قسم : الادب العربي .

edit
ليس من مشاغلنا هنا التحقق من مصطلحي التعبير اللذين سنوظفهما للدلالة على المسألة الشائكة من مشاكل ممارسة النص الحديثة.‏ المصطلح:‏ استعملنا المصطلحين: القراءة- النص مقابل المصطلحين الفرنسيين: Lecture- texte بحيث راعينا الحرفية في ترجمتهما، وأثر الحرفية فيهما متدرج نحو الاندثار كما يقول محمد الهادي الطرابلسي(1) بما أن المسألة تتجه في مجال النقد العربي الحديث نحو المسلك الذي اتخذته في مجال النقد الغربي، غير أن الالتباس ما زال قائماً في أذهان بعض النقاد العرب حول مسألة الكتابة- القراءة- النص، هذا شأن المصطلح، فما شأن المفهوم؟‏ المفهوم:‏ إذا نظرنا إلى ما قيل في مجال القراءة والقصد ودور القارئ بالنسبة للنص الأدبي في الثقافة العربية القديمة، وجدنا لدى عبد القاهر الجرجاني م.471هـ) أفكاراً جديرة بالاهتمام والتأمل، وخاصة في كتابه "دلائل الإعجاز" غير أنها لا تعكس تطابقاً مع النظريات الحديثة والمعاصرة، وخاصة جمالية التلقي.(2) ولكنها تمثل الفهم العربي لنوعية العلاقة بين القارئ والنصوص الأدبية الإبداعية والدينية على الخصوص، وليس ذلك مدعاة للانتقاص من قيمة الرجل، ذلك أن السياق التاريخي كان يقتضي الحرص على عدم تجاوز الحدود في التأويل والحفاظ على ثبات المعنى لتكريس فكرة الإعجاز القرآني، وإن شمل تطبيق هذه الفكرة/ التصور كل تأمل في الظاهرة الأدبية.(3)‏ يؤكد الجرجاني في "دلائل الإعجاز" على حضور سلطة المتكلم وقصديته، لأنه هو الذي يحدد معاني كلامه سلفاً، ويترتب عند ذلك أن المتلقي ليس له دور في إضفاء المعنى، ويبقى عليه أن يبحث عنها من خلال اللفظ ذاته، "فحتى وجود التخيل في الشعر، لم يكن ليمنع الجرجاني من الاحتفاظ الدائم بحضور المقصدية في الكلام الابتدائي، فالتشبيه والاستعارة كلها تستدعي تأويلاً لا يقود إلى ابتكار المعاني الخاصة بالقارئ بل إلى استخراج المعاني التي وضعها المتكلم وراء ألفاظه" على حد تعبير حميد لحمداني.(4) وهكذا يتبين أن الجرجاني يعطي للمتكلم سلطة أكثر من القارئ لأنه مصدر الحقيقة، وهذا ينسجم مع النظرية الإعجازية التي كان من الضروري تطبيقها على القرآن الكريم.(5)‏ ولعل الاختلاف الحاصل بين النظرية العربية وجمالية التلقي المعاصرة يكمن أساساً في اعتماد الأخيرة على النصوص الأدبية البشرية فالأدباء باعتبارهم متكلمين لا يمكن أن يعتبر كلامهم تعبيراً عن حقائق مطلقة)، ولذلك تم التمييز بين ما يسمى قصدية الفعل، وما يسمى قصدية التبليغ كما يقول إيزر.(6) حيث تتدخل عوامل عديدة في سيرورة الإبلاغ منها الشرط الزماني والمكاني، ومنها مؤهلات المتلقي وطبيعة تكوينه وقدراته العلمية والأدبية، بالإضافة إلى "أن الكتابة الإبداعية لا تعني أن لنا دوماً أفكاراً واضحة ومحددة قبل ممارسة الكتابة، فتجربة الكتابة الإبداعية عند معظم منظري جمالية التلقي هي مغامرة بحث واكتشاف أو بحث عن الذات، ولذلك فليس من الضروري أن تكون عملية التبليغ مرهونة بمعرفة المرسل مرادها بدقة."(7)‏ وهكذا فالقراءة المضمونية "التيماتية" أو الموضوعاتية تجاوزت واستوعبت واختزنت القراءة السابقة، وهي القراءة البيبوغرافية والذاتية، كما أن القراءة الماركسية أو الأيديولوجية دمجت القراءة المضمونية كبعد من أبعادها، على الرغم من اعتبارها الأشكال الفنية ظواهر اجتماعية وطبقية، وقد استوعبت القراءة البنيوية القراءتين معاً، بينما تحاول القراءة السيميائية تكوين تحليل كلي للشعر أو أدبية الأدب، بمنظور منهجي وإجرائي متبلور نتيجة تطور العلوم اللغوية والإنسانية وتحليل الخطاب.(8) فالقراءة بوصفها عملية فكّ وتكوين موضوع وفهمه، يتطلب مراقبة الغامضة والملتبسة بين الفاعل والموضوع الذي يريد بناءه وتفهمه.‏ وإذا كانت القراءة كمصطلح نقدي وإجرائي مفتاحاً للغة الفكرية والمفهومية والمعرفية الحالية فإن العلاقة التحليلية بين القارئ والمقروء تتعقد وتتداخل إحالاتها ومرجعياتها. وتعني عملية القراءة ها هنا: فك شيفرة المكتوب أو المنسوخ أو المقروء اللغوية والجمالية والفكرية بوصفها مساراً تناصياً واجتماعياً يجمع داخله سياقات إنتاج خارجية أدبية ثقافية وأيديولوجية في ترابطها وتأثيراتها في ظروف التلقي والقراءة بحيث يتواشج النص باعتباره موضوع القراءة ويتفاعل ويتناص مع نصوص القراءة القبلية كبنيات خطابية ولغوية وجمالية.(9)‏ فلا شك أن قراءتي الآن لامرئ القيس تخفي قراءات متعددة ومتغيرة للشعر الجاهلي، تتمثلها وتستوعبها، وتعمل بها وبأنساقها في المجالات القاموسية والمرجعية والدلالية.‏ وضع المشكل:‏ كيف يمكن للباحث في تاريخ الأدب العربي عامة أن يتعامل مع الإجراء النظري لنظرية القراءة وما ينتج عنه من ممارسات واستنتاجات عرفت تطوراً في مسالك الآداب الأوربية؟‏ إن البحث بأدوات منهجية وتصورات نظرية خارجة عن صيرورة تاريخ معرفتنا العربية يتطلب إدراكاً عميقاً للبعد الإبستيمولوجي والسياق المعرفي للعملية التي تهدف إلى استحضارها وإدخالها في أنساق معرفتنا الأدبية والنقدية بحيث يتم استيعابها وتمثلها بشكل يغني عالمنا النظري والمنهجي في فعلنا الأدبي.(10)‏ كان اهتمام الدراسات النقدية منصباً على مفهوم المؤلف زمناً طويلاً، وكان ينظر إليه باعتباره مركز العملية الإبداعية والنقدية، وتحول إلى موجه للقراءة والفهم، ولذلك ركزت الدراسات النقدية الكلاسيكية اهتمامها على المؤلف، وهكذا التقت المناهج التاريخية والنفسية والاجتماعية والثقافية والدراسات البيوغرافية حتى ترسخ ما يطلق عليه "سلطة المؤلف".‏ لقد سعى أكثر من ناقد وفيلسوف في القرن العشرين- الذي يعتبر عصر تعدد المناهج- إلى التأكيد على عدم حصر أنفسهم في منهج بعينه، بل هناك من يرفض استعمال مصطلح "منهج" في وصف طريقة تحليله للنصوص مفضلاً استعمال مصطلح التجربة الذي يضفي على الممارسة التحليلية قيم التنوع والخصوصية والاختلاف.(11) ويكفي أن نذكر هنا غاستون بلاشير وإدغار موران، جاك دريدا، عبد الفتاح كيلوطو، أمبرتو إيكو؛ كلهم أجمعوا أنه يصعب إيجاد تصور ثابت للمنهج فيما يخص الأدب.