يجوز الطعن بالنقض فى القرار الصادر من غرفة المشورة برفض الطعن فى الامر بألا وجه لاقامة الدعوى الجنائية .

 

رابعا:الفهرس :

 

 

المقدمة

 

إذا كانت احالة الدعوى الجنائية الى قضاء التحقيق او قضاء الحكم هو التصرف الايجابى فى الدعوى فى مرحلتى الاتهام والتحقيق , فإن الامر بحفظ الاوراق والأمر بألا وجه لاقامة الدعوى هما التصرف السلبى فى الدعوى فى هاتين المرحلتين , وهو تصرف يؤثر على سير كل من الدعويين الجنائية والمدنية التبعية وبالتالى على المراكز القانونية لكلا من ( المتهم – المجنى عليه – المدعى بالحقوق المدنية والمسئول عنها ) , وقد زخرت كتب الفقه الجنائى بالحديث عن هذا الموضوع , الا اننا سنتناول بمشيئة الله وتوفيقه فى بحثنا هذا الامر بالحفظ ووالامر بالا وجه لاقامة الدعوى الجنائية والفرق بينهم مدعمين بحثنا هذا باحكام محكمة النقض فى هذا الشأن و ولما كانت الاطراف الاساسية للدعوى الجنائية والدعوى المدنية التبيعة هم ( النيابة العامة  و المتهم والمدعى بالحق المدنى ) فقد رأينا أن نتناول كلا منهما من حيث التعريف به فى مبحث تمهيدى , إلا أنه ولما كانت النيابة العامة هى التى تباشر سلطة الاتهام وهى ايضا التى تباشر – بحسب الاصل – سلطة التحقيق . فقد كان لزاما علينا ان نوضح بقدر من التفصيل المركز القانونى للنيابة العامة فى النظام الدستورى المصرى نظرا لاثر ذلك على الشرعية الدستورية وخاصة ان هذا الموضوع لا يزال موضع خلاف حاد فى الفقه والقضاء , ثم سنفرد المبحث الاول لبحث الطبيعة القانونية لكل من الامر بالحفظ والامر بالا وجه لإقامة الدعوى الجنائية وايضا الامر بالا وجه لاإقامة الدعوى الجنائية لعدم الاهمية ( مادة 209 أ.ج) والخلاف الفقهى الذى ثار حول طبيعته القانونية , ثم نتناول فى المبحث الثانى ألغاء الامر بالحفظ والامر بألا وجه لاقامة الدعوى الجنائية , وسوف نتعرض فى هذا المبحث لسؤال هام وهو ... هل يحقق قانون الاجراءات الجنائية حماية قضائية للمدعى بالحق المدنى اذا صدر امرا بحفظ الاوراق فى جريمة تمثل جناية ولم تقم الجهات الرئاسية للعضو مصدر القرار بإلغائه أم أننا فى هذه الحالة بصدد ما يسميه الفقه الدستورى ( بالقصور التشريعى أو الاغفال التشريعى ) نظرا لان القانون لا يبيح الادعاء المباشر إلا أمام محاكم الجنح فقط وليس الجنايات , ثم نختتم بحثنا بالمبحث الثالث والذى نتناول فيه مدى دستورية نص المادة ( 210) اجراءات جنائية , فنتناول فى مطلب اول فقرات هذه المادة التى عرضت على المحكمة الدستورية العليا وماذا قالت فيها , ثم فى مطلب ثان نتناول مسأله لم يتم عرضها على المحكمة الدستورية العليا وهى ( مدى دستورية القاعدة القانونية التى لا تجيز الطعن بالنقض فى القرار الصادر  من غرفة المشورة برفض الطعن فى الامر بألا وجه لاقامة الدعوى الجنائية ) لنصل بذلك الى ختام بحثنا ,, راجين من الله ان يعلمنا ما ينفعنا وان ينفعنا بما علمنا , وان نكون بهذا البحث قد افدنا ولو بقدر يسير السادة الزملاء .

