د. نصرالدين عبدالله السني

يهتم الموقع بالدراسات التربوية والإجتماعية

أعمدة

edit

لخميس, 10 يناير 2013 07:48 أعمدة الكتاب - الصباح..رباح - سعد الدين إبراهيم إرسال إلى صديق طباعة PDF

* قطر عجيب يودي ما يجيب.. تشبيه سوداني أصبح مثلاً سائراً، كما انه عبارة قاطعة تعني قطع الأواصر بفجور.. مثلما يقولون لك(الباب يفوت جمل)أو بصورة أخرى(المشتهي الحنيطير يطير).. ولا نعرف عجيب هذا ولا قطاره، الا إنه يلوح إنه سائق قطار يذهب بالمسافرين ولا يعود بهم.. و(عجيب) إسم سوداني مذكر شائع.. وله تخريجات كثيرة، فهنالك العجب.. وعجبنا.. وعجب الدور.. لكن يظل (قطر عجيب) من الكائنات السودانية وهو الأول من(عجائب) السودان السبع.

* حسين.. من أشهر شخصيات(الدعوة عليك) فيقولون(العين بى حسين).. وشرح الكلام هو تمني إصابة عينك بأذى ومن ثم تذهب لمعالجتها عند طبيب العيون حسين. وقد سألنا عن حسين هذا فعرفنا إنه أول طبيب عيون سوداني لعله هو الذي(سودن) طب العيون.. ودعوة(العين بي حسين) تقولها لمن ينظر إليك طويلاً ،أو قل (يحدر) ليك.. وغالباً تقال من قبل النساء.. وحقيقة إننا نرى في النظرة مرات إساءة أو وجهة سالبة.. وإذا صدق أن العيون تتكلم فهذه من كلماتها.. إن النظرة تكون للذم أو توحي بإتجاهات سالبة ألا تسمعهم يقولون(المابيك في الضلمة يحدر ليك)؟ فهي هنا تعبير كامل عن العدوان.. أيضاً عندما تنظر إلى شخص نظرة يعتبرها سالبة يقول لك (عاين لي كويس). أو(أُكُلني)، وقد يكون هذا إعلاناً للحرب عليك أو بداية مشكلَة.. عموماً إن كان(حسين).. هو أول طبيب عيون سوداني.. وإن يكن قد نال هذه الشهرة الطاغية فأصبح يضرب به المثل فهو يستحق إضاءة أكثر وربما تكريماً.

-(مريسة تام زينو)، والمريسة هي مادة مسكرة شعبية.. في بعض البيئات السودانية تعتبر طعاماً.. واشتهرت (المريسة) بصفتها من الكحول الشعبية ولكنها ليست قوية التأثير إلا إذا تجرع منها الشخص كميات كبيرة.. أما (مريسة تام زينو) فيضرب بها المثل حتى في بعض المأكولات الحلال.. فإن أرادت إمرأة مدح عجين إحداهن لجودته وحسن صناعته قالت(عجينك زي مريسة تام زينو). ولعل المثل قد اختفى الآن نسبة لإنصراف الناس عن المريسة ولنشاط آليات الضبط في مواجهتها.. لكن في صورة أخرى يضرب هذا المثل في البوار, فحين تبور البضاعة ولا تجد من يشتريها يقولون للبائع(لحقت مريسة تام زينو).. إذن فمن عجائب السودان السبع هذه المرأة ومريستها إذ يضرب بها المثل سلباً وإيجاباً وهذا من العجائب.

*(كلب السُّرة).. ونحن لا نعرف السُّرة ولا كلبها.. لكن بما أن كلبها (تربية نسوان) فقد لا يكون شرساً.. وقد يكون مستأنساً.. حتى «هوهوته» ما زي هوهوة الكلاب. ونحن لا نعرف عنه الكثير الرجاء من العارف أن يمدنا بمعلومات عنه.