(12)‏ كما تؤكد نظرية التأويل والهرمينويطقا الأدبية استحالة وجود منهجية حقيقة، ومن ثم فهي لا تقترح وصفات جاهزة وقابلة للتطبيق بشكل آلي، بل ترى أن القراءة فن يتوقف على موهبة وتجربة وثقافة الفرد المحلل.(13) وهو الإجراء الذي يؤكد عليه "أمبرتو إيكو"(14) حيث يهتم بالدرجة الأولى بالصيرورة الدلالية للنص، يعلم القارئ كيف يخاطب النص، وكيف يمتزج به لينزع عنه كسله، ويبدأ في إنتاج الدلالات المتوازية.(15)‏ يندرج نموذج إيكو التحليلي ضمن ما اصطلح عليه "بجمالية التلقي"، ولذلك اهتم في أبحاثه بالأثر المفتوح L'aeuvre ouverte) حيث أخذ القارئ المكان الذي كانت تخصصه البنيوية للنص، وأصبح الشعار لدى هذه المدرسة: "القارئ كل القارئ ولا شيء غير القارئ، بدل النص غير النص.(16)‏ وانطلاقاً من هذا المكون الذي أغفله المنهج البنيوي بصيغته الأولى، بالإضافة إلى فكرة النص باعتباره "آلة كسولة"‏ Machine paresseuse) اللذين يمثلان قاعدتي نموذج إيكو، يتجلى النشاط التأويلي الذي يتطلبه النص. والمغامرة التأويلية التي يمثلها بالنسبة له كل نشاط قرائي. فالنص حسب هذا الرأي "آلة كسولة، لأنه في عمقه معطى غير تام، معطى ينقصه الكثير، لتضمنه بياضات، ولاحتوائه على مناطق غير محددة، تنتظر القارئ المناسب لملئها وتوجيهها وجهة تأويلية. فالنص كما يقول إيكو: "يريد أن يترك للقارئ المبادرة التأويلية، فهو في حاجة إلى مساعدة قارئ ما لكي يعمل."(17)‏ أما القارئ الذي يتحدث عنه إيكو، فهو القارئ النموذجي Lecteur model) يتوقعه المؤلف، يقدم نفسه باعتباره جزءاً في بناء النص، فهو إذن استراتيجية مبثوثة داخل النص، وليس بالقارئ التجريبي.(18)‏ فالقراءة الخلاقة تتجاوز المنصوص عليه، والمنطوق به، هكذا قرأ ابن عربي النص المقدس وتعامل معه، وهكذا قرأ أيضاً ميشال فوكو ديكارت فكشف الوجه الآخر للعقل الديكارتي، كما يقول علي حرب.(19) فشرط القراءة وعلة وجودها أن تختلف عن النص الذي تقرأه، وأن تكشف فيه ما لا يكشفه بذات أو لم ينكشف فيه من قبل. وأما القراءة التي تقول ما يريد المؤلف قوله، فلا مبرر لها أصلاً، لأن الأصل أولى منها، ويغني عنها.(20) ويميز علي حرب بين أنواع للقراءة؛ فثمة قراءة تلغي النص، تقابلها قراءة تلغي نفسها هي أشبه باللاقراءة، القراءة الميتة، أما القراءة الحية، فهي فاعلة منتجة، في الاختلاف عن النص وبه أو له، على حد تعبيره.(21)‏ ويرى علي حرب أن هناك نصوصاً لا تتيح إمكان القراءة "كالنصوص ذات البعد الواحد، أحادية المعنى، امبريالية التصور، فوحده الخطاب الملتبس المراوغ، المتشابك الدلالات، المتعدد المستويات هو الذي يتيح القراءة الحية الكاشفة، ويستدعي أكثر من قراءة".(22)‏ مدرسة كوستانس وأثرها في ترجمة أهمية القارئ:‏ تعد مدرسة "Constance" من أهم المدارس التي أبرزت أهمية القارئ في عملية الاتصال وتأويل النص، ذلك أن جمالية التلقي التي ظهرت على يدي باحثين أمثال "جوس Jauss وإيزر Isere استفادت من أفكار وأطروحات "الحلقة اللسانية لبرغ"، وأفكار المدرسة الشكلانية التي كان يرى أصحابها أن النص يتجاوز رؤيته كوحدة فكرية وأيديولوجية، فهو غير قابل للاقتصار والاختزال، ولا يمكن مطابقته أو مماهاته مع تفسيراته وتأويلاته التي تعود إلى نقاده وقرائه، ولذلك يعتبر أتباع هذه المدرسة "كوستانس" المؤلف الأدبي ظاهرة سيميائية تشمل:‏ أ-علاقة مادية ولغوية متعددة المعنى، إيحائية تتجاوز واحدية الدلالة إلى تعدديتها.‏ ب-موضوعاً جمالياً؛ يمثل مسار وإنتاج قراءات وتأويلات وتفسيرات هذه العلاقة المادية واللغوية من طرق وعي جمعي لآراء مجموعة اجتماعية محددة.‏ فالقراءة فعل جمالي، وليست مجموعة من القراءات الفردية المنعزلة، وهي حصيلة أو ملتقى تأويلات وعائي ودلالات تندرج في نسق قيمي ومعياري وتصوري لجماعات اجتماعية معينة، تجمعهم علاقات تلقي أدبي وثقافي مشروطة بظروف تاريخية معطاة، تجيب عن انتظارات جمهور قارئ أو جماعات في مرحلة تاريخية معينة.(23)‏ وتأسيساً على ما قدمنا يبدو أن كل جماعة فكرية تنتج:‏ 1-موضوعها الجمالي، ورؤيتها التأويلية والتفسيرية للنص الأدبي.‏ 2-تربط تفسيراتها وتأويلها للنص بمصالحها الرمزية والمادية.‏ 3-تفرز قراءة وتصورات نقدية وإيديولوجية لنصوص أدبية مغايرة ومختلفة.‏ وهي الخلاصة التي انتهت إليها أيضاً "جون ماري جولومو" Jean Marie Goulemot) في مقالها الموسوم: القراءة كمنتج للمعنى De la lecture comme production de sens).(24)‏ القارئ- أفق الانتظار:‏ يتحدد أفق الانتظار لدى قارئ معين بأربعة عوامل:‏ 1-معرفة سابقة لكتابة أو أسلوب كاتب معين.‏ 2-تجربة مع جنس أدبي ما رواية- شعر- مسرحية)‏ 3-ثقافة أدبية وجمالية عامة، أو خبرة قرائية واستهلاكية ثقافية معينة.‏ 4-حياة نفسية واجتماعية محكومة بعادات وطقوس واستجابات.(25)‏ ويتحدث "جوس" عن المسافة أو التفاوت بين كتابة وأسلوب مؤلف معين وأفق انتظار القارئ، وذلك ما يكون في رأيه مسافة جمالية تبرز من خلالها ردود فعل القارئ تجاه النص، وهي لا تخرج عن ثلاث استجابات ممكنة:‏ 1-الرضا: وهي حالة تطابق الكتابة والموضوع انتظار القارئ، مما يتيح تماهي القارئ مع موضوع القراءة ويحقق انسجاماً ورضا جمالياً.‏ 2-الخيبة: وتتجسد في لا تطابق الكتابة شكلاً ومضموناً) مع ما كان ينتظره القارئ.(26)‏ 3-التغيير: وهي الحالة التي يستطيع فيها الكاتب تغيير أفق انتظار القارئ وتحويله من قيمة جمالية إلى أخرى، كما حدث ذلك في التجارب الروائية الجديدة التي غيرت من تقنيات الكتابة، سعياً وراء ترقية القارئ وتطوير ذوقه.‏ ‏ ‏ ومن هذا المنطلق تعتبر القراءة مفهوماً يسهل الانتقال من النص- موضوع الدرس- عند البنيويين والسيميائيين، وظروف إنتاجه في الدراسات السياقية) إلى الاهتمام بالقارئ كطرف في إضفاء المشروعية على النص.(27) ، فالقارئ لا يواجه النص معزولاً ووحيداً، بل يواجهه من خلال الأنظمة النصية المترسبة في لا وعيه ومن خلال ذكرياته القرائية.(28)‏ الجزائر-وهران-‏ (1) محمد الهادي الطرابلسي، الشعر بين الكتابة والقراءة، أعمال الندوة المنعقدة، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، تونس، 1988، ص25.