 

 

 

 

 

اولا: مبحث تمهيدى :

 

 لما كانت الاطراف الاساسية للدعوى الجنائية والدعوى المدنية التبيعة هم ( النيابة العامة  و المتهم والمدعى بالحق المدنى ) فقد رأينا أن نتناول كلا منهما من حيث التعريف به فى مطلب مستقل . فنتحدث فى المطلب الاول عن النيابة العامة لنوضح المركز القانونى لها , ثم نتحدث فى المطلب الثانى عن المتهم لنوضح تعريف هذا المصطلح فى كل من القانون المصرى والفرنسى , ثم نتحدث فى مطلب ثالث عن مصطلح المدعى بالحقوق المدنية .

 

 

المطلب الاول

 

النيابة العامة :

*** لما كانت النيابة العامة هي التي تباشر – بحسب الأصل – سلطتي الاتهام والتحقيق في الدعوى الجنائية فقد رأينا أن نوضح بقدر مناسب من التفصيل المركز القانوني للنيابة العامة في النظام الدستوري المصري نظراً لأثر ذلك على الشرعية الدستورية لبعض النصوص التشريعية، ولاسيما أن هذا الموضوع لا يزال يثير خلافاً حاداً في الفقه في كلٍ من مصر وفرنسا.

 

المركز القانوني للنيابة العامة في مصر وفرنسا

*** ثار جدل فقهي حاد ولا يزال قائماً حول المركز القانوني للنيابة العامة في كل من مصر وفرنسا وتحديد وضعها من السلطتين التنفيذية والقضائية، وسوف نعرض في إيجاز للآراء الفقهية المختلفة.

الاتجاه الأول :  يرى أن النيابة العامة تابعة للسلطة التنفيذية وأن أعضاءها ليسوا سوى وكلاء لهذه السلطة لدى المحاكم. واستند أنصار هذا الرأي في فرنسا إلى أن أعضاء النيابة العامة الذين كانوا يسمون رجال الملك في الماضي هم حالياً وكلاء السلطة التنفيذية لدي المحاكم. ومن جهة أخرى، فإن رفع الدعوى الجنائية عن الجرائم يعتبر إحدى وظائف السلطة التنفيذية باعتبارها المسئولة عن الحفاظ على الأمن والنظام في المجتمع وحماية حقوق الأفراد .

ويذهب هذا الاتجاه الفقهي إلى تعريف النيابة العامة بأنها

"الهيئة التي تمثل الحكومة والنظام العام والمصالح العامة للمجتمع أمام بعض الجهات القضائية والتي تسهر على تطبيق القوانين وتنفيذها أو الهيئة التي تضم وكلاء السلطة التنفيذية لدي المحاكم".

      ** وقد أخذ بهذا الرأي جانب من الفقه المصري(3), كما اتجهت إليه محكمة النقض المصرية في حكم قديم لها، حيث قررت أن "النيابة العامة هي من النظم المهمة في الدولة المصرية، أشار الدستور إليها في كلامه عن السلطة القضائية، وهي – بحسب القوانين التفصيلية المعمول بها – شعبة أصيلة من شعب السلطة التنفيذية خصت بمباشرة الدعوى العمومية نيابة عن تلك السلطة وجعل لها وحدها التصرف فيها تحت إشراف وزير الحقانية ومراقبته الإدارية. وهي بحكم وظيفتها مستقلة استقلالاً تاماً عن السلطة القضائية(4).

الاتجاه الثاني: يرى غالبية الفقه الفرنسي أن أعضاء النيابة العامة هم أصحاب وظيفة مزدوجة ، أعضاء في السلطة القضائية ، أي موظفون وقضاة في آن واحد، وباعتبارهم موظفين فهم يخضعون لعلاقة التبعية لرؤسائهم في بعض الأعمال وباعتبارهم قضاة فهم يتحررون من علاقة التبعية هذه في أعمال أخرى(5).

      *** وقد أيدت محكمة النقض الفرنسية هذا الاتجاه، فقضت بأنه يجب التمييز بين صفتين للنيابة العامة الأولى كأداة لحماية المجتمع من الجريمة، والثانية كأداة لحماية القانون في طلبات توقيع العقوبة على المتهمين.