*(البعاتي)..البعاتي كائن اسطوري سوداني، تسلل من الأحاجي إلى الواقع، فأصبح يشبه به الشخص القبيح ذلك الـ(شناتومرّة). وهو في الأحاجي كائن عجيب هو صنو الغول والعنقاء.. ومما يشاع عنه أن لديه عيناً واحدة كبرى, والعجيب فيها إنها حين تكون مفتوحة يكون البعاتي نائماً.. وحين تكون مغمضة فهو يرى، لذلك لابد أن يعرف البطل هذه الخاصية عند (البعاتى). ورغم إن البعاتي كائن اسطوري شرير فإن أبطال الأحاجي يهزمونه شر هزيمة.. كذلك يعتقد أن البعاتي هو شخص مات( وقام بعاتى).. إذن شكله لا يكون اسطورياً بل يتخذ شكلاً أدمياً مات قبل سنوات.

* (العويرة) مؤنث العوير، والعوير هو العبيط عموماً.. ويقال(البكرعوير).. وهنالك شجر له زهرة بنفسجية يسمونه العوير، ولا أدري لماذا وهو نبتة لا تحتاج إلى طول عناء حتى تكبر وتشمخ.. والعويرة رغم إنها ذم.. أو عبارة غير مستحبة.. لكن أصبحت في زمن من الأزمان تطلق للمدح.. فقد قال(العبادي) يصف صورة حسناء:

السوداني يحب الونسه جداً .. وقد يضحي بموعد مهم أو بانجاز عمل ضروري حين تكون الونسة حلوه.. والبعض يقول ماشي أخد لي عشرة ونسه.. تشبيهاً لها بالتسلية في لعبة (الكوشتينه) وكثيراً ما تعطل الونسة الناس عن مشاويرهم .. ومع ظهور الحاسوب والنت ومواقع الدردشة لم تختف الونسة إنما أصبحت عبر الكمبيوتر .. فقط بدل أن تقال الونسة تكتب.. واستخدام الموبايل عندنا أضفنا إليه وظيفة (الونسة) وهذا ما يجعل فواتير هواتفنا عالية. وأصبح السوداني ينفق على (الاسكراتشات) مثلما ينفق على الرغيف..

ومن طريف ما قال لي الكاتب والناقد الخالد الذكر(محمود محمد مدني) إن عبقرينا الطيب صالح لم يكتب سوى هذا العدد القليل نسبياً من الروايات وكان يمكنه أن يكتب أكثر لولا إنه من محبي وعشاق الونسة وقد أكد لي الملاحظه مجددًا الاستاذ محمد محمد خير.. ويبدو إنها ظاهرة عربية فهم مثلنا يحبون الونسة والأخوة في مصر يسمونها (طق الحنك) ولوردة الجزائريه أغنية تمجد فيها الونسة إذ تصف المحبوب بأنها بتتونس بيهو .. في أغنيتها الشهيرة بتونس بيك..والشاعر عبدالرحمن الأبنودي يقول في واحدة من قصائده..( ننام زي الجثث.. ننام من غير ونس)