‏ (2) حميد لحمداني، المقصدية ودور المتلقي عند عبد القاهر الجرجاني، في: قضايا المصطلح في الآداب والعلوم الإنسانية، الجزء الأول فاس، 2000، ص147.‏ (3) المرجع السابق، ص147.‏ (4) المرجع السابق، ص148.‏ (5) المرجع السابق، ص153.‏ (6) المقصدية ودور المتلقي عند عبد القاهر الجرجاني، ص154.‏ (7) محمد لحمداني، الواقعي والخيال في الشعر العربي القديم، مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء، 1997، ص10.‏ (8) عمار بلحسن، قراءة القراءة، مدخل سوسيولوجي، مخبر سوسيولوجية التعبير الفني، دفتر رقم 3، الجزء الأول، جامعة وهران، 1992، ص22.‏ (9) المرجع السابق، ص22.‏ (10) أحمد بوحسن، نظرية التلقي والنقد الأدبي العربي الحديث في نظرية التلقي، إشكالات وتطبيق، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، 1993، ص12.‏ (11) رشيد الإدريسي، سيمياء التأويل قراءة في مقامات الحريري، دراسات مغاربية، مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود، للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية، عدد 5-6، 1997، ص26.‏ (12) المرجع السابق، ص26-27.‏ (13) المرجع السابق، ص28.‏ (14) أمبرتو إيكو، القارئ في الحكاية التعاضد التأويلي في النصوص الحكائية، ترجمة: أنطوان أبو زيد، المركز الثقافي العربي، 1996، ص28.‏ (15) أمبرتو إيكو، القارئ في الحكاية...، مرجع سابق، ص28-29.‏ (16) سيمياء التأويل، مرجع سابق، ص30.‏ (17) القارئ في الحكاية، ص30.‏ (18) المرجع السابق، ص30. إذا كان مؤكداً أن النص الأدبي آلة كسولة كما يرى إيكو، وأنه نتيجة لذلك يترك لقارئه مكاناً، فإننا بإزاء قارئ نموذجي لا وجود له، ولا يمكننا الإمساك به إلا بالمرور عبر القارئ التجريبي، ولعل هذا ما دفع الناقد آلان ماك إلى التساؤل عن إمكانية وجود قارئ نموذجي كما تصور إيكو.‏ (19) علي حرب، نقد النص، المركز الثقافي العربي، ط2، بيروت- الدار البيضاء، 1995، ص21.‏ (20) المرجع السابق، ص20.‏ (21) المرجع السابق، ص20.‏ (22) علي حرب، نقد النص، ص20.‏ (23) عمار بلحسن، قراءة القراءة، مدخل سوسيولوجي، ص7.‏ (24) Jean Marie Goulemot, De la lecture comme production de sens, In. Pratique de la lecture sous la direction de Roger Chartier, Editions Rivages, Paris, 1985, P.116-123.‏ (25) عمار بلحسن، قراءة القراءة، 10.‏ (26) ويمثل عمار بلحسن لهذه القراءة برفض قسم كبير من القراء الجزائريين لروايات رشيد بوجدرة، وغيره من الروائيين الحداثيين بسبب اللغة الثرية والقاموسية وكثافة الشغب الأسلوبي والسردي والأيديولوجي، الذي يوجد في النص تجاه قيم اللغة الشفافة، والأسلوب الواضح والواقعي، وتجاه قيم مضمونية وأيديولوجية كالدين والجنس... الخ. [انظر: قراءة القراءة، مدخل سوسيولوجي، ص11].‏ (27) حسن خمري، نظريات القراءة وتلقي النص الأدبي، مجلة العلوم الإنسانية، عدد: 12/1999، ص174.‏ (28) جان ستار وبسكي، نحو جمالية للتلقي، ترجمة: محمد العمري، دراسات سال، عدد: 6/1992، فاس، ص18‏
abdoucom

الكاتب الاجتماعي والاديب والشاعر : نزار عبد الرزاق .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 869 مشاهدة
نشرت فى 16 سبتمبر 2014 بواسطة abdoucom

أ_ مفهوم الأدب المقارن : يُعدُّ مصطلح «الأدب المقارن» comparative literature مصطلحاً إشكاليًا لأنه ضعيف الدلالة على المقصود منه. وقد نقده كثير من الباحثين ولكنهم في النهاية آثروا الاستمرار في استعماله نظراً لشيوعه. فمثلاً عدّه پول فان تييغم Paul Van Tieghem مصطلحاً غير دقيق, واقترح مصطلحات أخرى أقرب دلالة إِلى موضوعه مثل: «تاريخ الأدب المقارن», و «التاريخ الأدبي المقارن», و «تاريخ المقارنة». واقترح ماريوس فرانسوا گويار M.F.Guyard مصطلحاً بديلاً هو «تاريخ العلاقات الأدبية الدولية». و كلمة «تاريخ» هي المضافة في مختلف الاقتراحات البديلة, ذلك أن الأدب المقارن هو في الأصل تاريخ للعلاقات المتبادلة بين الآداب وللصلات والمشابهات المتجاوزة للحدود اللغوية والجغرافية, وفيما بعد أضيفت الحدود المعرفية. ب_ نشاة الأدب المقارن: تعود نشأة الأدب المقارن إِلى العقد الثالث من القرن التاسع عشر, وربما إِلى سنة 1827 حين بدأ الفرنسي أبل ڤييمان Abel Villemain يلقي محاضرات في بباريس حول علاقات الأدب الفرنسي بالآداب الأوربية الأخرى. وقد استعمل فيها مصطلح «الأدب المقارن» وإِليه يعود الفضل في وضع الأسس الأولى لمنطقه ومنطقته, في وقت بدأ يشهد تصاعد اهتمام العلوم الإِنسانية في أوربة بالبعد المقارني في المعرفة, إِذ نشأ «القانون المقارن» و«فقه اللغة المقارن» و«علم الاجتماع المقارن» وغيرها. وتعدُّ فرنسا المهد الأول للأدب المقارن, إِذ استمرت تطوراته بعد فييمان, وكان لذلك عوامل لغوية وسياسية واجتماعية وثقافية متداخلة أدّت إِلى أن يكون الفرنسيون أول من تنبّه إِلى قيمة التراث المشترك بينهم وبين المناطق الأوربية الأخرى, مما خلق الأساس الأول للتفكير المقارن. و كان التطور في البدء بطيئاً, فبعد فييمان ظهر جان جاك أمبير Ampére وألقى في مرسيلية سنة 1830 محاضرات في الأدب المقارن لفتت إِليه الأنظار وأتاحت له أن ينتقل بعد ذلك بسنتين إِلى باريس ليلقي محاضرات حول علاقات الأدب الفرنسي بالآداب الأجنبية. وفي سنة 1835 ظهرت مقالات فيلاريت شال Chales على صفحات مجلة باريس مؤكدة العلاقات المتينة بين الآداب الأوربية. وفي نهاية القرن التاسع عشر أخذت تتلاحق التطورات وظهر جوسف تكست Texte في ليون (1896) وحاضر في الأدب الأوربي, وتبعه على منبر ليون فرنان بالدنسپرجيه F.Baldensperger الذي ألف كتابه «غوتة في فرنسا» سنة 1904, ثم سُمي أستاذاً في السوربون حينما أحدث فيها كرسي للأدب المقارن سنة 1910 وظهرت بعد ذلك مجلات وفهارس, وعَرَف الأدب المقارن طريقه إِلى التطور النسقي منذ مطلع القرن العشرين. وإِلى جانب فرنسة سجلت بعض البلدان الأوربية إِسهاماً نسبياً في نشأة الأدب المقارن, وكانت إِسهاماتها تتزايد مع تزايد نزعة «العالمية» في المعرفة