 

 

*** وأيدت محكمة النقض المصرية هذا الاتجاه في بعض أحكامها، حيث قضت "بأن النيابة العامة، لا تزال تجمع بين طرف من السلطة القضائية وآخر من السلطة الإدارية، وأنها بهذه الصفة قد تحتاج في تصرفها إلى قسط من المرونة لا يرى قاضي التحقيق أنه بحاجة إلى مثله لأن مهمته قضائية".

   *** كما أيدت أيضاً المحكمة الإدارية العليا هذا الاتجاه  فقررت أن " قضاء هذه المحكمة جرى على أن النيابة العامة هي في حقيقة الأمر شعبة أصيلة من شعب السلطة التنفيذية تجمع بين طرف من السلطة القضائية وآخر من السلطة الإدارية(3).

          وقد أيد هذا الاتجاه أيضاً جانب من الفقه المصري.

الاتجاه الثالث : يرى أن النيابة العامة هيئة قضائية، وأعضاؤها قضاة وليسوا وكلاء للسلطة التنفيذية، ويستند هذا الاتجاه إلى أن الوظيفة الرئيسية للنيابة العامة هو تطبيق قانون العقوبات، ويعتبر هذا العمل من اختصاص السلطة القضائية.

 *** وقد أخذ الدستور الفرنسي بهذا الاتجاه، فبمقتضى التعديل الدستوري الصادر في 27 يوليو سنة 1993، أصبحت النيابة العامة جزءاً من السلطة القضائية، فقد نصت المادة (64) من الدستور الفرنسي على "أن رئيس الجمهورية يضمن استقلال السلطة القضائية ويساعده في ذلك المجلس الأعلى للقضاء". وطبقاً للمادة (65) من الدستور بعد تعديلها، أصبح للمجلس الأعلى للقضاء تشكيلان الأول: خاص بشئون القضاة، والثاني: خاص بشئون أعضاء النيابة العامة.

*** وقد أخذ غالبية الفقه المصري بهذا الاتجاه، استناداً إلى أن عمل النيابة  العامة يغلب عليه – من الوجهة الفنية – الطابع القضائي، باعتبار ما تلتزم به من موضوعية ومن استهداف التطبيق الصحيح للقانون.  ويؤكد هذا الطابع أن الإعداد الفني لأعضاء النيابة العامة هو ذات إعداد القضاة. كذلك فإن النيابة العامة هي جزء متمم في تشكيل المحكمة الجنائية.

*** وقد أخذت محكمة النقض بهذا الاتجاه في حكم حديث لها، فقضت بأن "النيابة العامة شعبة من شعب السلطة القضائية خول الشارع أعضاءها من بين ما خول سلطة التحقيق ومباشرة  الدعوى العمومية".

*** وأخذت به أيضاً المحكمة العليا، فقررت "أن النيابة العامة هي على الرأي الراجح شعبة من السلطة القضائية تتولى أعمالاً قضائية أهمها وظيفة التحقيق التي ورثتها عن قاضي التحقيق، ثم وظيفة الاتهام أمام المحاكم الجنائية بحيث يتعين تمثيلها في تشكيل هذه المحاكم وإلا كان قضاؤها باطلاً، ومن ثم تكون قراراتها قضائية".

رأينـا فـي الموضـوع :

*** بعد أن استعرضنا الاتجاهات الفقهية والقضائية المختلفة، نحاول أن نجتهد برأينا في الموضوع

         قد قررت المحكمة الدستورية – وهي بصدد تفسيرها للمادة (24/2) من القانون رقم 73 لسنة 1956 – قررت الآتي:

1-    أن مصطلح "الهيئة القضائية" في النظام القانوني المصري إن هو إلا اسم جنس تندرج تحته عدة أنواع، منها جهات تمسك بزمام العدالة وتنفرد على وجه الاستقلال بالفصل في القضايا على أسس موضوعية ووفقاً لقواعد إجرائية تكون منصفة في ذاتها، بما يكفل الحماية الكاملة لحقوق من يلوذون بها وأخصها المحكمة الدستورية العليا ومحاكم جهتي القضاء العادي والإداري بمختلف درجاتها ومنها جهات قائمة بذاتها، وهي وإن لم يعهد إليها المشرع باختصاص الفصل في القضايا إلا أنه أسبغ عليها صفة الهيئة القضائية تقديراً منه بأنها هيئات – بحكم الاختصاصات المنوطة بها – تسهم في سير العدالة وهي هيئتا قضايا الدولة والنيابة الإدارية.

2-    إن العبرة في اكتساب صفة "الهيئة القضائية" لغير الجهات التي تضم المحاكم على اختصاص مسمياتها ودرجاتها – هي بوجه عام بالتشريع الذي يصدر – بناء على التفويض الوارد بالمادة 167 من الدستورالملغى والتى تقابلها المادة 168 من الدستور الحالى – بإنشاء الهيئة وتنظيمها والذي يسبغ عليها هذه الصفة ويمنحها القدر اللازم من الاستقلال وبانضمامها إلى  تشكيل المجلس الأعلى للهيئات القضائية.

وقد نص قانون السلطة القضائية في المادة (15) منه على أنه "فيما عدا المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة تختص المحاكم بالفصل في كافة المنازعات والجرائم إلا ما استثني بنص خاص".

وهذا الاستثناء الأخير قد ينصرف إلى جواز تخويل بعض الجهات من غير المحاكم سلطة  الفصل في المنازعات، ولا يتفق هذا المعنى مع ما عبر عنه الدستور بشأن تولي المحاكم مباشرة السلطة القضائية ولذلك لا يجوز تفسير هذا الاستثناء إلا في النطاق الذي يتفق مع الدستور، مما يجعله مقصوراً على احتمال إنشاء أنواع جديدة من المحاكم لم ينص عليها قانون السلطة القضائية.

 

وهناك رأى فقهى يقول: أن كلاً من الاتهام الجنائي والتحقيق الابتدائي والمحاكمة وظيفة قضائية، وقيام المحكمة ببعض جوانب هذه الوظيفة لا ينفي الطبيعة القضائية للجوانب الأخرى من الوظيفة والتي تباشرها النيابة العامة.

وعلى ضوء ما تقدم، تعتبر النيابة العامة هيئة قضائية. وقد عني الدستور صراحة بإضفاء القيمة الدستورية على وجود النيابة العامة في المادة (173) منه.بان نص على أن" النيابة العامة جزء لا يتجزا من القضاء ........ ألخ" 

وإذا خرج القانون عن المعيار الموضوعي للوظيفة القضائية في تحديد الهيئات القضائية، فإن ذلك يرجع إلى أهمية إضفاء قدر من الاستقلال على بعض الهيئات بالنظر إلى اختصاصها الهام وتعاونها مع القضاء كما هو الشأن بالنسبة إلى هيئة قضايا الدولة في مصر.

          إلا انه هناك راى اخر للمحكمة الدستورية بخصوص هذا الموضوع بقضاء آخر قررت فيه "أن ما قصد إليه الدستور الملغى بنص المادة (167) منه التي فوض بها المشرع في تحديد الهيئات القضائية وتقرير اختصاصاتها، هو أن يعهد إليه دون غيره، بأمر تنظيم شئون العدالة من خلال توزيع الولاية القضائية بين الهيئات التي يعينها تحديداً لقسط كل منها أو لنصيبها فيها، بما يحول دون تنازعها فيما بينها أو إقحام إحداها فيما تتولاه غيرها من المهام، وبما يكفل دوماً عدم عزلها جميعاً عن نظر خصومة بعينها".

          وواضح أن المحكمة الدستورية تقصد بحكمها الأخير أن الهيئات القضائية الواردة بالمادة (167) من الدستور الملغى أنها الهيئات التي تضم المحاكم فقط.