لذلك اشتهرت عندنا برامج(الونسة) وهي من أنجح البرامج في قنواتنا الفضائية والإذاعية بعد البرامج الغنائية .. وأمس وأنا أتجول بين الإذاعات توقفت عند إذاعة ساهرون وكان المذيع الجميل زهير بانقا يستضيف في برنامج ونسه حلوه الدكتور(فتح العليم) وكان ظريفاً وضمن ما حكاه وأضحكني جداً عن ذكرياته حين كان طالباً في جامعة الخرطوم وبصفته اقليمياً كان مقيماً في الداخلية وكان أن اشترى أحد زملائه منبهاً .. والمنبه من أدوات إيقاظ الناس قديماً الآن يقوم بالمهمة الموبايل.. ولكن زميله عندما أوشك أن ينام.. وضع المنبه في سرير دكتور (فتح العليم).. والصباح رن المنبه فصحا من النوم مستغرباً..من وجود المنبه(جنب راسو) وما كان منه إلا أن أيقظ زميله وسأله عن وجود المنبه فقال له: أيوه المنبه حقي اشتريتو أمبارح فسأله دكتور(فتح العليم) طيب خاتيهو لي في سريري مالك؟ فقال له: لأن سمعي تقيل فإن رن لا أسمعه فأنا وضعته بجانبك حتى تستيقظ ومن ثم تصحيني وهذا فعلاً ما حدث.. ذكرني ذلك بطرفة الأم التي وصل ابنها سن الدخول الى المدرسة ولما كان ابنها مدللاً وهي تحبه جداً.. أوصت المعلم قائلة: ولدى ده خواف ..فلما يعمل غلط إنت ما تدقو دُق الولد القاعد جنبو ,,هو بخاف وتاني ما بعمل كده.. وحركة زميل دكتور (فتح العليم) انتهازية واعية في اعتقادي.. فقد أصبح زميله مستطيعاً بغيره..

وبرامج الونسة تعتمد في نجاحها على الضيف.. فإذا كان وناساً وحصيلته من المواقف والذكريات ثره نجحت الحلقة..وإذا كان العكس أصبحت الونسة مملة وهنا ما عليك إلا إدارة مؤشر المذياع إلى محطة أخرى.. وقد درجنا على تنويع الونسة وتسميتها حسب الحالة فهنالك(ونسه دُقاقه) وهي ونسة خاصه وتكون بين المحبين خاصة.. وفي الجامعة كان زميلنا(علي مدني) يسمى ونسة العاشقين (التسميع ) فالهمس والقرب بين المحبين يجعلهما يبدوان كمن يسمع أحدهما للآخر قصيدة أو جدول الضرب أو الآيات على حسب ما درجنا على تسميعه أيام كنا طلبة.. وقد استعملت العبارة في قصيدة شارع الذكرى إذ قلت:

nasr1234567

نصرالسني

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 115 مشاهدة
نشرت فى 18 يناير 2013 بواسطة nasr1234567

أفضي ظروفي واتفرغ ..

الأربعاء, 16 يناير 2013 07:39 أعمدة الكتاب - الصباح..رباح - سعد الدين إبراهيم

لو هربت إلى الأغاني السودانية في أي حالة من حالات النفس الإنسانية المتقلبة.. من فرح إلى كره ومن سرور إلى حزن ومن إحباط إلى انبساط.. ومن يأس إلى سعادة.. فستجد مساحة تتنفس فيها الصعداء على كل حال.. فستجد جرعة من الإصرار وتنزع إلى المقاومة والتحدي حين يصدح وردي لو بالصد أبيتيني.. لو بالنار صليتيني.. أنا لا ما بنساك.

وتكون أكثر صفاءً.. وتحب التسامح حين يصدح «أبو عفان» دايماً أطيب خاطرك الغالي وأسامحك لو نسيت.

وتطرب لهذه الخبرة الكبيرة من كائنات صغيرة «ابني عشك يا قماري قشة قشة».. وتكاد تطير وأنت ترى حيرة العاشق في «من بُف نفسك يا القطار» حين يطلب من هذا الكائن الحديدي بانكسار «إنت شلتو جيبو يا قطار».

وتوقفك الدهشة وأنت تستمع إلى إبراهيم إدريس «بغازل نفسو يا ناس في المرايا».

ويكتنفك المرح المطرب واللحو يقرر في إصرار: أنا ما سرقت أنا جيت أعاين.. ذات الطرب الممراح يفجره خلف الله حمد حين يبرطم.. أعاين فيهو وأضحك وأمشي وأجيهو راجع.

تنطلق إلى منطقة حياد مطلق.. حين يقرر عبد الحميد يوسف: غضبك جميل زي بسمتك.. أو تضج جوانحك بالحركة حين يغرد كابلي: حسنك فاح مشاعر وعم الطيب فريقنا.. يوم ظنوك أزاهر مرت بي طريقنا.