ومع تزايد قوة الاتصالات والمواصلات في العالم. وقد ظهر أول كتاب في بريطانيا عن الأدب في أوربة بين عامي 1837-1839, لهنري هالام H.Hallam, غير أن التطورات بعده كانت شديدة البطء. وفي ألمانيا تأخر ظهور الأدب المقارن حتى ثمانينات القرن التاسع عشر, واشتُهر من مؤسيسه ك. مورهوف K.D.Morhof وشميدت Schmidt ، كاريير M.Carriére, ولم يدخل الأدب المقارن نطاق الدراسة المنظمة إِلا بعد سنة 1887 بفضل ماكس كوخ Max Koch الذي أصدر مجلة «الأدب المقارن». ولكن دخول الأدب المقارن إِلى مناهج الجامعة لقي معارضة شديدة وتأخر حتى مطلع القرن العشرين. وتعرقل ظهور الأدب المقارن في إِيطاليا بسبب حدة النزعة القومية. وفي عام 1861 تم فتح شعبة الأدب المقارن في جامعة نابولي. ولكن ب. كروتشه B.Croce تصدى للأدب المقارن وشنّ على أنصاره حملة قوية وحاول تسفيه منطقه. وإِذا كانت نهاية القرن التاسع عشر قد شهدت تطور الأبحاث التطبيقية في الأدب المقارن وبدء الاعتراف به في الجامعات فإِن بداية القرن العشرين شهدت تأسيس الوعي النظري لمنهج الأدب المقارن. وقد تابعت فرنسا تطورها الَسبّاق فنشأت فيها كراسٍ جديدة للأدب المقارن في الجامعات. ومنذ سنة 1911 أخذ فان تيغم ينشر مقالات نظرية في المنهج المقارن. و تبلورت نظرته إِلى الأدب المقارن في مقالاته في مجلة «الأدب المقارن» و مجلة «مكتبة الأدب المقارن». وفي عام 1931 أصدر فان تييغم أول كتاب نظري عرفه العالم بعنوان «الأدب المقارن», وظل هذا الكتاب مرجعاً أساسياً في بابه حتى اليوم, وترجم إِلى عدد كبير من اللغات, ومنها اللغة العربية في منتصف القرن العشرين. وتتابعت بعد ذلك المؤلفات الفرنسية في الأدب المقارن نظرية وتطبيقاً, ومن أشهرها كتاب غويار «الأدب المقارن» عام 1951 وترجم كذلك إِلى العربية عام 1956. وبدءاً من هذا التاريخ أخذت تظهر في فرنسا تحديات لما يمكن تسميته بالنظرية الفرنسية التقليدية في الأدب المقارن, وكان أبرزها الهجوم الحاد الذي شنّه رنيه إِتيامبل R.Etiemble على ڤان تييغم وگويار, وظهر بعد ذلك في كتابه «الأزمة في الأدب المقارن». وقد تعثر الأدب المقارن في الدول الأوربية الأخرى ولم يصب تطوراً في بريطانيا ربما حتى تسعينات القرن العشرين وكذلك كان شأن ألمانيا وإِيطاليا والاتحاد السوفييتي. ففي بداية التسعينات انتعش الأدب المقارن في القارة الأوربية, وذلك مع ازدياد نشاط الرابطة الدولية للأدب المقارن AILC. وزاد من قوة هذا التطور النشاط الأمريكي المتسارع في مجال البحث المقارن، و المؤتمرات الدولية. و في سنوات معدودات حقق المقارنون الأمريكيون حضوراً متميزًا في مختلف أوجه البحث المقارن مع أن الولايات المتحدة دخلت متأخرة نسبياً في حقل الأدب المقارن. ومن أجل استكمال نشأة الأدب المقارن تحسن الإِشارة إِلى التواريخ الرئيسية التالية: 1889 تولى تشارلز جيلي C.M.Geyley تقديم مادة النقد الأدبي المقارن في جامعة مشيگن, ثم انتقل إِلى جامعة كاليفورنيا وأنشأ عام 1902 قسماً للأدب المقارن. 1890-1891 أنشأت جامعة هارڤرد أول كرسي للأدب المقارن في أمريكة, تحول عام 1904 إِلى قسم كامل. وفي سنة 1946 تولى رئاسته هاري لڤين Harry Levin وأعاد النظر في برامجه, وخلفه ولتر كايزر W.Kaiser. 1902 جرى إِحياء كرسي قديم للأدب العام يعود إِلى سنة 1886 في جامعة كورنل على يد كوبر الذي أصبح فيما بعد رئيساً لقسم كامل للأدب المقارن فيها من 1927-1943. على أن دراسة الأدب المقارن في أمريكة ظلت حتى العشرينات مختلطة بـ «الأدب العام» و«أدب العالم» و«الروائع» و«الإِنسانيات». وفيما بعد بدأ يظهر تميز الأدب المقارن في الجامعات ، وصَاحَبَ ذلك ظهور مجلات للأدب المقارن في عدة جامعات مثل أوريغون Oregon عام 1949. ومن أهم التطورات في هذا المجال صدور المجلد الأول من «الكتاب السنوي للأدب العام والمقارن Yearbook of General and Comparative Literature» وذلك عن جامعة (نورث كارولينة) عام 1952. وفي عام 1961 انتقلت إِدارة الكِتاب إِلى جامعة إِنديانة Indiana, وما زال يصدر عنها حتى اليوم. ومنذ الخمسينات بدأت تتوالى الكتب الجامعية في الأدب المقارن, وتسود فيها طريقة التأليف الجماعي أو الدراسات المجموعة, وتتنوع مادة هذه الكتب بين النظرية والتطبيق كما تتنوع وجهات النظر. ومن أبرز التطورات في تاريخ الأدب المقارن تأسيس الرابطة الدولية للأدب المقارن عام 1955. وتعقد هذه الرابطة مؤتمراتها العامة كل ثلاث سنوات ولها نشاطات متنوعة, وقد عُقد مؤتمرها الأول في البندقية بإِيطالية. ومنذ ذلك الحين انحصرت مؤتمراتُها واجتماعاتها في العواصم الغربية, حتى عام 1991 عندما عقد مؤتمرها الثالث عشر في طوكيو, وفي ذلك إِيذان بتزايد إِسهام اليابان في الأدب المقارن, وبخروج الرابطة جغرافياً من بوتقة الغرب. على أن الأدب المقارن بقي حتى اليوم علماً غربياً, وبقي إِسهام المنظومة الاشتراكية فيه محدوداً, وأقل منه إِسهام البلدان النامية. ومنذ البدء اختلط مفهوم «الأدب المقارن» بمفهومي «الأدب العام» و«الأدب العالمي». والملاحظ أنه حتى نهاية الثمانينات وبعد كل ذلك التطور المهم الذي حققه الأدب المقارن, ما زالت هذه المفهومات مختلطةً حتى في بعض الجامعات العريقة. ومن هنا كان الربط الدائم بين الأدب المقارن والأدب العام في تسميات الأقسام الجامعية في دول أوربية كثيرة. كذلك يلاحظ أن الكتاب السنوي الأمريكي ما زال يحمل تسمية الأدب العام إِلى جانب الأدب المقارن. ج_ ومن الضروري التفريق بين هذه الحقول المعرفية الثلاثة. فالأدب العالمي world literature مصطلح من وضع غوته[ر], وكان ينطوي على أمل بزمان تصير فيه كل الآداب أدباً واحداً. ولكنه تحول بالتدريج إِلى الدلالة على تلك السلسلة الذهبية من الأعمال الأدبية التي قدمتها قرائح من مختلف شعوب العالم, وترجمت إِلى اللغات المختلفة, واكتسبت صفة الخلود, وارتفعت إِلى مصاف الروائع classics المعترف بقيمتها الفنية والفكرية في كل أنحاء العالم, وبالطبع تنضوي هذه الروائع تحت تخصصات الأدب المقارن. والملاحظ أن سلسلة الروائع العالمية ظلت