** إلا ان الدستور الجديد قد حسم هذا الخلاف حينما نص فى المادة ( 173) منه على ان " النيابة العامة جزء لا يتجزأ من القضاء , تتولى التحقيق ورفع الدعوى الجنائية عدا ما يستثنيه القانون , ويحدد القانون إختصاصاتها الاخر .......الخ "

** إلا أنه من الناحية الفلسفية المجردة، حين يحتدم الخلاف بشدة حول المركز القانوني للنيابة العامة وهل تنتمي إلى السلطة القضائية أم تنتمي إلى السلطة التنفيذية، فلا يتصور إلا أن تقع في مركز قانوني وسط بين السلطتين القضائية والتنفيذية, وهذا مانميل الى الاخذ به فان النيابة العامة تمارس وظيفتين ( وظيفة الاتهام وهو عمل ادارى محض – ووظيفة تحقيق وهو عمل من اعمال القضاء ) كما ان النيابة العامة تخضع لنظام التبعية فى بعض قراراتها , اما القاضى فلا سلطان عليه من احد فى ممارسته لاعمال القضاء , وهذا هو الفارق بين عمل اعضاء النيابة العامة وبين القضاة .

 

 

 

المطلب الثانى

 المتهم :

 

** المتهم هو الطرف الثاني في الدعوى الجنائية. وهو الشخص الذي يوجه إليه الاتهام بواسطة سلطة الاتهام.

*** ويذهب رأي فقهي إلى أنه لا يكفي ارتكاب الشخص للجريمة حتى يعتبر متهماً بل يتعين تحريك الدعوى الجنائية قبله حتى تلحقه هذه الصفة.

** ونحن من جانبنا نرى أنه يجب التفرقة بين نوعين من المتهمين:

المتهم بالمعنى الواسع : وهو المتهم في مرحلة الاتهام

المتهم بالمعنى الضيق : وهو المتهم في مرحلة التحقيق

** يؤكد صحة ما نذهب إليه ما نصت عليه المادة (123) إجراءات من أنه "عند حضور المتهم لأول مرة في التحقيق، يجب على المحقق أن يتثبت من شخصيته، ثم يحيطه علماً بالتهمة المنسوبة إليه ...." وهذا قاطع الدلالة أن الشخص قد يكتسب صفة المتهم قبل عرضه على سلطة التحقيق أي في مرحلة الاتهام بواسطة النيابة العامة.

 

 

 

المطلب الثالث

 

المدعى بالحقوق المدنية :

   من هو المدعي بالحقوق المدنية :

*** إذا تأملنا في تفسير الفقه والقضاء لنص المادة (264) إجراءات، لوجدنا أن الفقه والقضاء لا يزال لا يدرك ما المقصود بمصطلح المدعي بالحقوق المدنية، كما وردت بقانون الإجراءات الجنائية.

 تفسير الفقه للمادة (264) إجراءات:

** إذا كانت الدعوى الجنائية لم تحرك بعد ، ثم رفع المدعي المدني دعواه إلى المحكمة المدنية ، فهل يجوز له أن يحرك بنفسه الدعوى الجنائية بالطريق المباشر، وبالتالي يطرح أمام المحكمة الجنائية دعواه المدنية؟ انقسم الفقه إلى رأيين:

الرأي الأول : يرى سقوط حق المدعي المدني في الالتجاء إلى طريق الإدعاء المباشر أمام المحكمة الجنائية لأنه طالما كان هذا الطريق مفتوحاً، فإن رفع دعواه أمام المحكمة المدنية يعتبر تنازلاً منه عن هذا الطريق.

الرأي الثاني :  يرى أن أحداً لم يجادل في حق المدعي المدني في رفع دعواه المدنية أمام المحكمة الجنائية إذا ما حركت النيابة العامة الدعوى بعد سبق التجائه إلى الطريق المدني ، ولا شك أن سقوط حق المدعي المدني في الالتجاء إلى القضاء الجنائي لا يتوقف على كيفية تحريك الدعوى الجنائية أمام القضاء، وعلى ما إذا كان قد تم بواسطة النيابة العامة أو بواسطة المدعي المدني بالطريق المباشر.