وتنتشي للتقريرية القحة حين يشدد الطيب عبد الله: بس تأكد يا حبيبي إنو حبك في دمايا.

وتذوب وجداً مع الشاعرة المجهولة في أغنية البنات القديمة.. برانا بنعشق مستوانا عشان بمشي وبجينا.. الناس تهموه بينا.. أو هذا السيناريو الأخاذ: كان داير تغيظن.. أقيف واضرب البوري. أو تبتهج طرباً مع هذا القسم اللذيذ: فبحق من جعل القلوب شوقاً وتحناناً تذوب.. أو في قسم حلو: قسم بى محيك البدرى.. أو قسم لطيف: وحاة عينيك ما تزعل.. أو وحياة ابتسامتك.. فتعز الابتسامة.

نتجول في حديقة الأغنية السودانية فتسمع الهتافات العاطفية مثل:

قطر الحبيب وين .. قالوا لي سافر

القطر القطر .. نويت السفر

قطارك قام خلة القليب مليان آلام ليه يا قمر..القطار تدشدش يا الشلت محبوبي.

تتجول أكثر فتصادفك مهرجانات الشجن والرومانسية الشفيفة.

بيني وبينك يوم.. للعتاب واللوم.. أو بيني وبينك والأيام.. أما فكرة الشجن.. فتجدها في.. ولا الحزن القديم إنتي.. أو حتى في جرح محجوب سراج الأبيض.. أو في التساؤل المرير: مين قساك مين قسى قلبك.. أو في التساؤل النبيل: مالك مجافي الناس عايش براك في غربة.

تتجول فتأثرك البساطة: أحب يا دنيا واتحدى الهموم.. و .. في حب يا خوانا أكتر من كدة.. أو: كدة أسأل قلبك عن حالي أسألو.

نتجول في شارع الحب يا أحلى طريق.. أنا داير أمشيك ومعاي صديق.. وترى مظاهرة العشاق يقودها الهتاف: أحبك أحبك أنا مجنونك.

وأن أردت أن تشبع الحس فتجد صورة معتقة ضامر قوامك لان.. أو صورة طازجة كل الطيوب الحلوة يا مولاتي والجيد الرقيق.. أن أردت الحس المجابه الحاد القاطع فتجد الناحر فؤادي موّلع جوفي حر.. أضرم نار وجدي نسام السحر.

وأن أردت أن تشف في فضاءات الحب الشفيف: كنت ببكي على ليالي راحوا من عمري ومضوا.. جيتني إنت ودربى نوّر يوم على عينيك رضوا.. الدموع الجارية جفت.. ونسمة من الجنة هفت.. والليالي اتعوضوا.. وإن أردت أن تتمرغ على عشب الرضا يا هدية من الله.. الله بيدي الجنة.

وإن أردت أن تتعرف على أهمية الآخر.. دفء أنفاسه.. لمسات حنانه وتكب الجرسة الذليلة: ناس قراب منك.. عرفوا سر حزني.. أسألم عنك قالوا ما سمعوك تسألم عني.. وبذات صوت الثنائي المتماسك.. تتفرع.. يا نهر الريد الصافي.. ما تبقى ضنين ومجافي.. رسل من موجك حبة يغمرني بكل محبة.

وكان تعب منك جناح.. وأنت تتجول في حديقة الأغنية السودانية فضل الدليب أريح سكن.. وحين يتمكن منك ترف الحب تهتف أفضي ظروفي واتفرغ أبادر بكرة في وعدي.

nasr1234567

نصرالسني

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 140 مشاهدة
نشرت فى 16 يناير 2013 بواسطة nasr1234567

نصر السني

nasr1234567
نصر السني مهتم وباحث في الدراسات التربوية والإجتماعية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

31,213