حتى ستينات القرن العشرين تحت تأثير المركزية الأوربية Euro- centralism, ولكنها أخذت تتسع بالتدريج لبعض الأعمال خارج نطاق الغرب, ربما بتأثير نمو التبادل الثقافي والتوسع في مفهوم الجوائز الأدبية العالمية. أما الأدب العام general literature فمصطلح استعمل غالباً لوسم تلك الكتابات التي يصعب أن تُصنَّف تحت أي من الدراسات الأدبية والتي تبدو ذات أهمية متجاوزة لنطاق الأدب القومي. وهي أحياناً تشير إِلى الاتجاهات الأدبية أو المشكلات أو النظريات العامة في الأدب, أو الجماليات. كما صُنِّفت تحت هذا العنوان مجموعات النصوص والدراسات النقدية والتعليقات التي تتناول مجموعة من الآداب ولا تقتصر على أدب واحد. وهكذا يتطابق الأدب العام أحياناً مع مبادئ النقد ونظرية الأدب, أي مع كل دراسة أدبية تركز على التنظير ولا تقتصر أمثلتها على أدب واحد. ويقل استعمال مصطلح «الأدب العام» اليوم ويكاد ينحصر في الدلالة على أنواع متفرقة من الدراسات الأدبية التي يصعب أن تُصنف في نطاق الأدب القومي أو العالمي أو المقارن. د_ اتجاهات الأدب المقارن: إِن المفهوم الأصلي للأدب المقارن هو مفهوم ما يسمّى جوازاً «المدرسة الفرنسية التقليدية», إِذ حدد مؤسسها الفعلي بول فان تييغم الأدب المقارن «بأنه دراسة آثار الآداب المختلفة من ناحية علاقاتها بعضها ببعض». كما أكد جان ماري كاريه أن الأدب المقارن يعتمد على مفهوم التأثر والتأثير من خلال الصلات بين الآداب أو الأدباء من بلدان مختلفة, واستبعد المقارنات غير القائمة على الصلات من منهجية الأدب المقارن. كما رفض كل من كاريه وغويار فكرة التطابق بين الأدب العام والأدب المقارن. وعدّ غويار الأدب العام والأدب العالمي « مطمعين غَيْبييّن» وآثر أن يسمي الأدب المقارن, تاريخ العلاقات الأدبية الدولية. وقد تمسكت هذه المدرسة بالمنهجية التاريخية الصارمة, وحاولت تمييز منهجية الأدب المقارن ومنطقه ومنطقته من سائر الدراسات الأدبية واقتربت من العلمية والحياد, وتناولت مسائل مثل الشهرة الأدبية والنفوذ ( غوتة في فرنسة), وطوّرت منهجاً يذهب إِلى أبعد من جمع المعلومات التي تتعلق بالمراجعات والترجمات والتأثيرات ليتفحص الصورة الفنية ومفهوم كاتب معيّن في وقت معيّن إِلى جانب عوامل النقل المتعددة كالحوليات والمترجمين والصالونات والمسافرين, وكذلك وجّهت انتباهها إِلى عوامل التلقي والجو الخاص والوضع الأدبي الذي أدخل فيه الكاتب الأجنبي, وبالإِجمال :«فقد تم جمع كثير من الشواهد عن الوحدة الصميمة بين الآداب الأوربية خاصة, كما ازدادت معرفتنا بالتجارة الخارجية للأدب». غير أن هذه المدرسة ما كادت تحقق وجوداً أكاديمياً معترفاً به حتى انبثقت منها أصوات معترضة تنكرها أشد إِنكار, وقام رنيه إِيتيامبل في الخمسينات, على رأس مجموعة من الكتاب اليساريين, بمهاجمة هذه المدرسة على أساس أنها تمثل المركزية الأوربية الاستعمارية وأنها قدمت آداب العالم جميعاً كما لو كانت منبثقة من بحر الآداب الأوربية أو منصبةً فيه, ولم تُعط آداب آسيا وإِفريقية وأمريكة اللاتينية حقها من البحث والاستقصاء. وقد هاجم إِيتيامبل زميله غويار واتهمه بالتعصب الإِقليمي والقومي وتركيز كل أضواء التأثير على الأدب الفرنسي, وطالب المقارنين أن ينحّوا جانباً «كل شكل من أشكال الشوفينية والإِقليمية وأن يعترفوا أخيراً أن حضارة الإِنسانية التي جرى في سياقها تبادل القيم على مدى آلاف السنين لا يمكن أن تُفهم أو تتذوق من دون إِشارات متواصلة إِلى هذه التبادلات التي تقتضي تركيبتها منا ألاّ نركّز نظام بحثنا حول لغة واحدة معينة أو بلد واحد معيّن». وابتداء من الستينات بدأت الأفكار الأمريكية ذات الطابع العملي والانفتاحي تسيطر على ساحة الأدب المقارن. وقدم رينيه ويلك نظرات تركيبية شمولية وفي الوقت نفسه انبرى هنري رماك H.Remak بتقديم اتجاه جاد للخروج من المعضلة, وذلك في مقالة منقحة ومزيدة ومفصلة عام 1971, وفيها راجع مفهومات الأدب المقارن واتجاهاته بنَفسٍ علمي وانتهى إِلى توسيع منطقه ومنطقته على النحو التالي: حيث عرف «الأدب المقارن بأنه دراسة الأدب خلف حدود بلد معيّن, ودراسة العلاقات بين الأدب ومجالات أخرى من المعرفة والاعتقاد مثل الفنون كالرسم والنحت والعمارة والموسيقى, والفلسفة, والتاريخ, والعلوم الاجتماعية كالسياسة والاقتصاد والاجتماع, والعلوم, والديانة, وغير ذلك. وباختصار هو مقارنة الأدب بمناطق أخرى من التعبير الإِنساني». وهذا التعريف: ينطلق من فكرة التأثر والتأثير ليتجاوزها إِلى المشابهة أي أنه يركز على العلاقات ولا يجعلها شرطاً لازماً, وأنه يضيف بعداً جديداً إِلى منطقة الأدب المقارن بدفعه إِلى دراسة العلاقات بين الأدب وحقول المعرفة الأخرى ولاسيما الفنون. وبذلك يسجل نقطة إِضافية شديدة الأهمية. وقد بدا رماك متساهلاً في موضوع صلة الأدب المقارن بالتذوق الأدبي, ولكنه بالنتيجة احتفظ بجوهر منطق الأدب المقارن وهو دراسة الأدب خارج حدوده الجغرافية واللغوية والمعرفية. وتبدو نظرية رماك أكثر قبولاً اليوم في العالم. و بلدان أوربة الشرقية لم توجه عناية خاصة للأدب المقارن, وكانت منطلقاتها بوجه عام مستوحاة من ثورة إِيتيامبل. وتُعدُّ هنغارية ويوغسلافية أكثرها احتفاءً بالأدب المقارن. هـ _وظيفة الأدب المقارن: يجري دائماً تساؤل حول وظيفة الأدب المقارن. ومثل هذا التساؤل لا يتم عادة إِلا على الحقول المعرفية الجديدة, ذلك أن العلوم لا تقدم نفسها تقديماً نفعياً مباشراً. ومع ذلك يمكن القول إِن الأدب المقارن: يقدم فهماً للأدب أفضل وأكثر شمولاً وأقدر على تجاوز جزئية أدبية منفصلة أو عدة جزئيات معزولة. ويميز ما هو محلي وما هو إِنساني مشترك. ويحدد الصلات والمشابهات بين الآداب المختلفة وبين الأدب وحقول المعرفة الأخرى. ويسهم في تخليص الأقوام من النزعة الشوفينية والنرجسية المسيطرة في مجال الآداب القومية المختلفة. ويقدم للنقد الأدبي ودارسي الأدب فرصة لتوسيع آفاق معرفتهم وتوثيق أحكامهم حتى الجمالية منها, لأن المقارنة تبقى أقوى أسلحة الناقد إِقناعاً. ويقدم فرصة ممتازة لتطور نظرية أدبية قائمة على فهم طبيعة امتدادات الأدب خارج حدوده. إذن يمكن إجمال وظيفة الأدب المقارن بما يلي: 1- الحوار: يمكن للأدب المقارن أن يمثل جسرا للحوار بين الثقافات المختلفة من خلال إيجاد مواطن التأثير والتأثر بين النصوص الإبداعية لتلك الثقافات وتشخيص نقاط الاختلاف والائتلاف بين الأنظمة الثقافية والأدبية المختلفة. 