موقف محكمة النقض :

**  أيدت محكمة النقض الرأي الأول ، فقضت بأن المضرور من الجريمة لا يملك بعد رفع دعواه أمام القضاء المدني أن يلجأ إلى الطريق الجنائي ، إلا إذا كانت الدعوى الجنائية قد رفعت من النيابة العامة. فإذا لم تكن حركت منها امتنع عل المدعي المدني بمقتضى هذا الحكم كل الحق الذي كان له من قبل في اختيار الطريق الذي يريده لدعواه.

رأي مخالف لرأي الفقه وقضاء محكمة النقض:

          نحن من جانبنا نرى أنه ليس صحيحاً ما ذهب إليه الفقه وقضاء النقض، ونرى أن المادة (264) إجراءات هي حالة خاصة من حالات الدعوى المدنية التبعية، لكن الخصوصية – هنا – لا تنسحب إلى الحالة التي ترفع فيها النيابة العامة الدعوى الجنائية دون حالات الإدعاء المباشر ولكنها تنسحب إلى إحدى صفات المدعي بالحقوق المدنية. وآية ذلك، أن المشرع حين عبر عن صفة المدعي بالحقوق المدنية استعمل ثلاث صيغ مختلفة وهي:

1- من يدعي حصول ضرر له من الجريمة             (المادة 27 إجراءات)

2- لمن لحقه ضرر من الجريمة                 (المادة 76 والمادة 199 مكرراً)

3- من ناله ضرر من الجريمة                           (المادة 264)

<!--وهذه المغايرة في الصيغ الثلاث لها ما يبررها، إذ تعبر كل واحدة منها عن حالة معينة من حالات الإدعاء المدني.

الحالة الأولى : خاصة بشخص المجني عليه المضرور من الجريمة أو المضرور من الجريمة طبقاً للمجرى العادي للأمور.

الحالة الثانية :  تتعلق بالمضرور من الجريمة ولكن ليس طبقاً للمجرى العادي للأمور.

الحالة الثالثة :  خاصة – فقط – بشخص المجني عليه المضرور من الجريمة.

** وسوف نسوق المثال الآتي لمزيد من الإيضاح، لو افترضنا أن شخصاً ما أعتدي عليه، فأصيب بعاهة أقعدته عن العمل، الأمر الذي أصاب زوجه وأولاده القصر الذين يعولهم بضرر مادي ولو افترضنا أن هذا الشخص كان يعول أيضاً أبناء أخيه المتوفى، فنكون – هنا – بصدد الثلاث حالات:

الحالة الأولى :  شخص المجني عليه وزوجه وأولاده القصر، ينطبق عليهم وصف "ممن يدعي حصول ضرر له من الجريمة"

الحالة الثانية  :  أولاد أخيه الذين يعولهم ينطبق عليهم وصف "لمن لحقه ضرر من الجريمة"

الحالة الثالثة  :  شخص المجني عليه ذاته ينطبق عليه وصف "من ناله ضرر من الجريمة"

          أي أن وصف "لحقه ضرر من الجريمة" هو أعم وأشمل من وصف "من يدعى حصول ضرر له من الجريمة ووصف "ناله ضرر من الجريمة" هو أخص منه، لأنه قاصر – فقط – على شخص المجني عليه المضرور من الجريمة.

          ويؤكد صحة ما نذهب إليه أن المشرع استعمل في المادة (262) إجراءات صياغة "المدعي بالحقوق المدنية" لتشمل كل حالات الإدعاء المدني ولم يخصها بحالة معينة، كما فعل في المادة (264)، وعلة ذلك واضحة إذ أن لجوء المدعي بالحقوق المدنية إلى المحاكم المدنية هو حق أصيل يمكنه مباشرته في أي وقت دون أي قيد أو شرط.