2- التركيز على البعد الإنساني للأدب: وذلك من خلال إبراز التقارب بين الغايات القصوى التي ترمى إليها الآداب القومية المختلفة، والتي قد تتباين من حيث وسائل التعبير واللغة، لكنها تتآلف من حيث الغاية. 3- الترجمة: إذ يرى العديد من الباحثين أن هناك ارتباطا وثيقا بين مستقبل الأدب المقارن وازدهار الترجمة في العديد من بقاع العالم، فدراسات الترجمة تنبع من الدراسات اللغوية والأدبية والتاريخية والأنثروبولوجية والنفسية والاجتماعية والعرقية وغيرها، ودراسات الترجمة تقوم على افتراض أساسي، وهو أن الترجمة ليست نشاطًا هامشيًّا، ولكنها كانت وما تزال قوة تغيير قادرة على تشكيل تاريخ الثقافة. لقد اعتبر الأدب المقارن الترجمة فرعا صغيرا من فروعه. 4- التكافؤ الثقافي: ويتحقق من خلال ردم الهوة بين الثقافات المتباينة ورفع الغبن التاريخي الذي لحق ببعض الثقافات، لأن التاريخ لم يشهد تساويًا وتكافؤًا كاملاً في مستوى تطور الحضارات، بل جعل ثقافات بعض الشعوب ثقافات مهيمنة ومسيطرة، فيما جعل بعض الثقافات ثقافات مقلِّدة او مهمَّشة. عليه فإن مهمة الأدب المقارن هي خلق حالة من التوازن و التكافؤ بين الآداب و الثقافات المختلفة". وإذا نظرنا إلى الأدب المقارن باعتباره العلم الذي يدرس "العلاقات الروحيّة الدولية" على حدّ تعبير المقارن الفرنسيّ غويار ، نجد أنّ لنا مصلحة ثقافية كبيرة في أن نعرف ما يستقبله أدبنا من مؤثرات أدبية وفكرية أجنبيّة، ومايرسله إلى الآداب الأجنبية من مؤثرات أدبية وفكرية. إنّ مصلحتنا الثقافية تقتضي أن تكون علاقاتنا الأدبية بالعالم الخارجيّ علاقات متوازنة. بعيدة عن الانعزالية والتبعية. فاستقبال الآداب الأجنبية من قبلنا يعرّفنا بتلك الآداب وبشعوبها، وهذا مكسب ثقافيّ لنا. كذلك فإنّ استقبال أدبنا العربيّ في العالم من خلال الترجمة إلى اللغات الأجنبية يعرّف الأمم الأجنبية بثقافتنا ومجتمعنا وقضايانا ويبرز الوجه الحضاريّ لأمتنا. وإذا أخذنا الأدب المقارن بمفهومه النقدي الذي يعرف بالمدرسة الأمريكية، ذلك المفهوم الذي يدرس الأدب المقارن بموجبه الظواهر الأدبية في جوهرها الجماليّ بصورة تتجاوز الحدود اللغوية والقومية للآداب من جهة، ويقارن الأدب بالفنون ومجالات الوعي الإنساني الأخرى من جهة ثانية، فإنّ استخدام هذا المنهج المقارن في دراسة الأدب العربي أمر عظيم الفائدة. فهل يمكن أن تفهم أجناس رئيسة في الأدب العربي، كالمسرحية والرواية والقصّة القصيرة والأقصوصة، مالم تؤخذ أبعادها الخارجية والعالميّة في الحسبان؟ وهل يمكن أن تفهم المدارس والاتجاهات الأدبية، الفنيّة والفكرية، في الأدب العربي الحديث بمعزل عن تلك الأبعاد؟ وهناك اتجاه رئيس آخر في الأدب المقارن يرى فيه علماً يدرس التشابهات التيبولوجية أو النمطيّة بين الآداب. فالتشابه بين أدب قوميّ وأدب قوميّ آخر أو مجموعة من الآداب القوميّة الأخرى لا يرجع إلى عامل التأثير والتأثر فقط، بل هناك من التشابهات بين الآداب ماليس له بالضرورة علاقة بذلك العامل. إنها التشابهات التي أطلق عليها المقارن الروسيّ فيكتور جيرمونسكي (viktor zirmunsky) تسمية "التشابهات التيبولوجية أو النمطية" . ودراسة هذه التشابهات بين الأدب العربي وبين الآداب الأخرى، قريبة كانت كالأدبين الفارسيّ والتركيّ، أم نائية كآداب الصين واليابان وفيتنام والفلبين وأمريكا الجنوبية، يمكن أن تساعدنا في فهم كثير من جوانب أدبنا، كخصوصيّة الأجناس الأدبية فيه، أو خصوصية التيارات والمدارس الأدبية وتوقيت ظهورها. إن دراسة التشابهات التيبولوجية تظهر لنا ما هو عامّ ومشترك بين أدبنا وبين الآداب الأخرى، وما هو قوميّ وخاصّ بذلك الأدب، وهذا مكسب معرفيّ. و ازدهر في الدراسات المقارنة نوع من الدراسات التي تستند على نظريتي التناصّ والتلقي الإبداعيّ . ومثل هذه الدراسات قد يسهم بتصحيح النظرة إلى علاقة أدبنا بالآداب الأجنبية، ويضع حدّاً لكلّ ذلك الجدال حول "السرقات الأدبية" وحول خضوع الأدب العربي الحديث لمؤثرات أجنبية أفقدته أصالته. حيث أظهرت نظر

abdoucom

الكاتب الاجتماعي والاديب والشاعر : نزار عبد الرزاق .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 392 مشاهدة
نشرت فى 16 سبتمبر 2014 بواسطة abdoucom

حين يسبح "المرأ" في نقامير احلامه، لايجد موسعا الا قدراته، وحين يحلم بعيدا عن وطنه تلزمه غصة، تقينه صديدا، لانه تعدى على " فساحة حلم الغير"، عندها تطير الاطياف، فلا تترك لنا نحيبا، ولا شعرا نرتويه، غير" خمريات معتقه،" تسيل لعاب القرافيص، طالعت ملحمة اناشيد لزمن، سيأتي "للشاعر العربي اسحاق قومي،"


ادركت منذ الوهلة الاولى عمق العشق الباطني "لفيحاء "جاثمة على بوار الاديم، تسكننا منذ الولادة، تغنى "قومي" بالارض والوطن والنبع والخلود فيه، باسلوب جذاب ، اعطى الحبكة" قيمتها الشعرية"، سنحاول ان نقتفي اثرها بمعايير" التقطيع الزمني" والنقدي لتفاصيل ملحمة الاناشيد..
01- السفر بين نقطتين متاهة واغتراب
بدأ الشاعر باجابة متناهية، وكانه اخفى "لا الناهية للجنس "عندما قال ابدا: اجابة مدسوسة في خم سؤال مندس، يزيد الشوق لمعرفة "تأين سؤاله المتخفي"، وهو ما ينذر ان القص سيكون "ملحمي بالطبيعة الانية للظرفية،" كيف ذلك ؟؟هنا يستلزم الامر ابداء نوع من التوضيح في هذه المسألة المترتبة على الابدبة ،ما بعدها حرف نداء، وهنا يتاكد السائل والمسؤول ، فالاول اختفى بعيدا والثاني "منادى" منشغل ادخل له الشاعر (وظيفية السفر) ، فهو مسافر ، يسقط الان مرحلية السفر بين نقطتين ، لان القاريئ لتفاصيل السفر لا يجد بلدتين وانما يجد استعارتين ، ما بينهما تشاكل ابتيمي معقد (طريق الدم )، ومسافة مخصصة للضوء والقصيدة.
والشاعر هنا يلمح ولا يفسر اضنه سيترك ذلك لاحقا ، لكن حتى نفسر للقارئ زاوية "البعد الغرائبي" بين تيار السفر في دمه وبين رسم "طريق للضوء والقصيدة " فاذا كان مجرى الدم قد اجر فيه "ليسافر المنادى"، فانه من الاليق ان يكون "السفر" للقصيدة الوضاءة المستنيرة التى ستزيل غبنا عن كائنات متخفية ،( أبداً ياأيَّها الذي يسافرُ في دمي مسافة ٌ للضوءِ والقصيدة ْ) ويعود في "المقطع الثاني "لينثر بعض الاوزاع عن "المنادى"،الذي تقول سابقا بفخر الاعراب(. أنتَ الذي قلتَ: تجيءُ ولا تجيءْ).
يقحم الشاعر "عقدة غريماس "في المقولية المتناقضة الكاهلة بين مرتع التناوب(تجئ ولا تجئ)، وذهب مفسرا للفظة "لا تجئ" لانه بالنسبة له تعكس وجه "العجب والكبرياء "في "المنادى" وكأني به فسر "مقولته كراوي" ، متخذا من البحر والرمل شبيهين في اسقاط المثال ، فالبحر لايتقدم ان شدته الرمال، من حيث الحركة، نستطيع ان نقول ان البحر قد" يتثاقل كالنت" في دفع ديجوره الى الساحل ،غير آبه لا بالحصى ولا بالرمال، "الشاعر" لم يأخذ العملية برمتها وانما ، اخذ" توقف البحر" من قبل الرمل على سبيل" لحظة "يكون قد رآها حقا اثناء "سمرته الصوفية" قبالة البحر(.. أنتَ الذي لا تجيءُ كما البحرُ حينَ تشدهُ الرمال) فهذا الذي بينه وبين القلب "مسافة لحظة"، تشده "اريحية التشكيل الخارجي للظاهرة" وقد تسلل الى الخارج، ليترك النص مقفلا، باحثا عن" ضوضاء المدينة " ليعطينا التنافي بين بطله والمحيط،.....
02-الفلسفة الشعرية وجنوح التمثيل الاسطوري
يتجه الشاعر كما سبق الى مساحة الوسط، حيث يصف وينقل شهادات حية، لما يحيط بذلك "الناظر" الى ماء الزرقة، وهو يقامر" حبات الرمل المتزينة ببريق الشمس،" يرى موانئ الصيد ، قد عجت بالمودعين من الاقارب والخلان(. والموانىءُ سَكْرى بالوداعِْ) في غمرة هذا التوديع ، ينطر الشاعر الى نفسه مستصغرا بقوله ( منْ يُطعمُ قلبيَّ زهرةً وقصائدْ؟! منْ يُطعمُ عِشقيَّ قبلةً ًويسافرْ؟)) هي ليست "انقاصا" من شان تولهه، بل هي "غمرة السؤال "لعاشق طامع يسأل " حسرة مترجرجة" يبحث عن" زهرة وقصائد "للاطعام قلبه وتسكينه، وهنا نستشف الحالة "القومية نسبة الى اسم الشاعر" التى تشبه عادات القلب المتقيدد عند الاعراب ، ويبحث من جهة ثانيةعن قبلة ويسافر بعدها لاطعام عشقه، فالفلسفة الشعرية هنا ترتكز على "المتقارن،" بين نقيضين يصفان حالة عشق بين القلب عندما يحكم نفسه وبين العشق الذي يسكن وسط القلب ، ويدعي صاحب القلب بافظليته المشاعرية، يظهر لنا نورسا (طائرا كالوصع الذي احبه) يزين جبهة الشاعر بالبروق والمطر..ولم يكتف عند هذا الحد ،بل ذهب معه في الماضي بالتعريف بخصلة فيه مفادها ان المنادى كان دما يعشق الرحيل، ولما عاش الشاعر في المهجر يظهر توظيفه بكثرة لملفوظات (الرحيل السفر المجرى الخ ) انظر قوله (! نورساً كنتَ تعمدُّ جبهتي بالبروق ِ والمطرْ.. وكنتَ دميِّ الذي يعشقُ الرحيلْ) يظهر لنا مجددا حالة سيكولوجية من حالات "المنادى" تتمثل في تردد وتغير الانفاس من "المنادى" وكانه لايقدر على توديعه لانه صنع لنا حالة مرضية(يرتدي الخوفُ رئتيهِ) وتفسيرها "انحباس الهوى" في جوف "الرئتين" فلا يقدر المتنفس عن "ممارسة الحالة الطبيعية " لانه كان يجلس قبالة هيامه..وما برر تلك الحالة هو استعماله لملفوظ(مكبل) وهي سقف "حالة من اللابداع الفكري "عندما تختزن دقننات الهواء في تباشيم التنفس..
تنطلق من جديد،" قرينة الانتماء الى القرية "او بالاحرى الى" اصل الطين" في تلك المنابع الاولى التى اجتمعت حولها "القوميات" في شتى حنايا الطفولة ، لازال غبار الاسمدة ينطح تلافيف الخبز القروي، يزكم انفه حد الاتقاد، (ما اروع وما اجمل ان يبحث المرأ في تفاصيل القوية)(. مسكونٌ برائحةِ الخبز القروي.)،
يستقطب بين "الفينة والاخرى "اغنية البراءة الاولى عندما تتبع العيون "تباسيم الانوثة الخاثرة "التى تتروى "امام ناظرينا" ننتظر زمن طيابها ولم تنفتح كالزهرة العملاقة يصير الوجد اليها حرقة ..اه.. تترسم هنا "خيوط الاحباك "، عند الشاعر بتجربته القياسية ، ينهض فينا "امبولات الطفولة الحارقة"، الم يكن "جناح الاخر" دفتي القرية وتراتيب صبحها الجميل، الم يكن الغناء اطفاء لحرقة وصهوة الفحولة، ايام الوقار ، واجندة الفاتح،؟؟؟ الم يكن الصوت الذي يتمدد ببحة" قومية" معروفة لها صدى كالعاديات الرائقة،؟؟؟ وكان الشاعر بين هذا" التساؤولات الفعلية" ينتشي سراب، لحد الثمالة، ( بينَ جَناحيكَ غنيتُ مرة ً رغمَ صوتي الذي لا يجيءْ وكنتُ ثمُلاً بالسرابْ) من وسطها " وسط القرية" المترنحة ببقايا صور من "ماضي كلها براءة "، تتماوج الية" الغناء" وهي ايقونة اغطش تفاصيلها الشاعر لانها الوسيلة التى "تحسس الحاس بجنون الغربة" .
ذكر "الغناء" كعلامة لانه اخر ما تبقى من زمن "تجنى" خوضا في الدماء ،فصار "الغناء دوحة الى الموت،"فان اشمخت صوتك "عنان السماء" وتجاهلتك الطبلات، تجد نفسك في طريق الموت، وخاصة لما تعلم ان النشيد كان من القلب من هناك حيث تتمايل "زهرة البراري"، فكيف لايسمع لي عليه ان يسمع، وينسلخ الوطن من "حجم المعاناة" ليصير في عرف الكلام "موالا" يشيد بالالتحام، وزقزقة عصفورية "سابحة" على اطراف المجد يكتظي" الشاعر" من جديد تفاصيل المدينة "الاغترابية" يشيد بمواقئها الصافية المنتظرة كالعادة ،يقرفها الحمام ويسديها الطيف "الياجوري"، وارصفة تتدفق بروائح السمك الاغلى من نسل "كائنات "نامت تحت الجودي عندما مر...( نوح)،، ولما يرى يمتد البصر في ايفينى الشذى مرحلة طويلة "متباعدة اكثر من السراب،" وما يدل على لهفة وحرقة كبيرتين عند اسحاق، لدرجة ان يسكب الدم مرحلا على سكرة الغثيان من كثرة الشوق فيصير المدى محمولا بحبه، وتتطاول سماسم النوى ، وتتنقل بين "ابحر المناجاة "كلائل من شبقية الترحل اليه، كم هو" غالي الوطن" ، كم هو صعب ان تلتهم حقيقة البعد عنه، وكم هو صعب ان لايسمعك(. وبيني وبينك َ لا يأتي المطر)...