**  ولا ينال من هذا النظر القول إن المشرع، لو قصد في المادة (264) قصرها – فقط – على شخص المجني عليه المضرور من الجريمة لاستعمل لفظة "المجني عليه" بدلاً من لفظة "من ناله ضرر من الجريمة" إذ أن هذا القول مردود عليه: بأن الضرر من الجريمة هو شرط لازم لاكتساب صفة المدعي بالحق المدني، فربما اكتسب الشخص صفة المجني عليه، ومع ذلك لا يكتسب صفة المدعي بالحق المدني. فمثلاً إذا افترضنا أن شخصاً سرق منه منقول معين وبعد فترة وجيزة من الزمن تمكنت الشرطة من ضبط هذا المنقول وإعادته إلى صاحبه فإن هذا الشخص يكون قد اكتسب صفة المجني عليه، فهو الشخصي الذي وقعت عليه الجريمة ولكن ليس ثمة ضرر يذكر قد أصابه من جراء هذه الجريمة. ومن ثم فهو لا يكتسب صفة "ناله ضرر من الجريمة".

** واسمع اعتراضاً آخر يقول: إنه إذا كان الضرر ركناً من أركان المسئولية المدنية، فهذا أمر بديهي طبقاً للقواعد العامة في القانون المدني، ولما كان المشرع بحاجة إلى استعمال صياغة "ناله ضرر من الجريمة" بدلاً من لفظة "المجني عليه". وهذا الاعتراض مردود عليه أيضاً بأن ذلك تطبيق لما قرره المشرع في المادة (266) من أن الدعوى المدنية التبعية تخضع لقواعد الإجراءات الجنائية وليس لقواعد القانون المدني.

          يؤكد صحة تفسيرنا للمادة (264)، وبالتالي صحة تعريفنا لمصطلح المدعي المدني. يؤكد ذلك، أنه طبقاً لقواعد التفسير المنطقي, فإن السماح للمجني عليه المضرور من الجريمة من الانتقال من ساحة القضاء المدني إلى ساحة القضاء الجنائي فيه إيضاح للحقيقة في الدعوى الجنائية، بل في الغالب، فإن النيابة العامة أو مدع مدني آخر سوف يستعين به كشاهد إثبات ضد المتهم في الدعوى الجنائية.

خلاصة القول : إن التفسير الصحيح لنص المادة (264) إجراءات جنائية، هو أنه إذا رفع المجني عليه المضرور من الجريمة دعواه بطلب التعويض إلى المحكمة المدنية، ثم رفعت الدعوى الجنائية، سواء من النيابة العامة أو من مدع مدني آخر، فالفعل رفع – هنا – مبني للمجهول، بما يدل على تعدد الفاعل والتجهيل به، إذا حدث هذا، جاز للمجني عليه المضرور من الجريمة (ناله ضرر من الجريمة) إذا ترك دعواه أمام المحكمة المدنية أن يرفعها إلى المحكمة الجنائية مع الدعوى الجنائية، ولا يجوز ذلك للمدعي المدني الحائز لصفة "يدع حصول ضرر" أو صفة "لحقه ضرر".

          وخلاصة ما تقدم أن مصطلح المدعي بالحقوق المدنية في قانون الإجراءات الجنائية هو لفظ عام يشتمل على ثلاث حالات هي:

1-     من يدعي حصول ضرر له من الجريمة.

2-     من لحقه ضرر من الجريمة.

3-     من ناله ضرر من الجريمة.

 

المبحث الاول

 

الطبيعة القانونية للأمر بالحفظ والأمر بألا وجه:

 

*** نقسم هذا البحث إلى ثلاثة مطالب، فنتحدث في المطلب الأول عن الطبيعة القانونية للأمر بالحفظ وفي المطلب الثاني عن التأصيل القانوني للأمر بألا وجه لعدم الأهمية، وفي المطلب الثالث عن الطبيعة القانونية للأمر بألا وجه.

*************

المطلب الأول

الطبيعة  القانونية للأمر بالحفظ

أولاً  :  وضع المسألة في فرنسا :

 ** ذهب رأي في الفقه الفرنسي إلى أن الأمر بالحفظ هو عمل شبه قضائي([20])، وذهب رأي آخر إلى أنه من أعمال الإدارة القضائية البسيطة. ولكن ذهب غالبية الفقه الفرنسي إلى  أنه قرار إداريلا يحوز أي حجية ويتضمن صرف النظر عن إقامة الدعوى مؤقتاً.