02- ادوات حفر العمق في المعنى
يحدث التخديش في "عمق المعنى" متسائلا ويرتاد المعاكسة في قوالبه الماضية.متحسرا على ايام مضت كما مرت تجاعيد الانسان، بحق قد لايحس ابن الثلاثين كيف تتهاوى السنون على" مشارف الخميسن او الستين" وما بينهما بدلا، في" تنوم" المسترجعات يتذكر، ويال هوس الذكرى بعد ان يختلط العقم بالجراح المتواصلة( تتعافى وتتنافى) حال الملح بالتراب، كلها من" صديد الذكريات " التى لايحل مفاتيحها الا "الاغنيات"...وما بقى في جعبتنا حين يحل الوضوح والصحو الا ان نأمرك بالقدوم ، وهو ما تسميه الرحيل (يشدُّك َالموج ُللرحيل ِ خوفاً اعبرْ دمي نهراً ولا ترحلْ) ولا يجد "الشاعر" هنا "مزحة ولا وسعة "الا ان يطلب من الاخر "غربة" من عذاب تتطاول بين الفجر وهمس الليل، يقدمه كسهر" عربونا وعقابا" لان عينيه سبقتا لسانه( امتشقني قامة ًللفجر.! اعتذاراً للذي قلتُ:لهُ أنَّ ما بين عيونك َ بقايا حصادي لعينيكَ )، كيف يعبر هذا الذي "يمتشق "الا ان يكون عاشقا بين "قامة وسفينة" تسبح من اشواق ،(قرأتُ على الفجر ِ فاتحة ٌ للعِشقِ ِ.والمساء.)
هنا اسقط الشاعر "حكاية الجودي" ونبينا نوح عليه السلام وكان لايجب من باب القدسية فقط لان نوح علمه "ربي" ولم يعلم اخرا كما طلبت ولو فعل لنجح مع ولده ، مخاترة اعيب فيها "النص من زاويتي " رغم انه ابدع قلت ياشاعر (. أنتَ نوحٌ ..فعلمني كيف يكونُ الموج ُ عبوراً لليابسة؟!) هنا لولا القدسية لنصحك، ولكن في طلب الثاني غير مبرر مع سيدنا نوح ( وعلمني كيف َ تكون ُالقراءة ُدرباً للجلجلة؟)
03- مستقبل الماضي في اريحيات الشاعر قومي اسحاق
تتقاسمني "اوجاعك" الحارقة ايها الشاعر ، وانت في "يخضور عطائك،" تصور نهاية بطل "جف دمه" لو يدرك الانسان معنى "جفاف الدم "، لنفظت الروح من اوراها ، وانت اسهمت في " صياغة تراجيدية" مشهدية امبيريقية واضحة ،الزمت الاخر بانك تجلس "الان " لوحدك ومن طرفك على العهد، والتمني وشمعدان الحرقة الذي اضاء كان "دما" رجع بهالشاعر الى تعظيم قدر الاخر ، وتقلباته من "زمن الفراشة والقلوب" ، ذاك الحب المترف بين" قيسون الحدائق والخمائل "ما كان الا دم هو الذي جف ، بين تغاريد البراءة ، لقد وفقت هنا في امرين اما الامر الاول ، فقد اسقطت "فعل الجفاف "على الدم وهو ما نعنيه "بالانيميا " يمثل احساسا مرضيا ربما يخيف "الشاعر" لانه احرس الناس من الناس على العلم به، وبا خطاره، والامر الثاني ، انك جعلت "عيون البراءة " تواصلا تاريخيا لانهم " عيون المستقبل" فقد صورت لنا مستقبلا مرة في الاطفال ومرة في الشمس، ولكنك ادميت القلب "مرة ثالثة" حين ارخت لولادتك في الصمت(سأولدُ في صمت ِ المقابر ِ زمناً للتوحد ِ. ) كان لايجب "اهدار القيم الايجابية " لتموت في صمت وما قبلها اودعت المستقبل في عيون البراءة ، يبتئس "الشاعر" هنا من احساس يقربه الى " ازمات صحية (وقبلَ أنْ أُودعَّ فجركَ علمني كيفَ أُغني نشيداً للصباح ِالقادم ِ والنهار ِ العظيم ِ؟!) نعم برغم انسيابك معنويا وانحدارك نحو الوهن، الا انك تفقص اريحية ، لاطالما كانت عند " شعراء الرابطة " ايام زمنهم موجذا خلابا وهم يخللون "المعنى بخل التفاح" .
05-تضاريس العاطفة والحس في مملكة الاسحاق
يستقرئ الشاعر" قومي اسحاق، "متتاليات تعليمية يطلب حفظها عن "روية من الاخر"، لانه يدرك ان المنادى موسوعة " جندرية" تحيك الطلاقة وتذيب شحوم البشرة المتنطحة لفتح اقفالها ( علمني كيف َ تكون ُ شفاهي طعماً للقبُرّات ِ؟) ولا تستمر في دوحتها حين يكشف "المنادى" ان الرحيل وان رحل هو مستقبل في "ماضي" كائن فلا يمكن ان نتحدث عن الرحيل ( ! علمني كيف َ يكون ُ الرحيل ُ بقاءً في الأزمنة؟) وتعليمك الشعر، فهذه مؤاخذة ،انت من البداية تفنن في "مووايل العشق "فكيف يعلمك هو؟؟؟ وانت من ارقدت جوانبه(ليست فقط ك( ِ؟ قرابين لا تُهدى على طاولات ِ الريح ِ المسافرة ) بل اكثر من غيرها.
لانه باختصار الصوت والصورة "حبيبة اسحاق "، ارض ْ.تتغنى على الدوام مثل "الارض " كل المتطابقات وضعتها فاحسنت الوضع حين اغضبت الحبيبة ، وهي نائمة تتدلف لك من ودق الشوق والحرقة دسائس يخضورية براقية لولبية تحمل كل فنون الحياة ، فان تنام فلها الحق لان الصبح قريب وان تغفو فلها الحق ان تتنطع امام الموانئ تنتظر الغد الاشوري ، الم يعبق "الاشوريون " من نسمات البحر، اخبار الجنون والحرقة والامل .
مهما سفرت الحبيبة وهجرتها فانت لم تهجر الا نفسك ،لانها قابعة في دمك ...ودمك لازال جافا وبارواء "غفوته" الزمان وطلة جابية على جبين الاشراق تشرق معك الوانها البهية في غاية الشموخ والابداع .. احييك واحي فيك التكون من زمان الى زمان والقول لك (....وسافرتْ قبل َالرياحْ وهاجرتْ قبل َ التكوِّن ِمن ْ زمانٍ .من زمان.)
وضعت ايها الشاعر تضاريس عاطفية من جبال ونهر وربيع وبرق مقابل تضاريس حسية من صبايا، واحلام لتستعين بولادة امل كبير جعلته في شكل امنية تعليم وهو (علمني كيف َ يبدأ ُ الزمان) عندما تأنف الرحيل ويتحرر دمك وتصير اسحاقا بكل المقاييس البطولية.....عندها وفقط...يحمى الوطيس وتنفض الجاثمة صوب موانئك...مرددة بهرج الغرب في عينيك..

abdoucom

الكاتب الاجتماعي والاديب والشاعر : نزار عبد الرزاق .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 235 مشاهدة
نشرت فى 13 سبتمبر 2014 بواسطة abdoucom

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

62,924