ثانياً :  وضع المسألة في مصر :

** أجمع الفقه المصري، كما استقرت أحكام محكمة النقض المصرية على أن الأمر بالحفظ قرار إداري ويترتب على ذلك أن الأمر بالحفظ يصدر قبل مباشرة أي إجراء من إجراءات التحقيق في الدعوى وهو لا يكسب المتهم حقاً ، ولا يلزم النيابة العامة، بل يكون لها دائماً حق العدول عنه بلا قيد أو شرط وبدون إبداء أسباب قبل انقضاء الدعوى الجنائية ونظراً لانعدام حجية الأمر بالحفظ ، فقد أجاز القانون لأي عضو من أعضاء النيابة العامة إصداره أو إلغاؤه ، كما أن القانون لا يجيز الطعن فيه بأي طريقة ولكن يجوز التظلم منه كقرار إداري إلى مصدره أو إلى السلطة الرئاسية له .

رأينا في الموضوع :

*** إذا كان الفقه والقضاء الإداري قد قام بالتفرقة بين القرار الإداري والعمل المادي بأن القرار الإداري هو إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ذلك ممكنا وجائزاً وقانوناً، وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة.

أما العمل المادي فلا تتجه نية الإدارة بإرادتها إلى إحداث آثار قانونية وإن رتب القانون عليه آثاراً معينة، لأن مثل هذه الآثار تعتبر وليدة الإرادة  المباشرة للمشرع وليست وليدة إرادة الإدارة.

** وبناء على هذه التفرقة بين القرار الإداري والعمل الإداري، يمكننا القول بأن الأمر بالحفظ هو عمل (إجراء) إداري ذو صبغة قضائية (جنائية) وليس قراراً إدارياً.

 

***************

المطلب الثاني

الطبيعة القانونية للأمر بألا وجه لعدم الأهمية:

*** آثار التكييف القانوني للأمر بألا وجه لعدم الأهمية خلافاً في الفقه، وسوف نعرض في إيجاز للآراء المختلفة لنوضح بعد ذلك رأينا في الموضوع.

 

الرأي الأول : يرى غالبية الفقه المصري أن للنيابة  العامة أن تأمر بألا وجه لإقامة الدعوى لعدم الأهمية وسنده في ذلك أن نص المادة (209) إجراءات جنائية والذي خول النيابة  العامة الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى قد ورد مطلقاً، ولم يحدد أسباب معينة وذلك على خلاف الأمر بألا وجه الصادر عن قاضي التحقيق.

الرأي الثاني :  يرى جانب آخر من الفقه أنه لا يجوز للنيابة العامة أن تأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الأهمية وسند هذا الرأي:

   1- أن النيابة العامة تجمع بين سلطتي الاتهام والتحقيق الابتدائي أو حسب تعبير محكمة النقض "لا تزال تجمع بين طرف من السلطة القضائية وآخر من السلطة الإدارية ولذا فهي تحتاج في تصرفها إلى قسط من المرونة".

2- أن المادة (209) كانت تنص على أنه "إذا رأت النيابة بعد التحقيق أن الواقعة لا يعاقب عليها القان

المصدر: بحث بواسطة محمد ثابت محمود المحامى
mohamedlawyer

محمد ثابت المحامى Aman Law Firm

ساحة النقاش

مجموعة آمان القانونية - aman law firm-محمد ثابت محمود المحامى بالعاشر من رمضان محامون مستشارون قانونيون

mohamedlawyer
للاستشارات القانونية وأعمال المحاماة - وتأسيس الشركات - وتسجيل العلامات التجارية - وحقوق الملكية الفكرية - والتخليص الجمركى - قضايا النقد الاجنبى - وتسجيل العلامات التجارية - تسوية الديون المحلية والدولية . »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

113,311